ليس إغلاق الوكالات الفيدرالية بالأمر الهين لأن له تداعيات اقتصادية سلبية طويلة الأمد.
ساعات تفصل الولايات المتحدة عن الوصول إلى الموعد النهائي لما يسمى “الإغلاق الحكومي“، قبل أولى دقائق غد الأحد 1 أكتوبر 2023.
ويأتي هذا بعد جولات فاشلة من المفاوضات لم يتمكن خلالها المشرعون الأمريكيون من الوصول إلى اتفاق ينهي الأزمة، وسط استقطاب حاد داخل أروقة الكونجرس.. فكيف سيتأثر المواطنون؟ ولماذا وصلت الحكومة إلى هذا الحد؟
الإغلاق الحكومي.. ما هو؟
بعد أشهر معدودة من تجاوز الولايات المتحدة أزمة سقف الدين، تعصف بالبلاد أزمة جديدة لها تبعات سلبية، وهي أزمة الإغلاق الحكومي، والتي تعني تعطل الوكالات الفيدرالية والعديد من المصالح الحكومية، وتوقف عملها نتيجة لعدم الاتفاق على أوجه التمويل، وكيفية توجيهه مع بدء السنة المالية الجديدة.
وحال لم يصل أعضاء الكونجرس إلى الاتفاق، منتصف ليل السبت 30 سبتمبر 2023، ستعلق بعض الدوائر الحكومية أعمالها، وسيضطر ما يزيد على نصف مليون موظف فيدرالي إلى التوقف عن العمل، وستتوقف الوكالات عن الدفع للموظفين خلال تلك الفترة، وفق ما جاء في تقرير نشرته شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية.
هل يتوقف الجميع عن العمل؟
خلال فترة الإغلاق يستمر في العمل العاملون في القطاعات المرتبطة بالأمن القومي، والسلامة العامة، وإنفاذ القانون، ومراقبة الملاحة الجوية. ولن تغلق الوكالات الفيدرالية والقطاعات الحكومية كافة بطبيعة الحال، لكن من يسري عليه الإغلاق أقل المؤسسات الحكومية أهمية.
وحتى عودة الحكومة للعمل بنحو طبيعي، تضع كل وكالة فيدرالية خطة طوارئ تحدد وظائفها الأساسية التي ستستمر، وعدد من سيواصل العمل، ومن سيتوقف طول فترة الإغلاق. ونتيجة للتوقف الجزئي أو الكلي يتأثر قضاء حوائج الأمريكيين اليومية بذلك، وفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
ليس الأول
من غير الممكن على وجه التحديد معرفة موعد العودة مجددًا إذا ما وقع الإغلاق، لكنه ليس الأول من نوعه، فعلى مدار الأعوام الـ50 الماضية دخلت الولايات المتحدة في 22 حالة إغلاق حكومي.
وفي حديثه لشبكة رؤية الإخبارية فرّق خبير الشأن الأمريكي أحمد طارق بين سقف الدين الفيدرالي الذي يقره الكونجرس وهي الأزمة التي اشتعلت قبل أربعة أشهر وأزمة إغلاق الحكومة، ففي حين أن الأول معني بقدرة الحكومة الفيدرالية على الاستدانة، فإن الخلاف الثاني مرتبط بالاختلاف حول أوجه إنفاق الوكالات الفيدرالية.
وكان الخلاف الداخلي في الحزب الجمهوري عاملًا رئيسًا في تعقيد الموقف، خاصة في مجلس النواب، وعدم الاتفاق على أوجه الإنفاق وأولويات كل وكالة فيدرالية. ويرجع وجود تضارب في الآراء داخل الحزب الواحد إلى اختلاف توجهات الناخبين في الولايات، إلى جانب التصورات المتفاوتة لما يراه المشرعون المصلحة المُثلي.
التعاون مع الديمقراطيين
مع تأزم الموقف بين الجمهوريين، اضطر قادتهم إلى اللجوء إلى غرمائهم من الديمقراطيين، وهي الخطوة التي تجنبوها منذ بدء جولات المحادثات الداخلية، ويتمثل الهدف من هذه الخطوة في المحافظة على استمرار التمويل الفيدرالي عن طريق مشروع قانون مؤقت لمدة 45 يومًا فحسب، لا يتضمن حزم إنفاق تجاه أوكرانيا، ويتطلب إقراره موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب.
وواجه مكارثي تهديدات بالاحتفاظ بمنصبه طوال الشهر إذا عمل مع الديمقراطيين، حيث يواجه مقاومة مستمرة من المحافظين المتشددين في حزبه، حسب ما ذكرت نيويورك تايمز.
موقف معقد داخل الكونجرس
يتطلب المشروع المؤقت الذي اقترحه رئيس مجلس النواب، كيفين مكارثي، موافقة الديمقراطيين، بعد الرفض المدوي من كتلة جمهورية صلبة لدعم أي مقترح لعدم الوصول للإغلاق الحكومي. وقال مكارثي: “ما أطلبه من الجمهوريين والديمقراطيين على حدٍّ سواء، هو أن ينحوا انتماءهم الحزبي جانبًا، ويركزوا على المواطنين الأمريكيين”.
وليس من الواضح بعد ما إذا كان اقتراح الـ45 يومًا سيحظى بموافقة النواب أو الشيوخ، لأنه يتطلب موافقة ديمقراطية كبيرة في ظل رفض كتلة جمهورية عريضة، غير أن الديمقراطيين يصرون على إقرار حزم مساعدات مالية لأوكرانيا، وفقًا للشبكة الأمريكية.
تداعيات اقتصادية سلبية
اقتصاديًّا، ليس إغلاق الوكالات الفيدرالية بالأمر الهين، لأن لن تداعيات اقتصادية سلبية طويلة الأمد، وقد يؤدي لعرقلة معدلات النمو، وزيادة حالات عدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد واتجاهات السوق، وارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض النمو الإجمالي، وانخفاض التصنيف الائتماني، وبعبارة أخرى ارتفاع كلفة الاقتراض، حسب ما ذكرت “سي إن إن”.
ويزيد الإغلاق إجمالًا من ضبابية مستقبل الاقتصاد الأمريكي، فمكتب إحصاءات العمل يتوقف عن نشر الإحصاءات والأرقام والبيانات الضرورية بشأن نسب التضخم والبطالة، ومن ثم يصعب اتخاذ القرارات الاقتصادية على المستثمرين ورواد الأعمال، مع تراجع البيانات المتاحة.
وخلال الأسبوع الواحد قد تصل تكلفة الإغلاق إلى 6 مليارات دولار، وبجانب ذلك يتأثر نمو الناتج المحلي الإجمالي بتراجع قدره 0.1 نقطة مئوية في الربع الرابع من عام 2023، وفقًا لتقديرات شركة “إي واي”.
اقرأ أيضًا| الإغلاق الحكومي.. أزمة تضع الاقتصاد الأمريكي في خطر
اقرأ أيضًا|يلين: لا مؤشرات على تباطؤ الاقتصاد الأمريكي وأحذر من الإغلاق الحكومي
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1628231