سنوات من التخطيط لتدميره.. هل انتهى خطر حزب الله؟

شروق صبري
صاروخ حزب الله على اسرائيل

حتى لحظة اغتياله، لم يعتقد الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، أن إسرائيل قد تقتله. في 27 سبتمبر 2024، حيث كان نصرالله يختبئ في قبو تحت الأرض، على عمق 40 قدمًا، بينما كان مساعدوه يحثونه على الانتقال إلى مكان أكثر أمانًا.

ورغم هذه التحذيرات، ظل نصرالله متمسكًا بموقفه، معتقدًا أن إسرائيل ليست مهتمة بحرب شاملة. ما لم يكن يعلمه هو أن الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية كانت تتابع تحركاته عن كثب، وأن هذه المراقبة كانت جزءًا من حملة استخباراتية استمرت لعقود.

الهجوم المدمر

في أعقاب الحملة الاستخباراتية، شنت الطائرات الإسرائيلية من طراز F-15 هجومًا عنيفًا على القبو الذي كان يختبئ فيه نصرالله مع عدد من قادة حزب الله. أسفر الهجوم عن تدمير تام للموقع، ما أدى إلى مقتل نصرالله وأحد كبار الجنرالات الإيرانيين المتواجدين في لبنان.

ووفقًا للاستخبارات، تم العثور على جثتيهما بعد موتهما نتيجة الاختناق. كانت هذه العملية جزءًا من حملة عسكرية شاملة استمرت أسبوعين، دمجت فيها إسرائيل تقنيات الاستخبارات المتطورة مع القوة العسكرية التقليدية. وذلك حسب ما نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أمس الأحد 29 ديسمبر 2024.

هجوم حزب الله الأكبر على إسرائيل
تجسس إسرائيل على حزب الله

منذ عام 2012، كانت وحدة 8200 الإسرائيلية، التي تعادل وكالة الأمن القومي الأمريكية، تواصل اختراق المعلومات الحساسة المتعلقة بحزب الله. شمل هذا العمل زرع أجهزة تنصت داخل مخابئ الحزب ومتابعة تحركات قادته.

إضافة إلى ذلك، تم جمع معلومات حول الاجتماعات السرية التي كان يعقدها أحد القادة مع أربع من عشيقاته. رغم هذه النجاحات، واجهت الاستخبارات الإسرائيلية بعض الانتكاسات، مثلما حدث في عام 2023 عندما بدأ أحد فنيي حزب الله في التشكيك في البطاريات المستخدمة في أجهزة الاتصال الخاصة بهم.

تفجير الأجهزة

في سبتمبر 2023، تمكنت وحدة 8200 من جمع معلومات تشير إلى أن حزب الله كان يرسل بعض أجهزة الاتصال إلى إيران للفحص.
وبناءً على هذه الاستخبارات، تم اتخاذ قرار بتفجير الأجهزة، مما أدى إلى مقتل نصرالله في  27 سبتمبر 2024  بعد اجتماع رفيع المستوى. هذا الهجوم كان بمثابة انتصار استخباراتي كبير لإسرائيل، وجاء بعد سلسلة من العمليات الناجحة ضد حزب الله.
التأثير الإقليمي

كان القضاء على نصرالله بمثابة ضربة كبيرة لإيران، التي كانت تدعم حزب الله لزعزعة استقرار المنطقة. وكانت الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد حزب الله جزءًا من حرب أوسع نطاقًا أسفرت عن مقتل آلاف الأشخاص في لبنان وتدمير جزء كبير من البنية التحتية في البلاد. وهذه العملية لم تؤثر فقط على حزب الله، بل كان لها تأثير كبير على الاستراتيجية الإقليمية لإيران، التي سعت لتمويل مجموعات شبه عسكرية معادية لإسرائيل.

الفجوة الاستخباراتية

مقتل نصرالله أظهر الفجوة الكبيرة في التقديرات الاستخباراتية الإسرائيلية. بينما كانت إسرائيل تركز بشدة على حزب الله، الذي كان يُعتبر التهديد الأكبر على الأمن الإسرائيلي، فإن حماس في قطاع غزة كانت قد تمكنت من تنفيذ هجوم مفاجئ في 7 أكتوبر 2023.

الهجوم أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص واحتجاز 250 رهينة. هذه الفجوة في التقديرات الاستخباراتية أدت إلى رد إسرائيل.

التحديات المستقبلية

يتوقع الخبراء أن حزب الله سيحتاج إلى سنوات طويلة لإعادة بناء قيادته بعد مقتل نصرالله، إذ تفتقر القيادة الجديدة للحزب إلى الخبرة القتالية، لكنهم سيواصلون القتال ضد إسرائيل بدعم من إيران.

ورغم الخسائر الكبيرة، يظل حزب الله يشكل تهديدًا مستمرًا للأمن الإسرائيلي، ويُتوقع أن يستمر في تلقي الدعم الإيراني.

موساد واستخبارات

في السنوات الأخيرة، عملت الموساد على تطوير خطط لاختراق حزب الله من الداخل. تم تقديم أجهزة اتصال مزروعة بالمتفجرات للحزب، مما أسهم في تقويض قدرة الحزب على التواصل. هذه الأجهزة، التي تم تصميمها لتكون قابلة للتفجير في أي وقت، كانت جزءًا من استراتيجية استخباراتية تهدف إلى تقويض الحزب من الداخل.

كما تم استخدام شبكات الشركات الوهمية لبيع أجهزة مزيفة لحزب الله، بما في ذلك أجهزة لاسلكية معدلة تحتوي على متفجرات. في سبتمبر 2023، شنت إسرائيل حملة عسكرية مركزة ضد حزب الله بعد أن بدأت شكوك الحزب تتزايد حول وجود مواد متفجرة في أجهزته.

استخبارات إسرائيلية

العملية العسكرية ضد نصرالله تبرز نجاحات إسرائيل في مجالات الاستخبارات والمراقبة. ومع ذلك، تكشف عن بعض التحديات التي قد تواجهها إسرائيل في المستقبل، لا سيما في ظل التغيرات المستمرة في المنطقة.

ويظل حزب الله، حتى بعد فقدان قيادته، تهديدًا طويل الأمد لإسرائيل، ومن المتوقع أن تواصل إسرائيل تطوير استراتيجيات جديدة للحفاظ على أمنها في مواجهة هذه التحديات.

ربما يعجبك أيضا