سابقة تاريخية.. ماذا بعد حجب الثقة عن الحكومة الفرنسية؟

محمد النحاس

في خطوة تاريخية، أسقط البرلمان الفرنسي، يوم الأربعاء 4 ديسمبر 2024، حكومة رئيس الوزراء ميشيل بارنييه بعد 3 أشهر فقط من توليه المنصب.

وجاء هذا القرار بعد تصويت بحجب الثقة هو الأول من نوعه منذ أكثر من 60 عامًا، مما زاد من تعقيد المشهد السياسي في البلاد، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية “فرانس برس”.

أغلبية تُطيح بالحكومة

جرى الإطاحة بالحكومة بعد أن حصل اقتراح حجب الثقة، الذي قدمته الكتلة اليسارية المتشددة، على دعم حاسم من اليمين المتطرف بقيادة مارين لوبان.

وحظي الاقتراح بموافقة 331 نائبًا من أصل 577 في الجمعية الوطنية، وهو ما شكّل ضربة قوية لرئيس الوزراء وحكومته.

بداية الأزمة

بدأت الأزمة على خلفية مشروع قانون لتمويل الضمان الاجتماعي الذي مرره بارنييه دون تصويت، مما أثار غضب المعارضة.

وبحسب رئيسة الجمعية الوطنية، يائيل برون-بيفيه، يتعين على بارنييه الآن تقديم استقالته للرئيس إيمانويل ماكرون، الذي يواجه تحديًا كبيرًا لتعيين خلف مناسب لإكمال ما تبقى من ولايته حتى 2027، وفق صحيفة “لبيراسيون” الفرنسية.

ماكرون في قلب العاصفة

عاد الرئيس ماكرون إلى باريس على عجل، قاطعًا زيارته الرسمية للسعودية، حيث كان يتجول في مواقع أثرية كجزء من مشروع سياحي سعودي.

وبعد عودته، واجه ضغوطًا هائلة بسبب سقوط حكومته، وهاجم ماكرون اليمين المتطرف لدعمه اقتراح حجب الثقة، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى زعزعة الاستقرار السياسي.

تداعيات داخلية وضغط خارجي

تعاني فرنسا من حالة من التوتر المتزايد، مع استعداد النقابات لتنظيم إضرابات واسعة النطاق يوم الخميس، احتجاجًا على خطط التقشف التي تهدد بقطع الخدمات العامة مثل التعليم والنقل الجوي والسكك الحديدية.

في الوقت نفسه، ينتظر ماكرون حدثًا دوليًا مهمًا يوم السبت المقبل، حيث سيعيد افتتاح كاتدرائية نوتردام بعد حريقها المأساوي عام 2019، بحضور شخصيات بارزة، من بينهم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في أول زيارة خارجية له بعد انتخابه.

معضلات سياسية

وصفت صحيفة ليبراسيون حجب الثقة بأنه “فشل ذريع لماكرون”، بينما أشارت صحيفة لوموند إلى أن دعم مارين لوبان لهذه الخطوة قد يهدد شعبيتها بين داعميها التقليديين من رجال الأعمال والمتقاعدين.

من جهته، رأى النائب اليساري إريك كوكيريل أن هذا التصويت يمثل “جرس إنذار لنهاية ولاية ماكرون”.

خيارات محدودة 

مع عدم إمكانية الدعوة إلى انتخابات جديدة قبل عام، يجد ماكرون نفسه أمام خيارات ضيقة لتعيين رئيس وزراء جديد.

ومن بين الأسماء المطروحة وزير الدفاع الموالي له، سيباستيان لوكورنو، والسياسي الوسطي فرانسوا بايرو، إلى جانب إمكانية اختيار برنارد كازنوف، رئيس الوزراء الاشتراكي السابق.

سابقة تاريخية

يُذكر أن هذا التصويت الناجح بسحب الثقة هو الأول منذ عام 1962، عندما فقدت حكومة جورج بومبيدو ثقة البرلمان في عهد الرئيس شارل ديجول.

ومع ذلك، فإن حكومة بارنييه باتت الآن الأقصر عمرًا في تاريخ الجمهورية الخامسة التي بدأت عام 1958.

ربما يعجبك أيضا