سياسات شي ليست سببًا.. خبير أمريكي يوضح «مفارقة» وراء مشكلات الصين الاقتصادية

آية سيد
«صواريخ معيوبة».. الاستخبارات الأمريكية تكشف سبب حملة تطهير الجيش الصيني

حسب كروجمان، الحائز على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية، تعاني الصين من "مفارقة الادخار".. فما هي؟


عزا معظم المحللين مشكلات الصين الاقتصادية إلى الأحداث والسياسيات الأخيرة للرئيس الحالي، شي جين بينج.

لكن الخبير الاقتصادي والأستاذ الفخري بكلية برينستون الأمريكية للشؤون العامة والدولية، بول كروجمان، رأى أن مشكلات الصين الاقتصادية تراكمت منذ فترة طويلة، وأن شي ليس السبب الوحيد ورائها.

بداية الصعود                                     

في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أمس الخميس 31 أغسطس 2023، أوضح كروجمان أن الصين، بعد تولي دينج شياو بينج السلطة في 1978 وتطبيق إصلاحات قائمة على السوق، شهدت صعودًا هائلًا استمر 3 عقود.

وكان هذا الصعود ممكنًا بفضل تبني الصين للتكنولوجيات، التي جرى تطويرها بالخارج، وأتاحت لها زيادة إنتاجيتها بسرعة استثنائية، وفق ما يراه الخبير الاقتصادي الأمريكي.

بداية التراجع

منذ أواخر العقد الأول من الألفية الثانية، بدا أن الصين فقدت الكثير من هذه الديناميكية. وأشارت تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن الإنتاجية الكلية للعوامل، وهي مقياس لكفاءة استخدام الموارد، نمت منذ 2008 بنصف سرعتها في العقد السابق.

وحسب كروجمان، قد لا تكون هذه التقديرات صحيحة بالكامل، لكن وجد تباطؤ واضح في معدل التقدم التكنولوجي. وكذلك لم تعد الصين تمتلك التركيبة السكانية التي تدعم النمو السريع. فبعد أن بلغ عدد السكان في سن العمل ذروته في 2015، بدأ التراجع منذ ذلك الحين.

اقرأ أيضًا| الاقتصاد يزداد سوءًا.. ما أسباب نهاية عصر الازدهار الصيني؟

ما السبب؟

عزا الكثير من المحللين فقدان الديناميكية في الصين إلى رئيسها الحالي، شي جين بينج، الذي تولى المنصب في 2012، وكان أكثر عداءً للمؤسسات الخاصة من أسلافه.

لكن كروجمان لم يتفق مع هذا الطرح، ورأى أنه في حين أن فشل شي في معالجة هذه المشكلات بطريقة مناسبة يعكس قيوده الشخصية، فإنه يعكس أيضًا بعض التحيزات الأيديولوجية العميقة داخل الحزب الشيوعي الصيني الحاكم.

التباطؤ لا يعني أزمة اقتصادية

لفت كروجمان إلى أن تركيز شي على السيطرة على الدولة وتعسفه لم يساعدا بالتأكيد، لكن التباطؤ الصيني بدأ قبل تولي شي الحكم، لافتًا إلى أن لا أحد يجيد تفسير معدلات النمو على المدى الطويل.

وأضاف أن النمو الأبطأ لا يُترجم بالضرورة إلى أزمة اقتصادية، مشيرًا إلى أن اليابان قدمت أداءً مقبولًا إلى حد ما منذ تباطؤها الاقتصادي في أوائل التسعينات.

اقرأ أيضًا| اقتصاد الصين أمام أكبر تحدياته منذ رحيل الزعيم ماو تسي تونج 1976

مفارقة الادخار

حسب كروجمان، الحائز على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية، تعاني الصين من “مفارقة الادخار”، التي تقول إن الاقتصاد قد يعاني إذا حاول المستهلكون الادخار بقدر مفرط. وإذا لم تكن الشركات مستعدة لاقتراض، ثم استثمار، كل الأموال التي يحاول المستهلكون ادخارها، يكون الانكماش الاقتصادي هو النتيجة.

وهذا الانكماش قد يقلل الأموال، التي ترغب الشركات في استثمارها، لذلك فإن محاولة ادخار المزيد قد تقلل الاستثمار. والصين لديها معدل ادخار وطني مرتفع بنحو لا يُصدق، لكنه غير مستغل.

ووفق دراسة لصندوق النقد الدولي، فإن أكبر العوامل وراء ذلك هي انخفاض معدل المواليد، الذي يجعل الناس يشعرون أنهم لا يمكنهم الاعتماد على أبنائهم لدعمهم بعد التقاعد، وشبكة الأمان الاجتماعي غير الكافية، التي تجعلهم يشعرون أنهم لا يمكنهم الاعتماد على الدعم الحكومي.

ما الحل؟

الحل الواضح، من وجهة نظر الخبير الاقتصادي الأمريكي، هو تعزيز إنفاق المستهلكين، ومشاركة المزيد من أرباح المؤسسات المملوكة للدولة مع العاملين، وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي. وفي المدى القريب، يمكن للحكومة الصينية أن تمنح الأموال للشعب، عن طريق إرسال شيكات، كما فعلت أمريكا.

لكن هذا لا يحدث. وحسب العديد من التقارير، توجد أسباب أيديولوجية وراء ذلك. ولفت كروجمان إلى أن قيادة الصين تعاني من خليط غريب من العداء للقطاع الخاص، والطموحات غير الواقعية، ونوع من المعارضة المتزمتة لشبكة أمان اجتماعي قوية، في ظل إدانة شي لمبدأ “الرفاهية”، الذي قد يُضعف أخلاقيات العمل.

شلل سياسي

أشار الخبير الاقتصادي إلى أن نتيجة ذلك هي الشلل السياسي، لأن الصين تبذل جهودًا فاترة لدفع نفس أنواع الحوافز القائمة على الاستثمار، التي استخدمتها في الماضي.

وختامًا، قال كروجمان إن الصين قوة عظمى حقيقية، ولديها قدرة هائلة على تنظيم قدراتها. وعاجلًا أو آجلًا، ستتجاوز التحيزات المسبقة، التي تقوض استجابتها السياسية. لكن السنوات القليلة المقبلة ستكون سيئة بشدة.

اقرأ أيضًا| ما تأثير تراجع الاقتصاد الصيني في العالم؟.. الإيكونوميست تجيب

ربما يعجبك أيضا