شراكات ومؤتمرات.. روسيا تسعى لتعميق نفوذها في إفريقيا

ما هي تداعيات التوغل الروسي في الدول الإفريقية على القارة؟

بسام عباس
العلاقات الروسية الإفريقية

أعلنت روسيا استعدادها لانعقاد المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى الشراكة الروسي الإفريقي في الفترة من 9 إلى 10 نوفمبر الجاري، في منطقة “سيريوس” بإقليم كراسنودار.

وسيشهد المؤتمر مناقشة آفاق فرص التعاون الحالية بين روسيا والدول الإفريقية في عدة جلسات عامة، مع اعتماد إعلان عام و3 إعلانات قطاعية بشأن موضوعات أمن المعلومات الدولي ومكافحة الإرهاب ومنع سباق التسلح في الفضاء.

 توسيع النفوذ

وفقًا لموقع (Summit Africa) الروسي، فإن المؤتمر يهدف إلى تعزيز التعاون الشامل بين روسيا والدول الإفريقية في مختلف المجالات، السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية، ويبدو أن موسكو تسعى لتحقيق أهداف أعمق تتجاوز التعاون التقليدي، فهي تتجه نحو توسيع نفوذها في القارة الإفريقية وتثبيت مكانتها كلاعب مؤثر.

من جانبه، قال رئيس أمانة منتدى الشراكة الروسية الإفريقية، بوريسوفيتش أوزيروف، إن فكرة عقد مؤتمر وزاري تعكس القضايا الرئيسية الشاملة التي سجلتها الوثائق الختامية للقمة الروسية الإفريقية الثانية، وفي الشكل الجديد للتفاعل، من الضروري مواصلة العمل بهدف الدعم المتبادل لأولويات التعاون والمصالح الوطنية لروسيا والدول الإفريقية.

منتدى الشراكة الروسي الأفريقي

منتدى الشراكة الروسي الأفريقي

وكشف موقع “أوراسيا ريفيو”، في تقرير نشره الأربعاء 6 نوفمبر 2024، عن تزايد مؤشرات الاهتمام الروسي بإفريقيا في ظل تراجع الاهتمام الغربي بالمنطقة، فوجدت موسكو فيها فرصة لسد الفجوة وتعزيز حضورها، خاصة بعد تعرضها للعقوبات الغربية التي عزلتها عن الأسواق الأوروبية.

فاجنر والنفوذ العسكري

تنشط مجموعة فاجنر في نحو 12 دولة إفريقية، سواء عبر مجموعات صغيرة من المدربين، أم بوحدات أكبر تضمّ عدة مئات من القوات، وتتمركز في جمهورية أفريقيا الوسطى، وموزمبيق، ومالي، وليبيا، والنيجر، وتقدم خدماتها أيضًا في غينيا الاستوائية وزيمبابوي والكونغو، لضمان أمن المناجم أو الشركات الروسية.

وتعمل مجموعة “فاجنر” كذراع عسكري غير رسمي، وتقدم تدريبًا للجيوش الوطنية وتحمي المنشآت الحساسة وتؤمن كبار المسؤولين وتزويدها بالمعدات العسكريّة روسية الصنع، كالهليكوبتر أو المسيرات، أو أسلحة مضادة للدبابات، وفي مقابل الخدمات الأمنية، تقوم فاجنر باستغلال ونهب مناجم الذهب في أفريقيا الوسطى وتقطيع الأخشاب الاستوائية الثمينة.

 استعادة الدور القديم

أوضح التقرير أن روسيا تسعى الآن لاستعادة دورها القديم من خلال أدوات جديدة وأساليب أثارت قلق العديد من المراقبين، خاصة مع خبرتها تاريخية في دعم دول إفريقية إبان الحقبة السوفيتية، كما أنها تحاول لعب دور متزايد في النزاعات الإفريقية بتقديم الدعم العسكري والتقني لبعض الدول مثل ليبيا، والسودان، ومالي، وجمهورية إفريقيا الوسطى، وغيرها.

ولفت إلى أن روسيا تؤسس لتحالفات استراتيجية مع قادة الدول الإفريقية عبر تقديم الدعم العسكري والسياسي لهم، ما يعزز من قبضتهم على السلطة، ورغم أن روسيا تُروِّج لدورها كقوة داعمة للاستقرار، فإن دعمها لأنظمة سلطوية في القارة يزيد من حالة عدم الاستقرار الداخلي ويجعل الديمقراطية بعيدة المنال في العديد من تلك الدول.

وأشار إلى أن روسيا تسعى لبسط سيطرتها على الموارد الطبيعية الغنية في إفريقيا، مثل الذهب، واليورانيوم، والماس، لما لهذه الثروات من أهمية استراتيجية بالنسبة لموسكو، وعبر التعاون مع الدول الإفريقية واستمالتها، تتمكن موسكو من استغلال هذه الموارد بأسعار تنافسية، ما يعزز من اعتماد تلك الدول على النفوذ الروسي.

صراع جيوسياسي

تستغل موسكو مشاعر السخط تجاه القوى الغربية عبر حملات دعائية مركزة تهدف إلى إلقاء اللوم على الغرب فيما يتعلق بالتحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها إفريقيا، ولكن هذه الحملات غالبًا ما تزيد من حدة الانقسامات الداخلية وتعزز من التوترات بين الفئات المختلفة في المجتمعات الإفريقية، ما يسهم في خلق بيئة من عدم الاستقرار المستمر.

وأوضح التقرير أن تصاعد النفوذ الروسي في إفريقيا يضعها في أتون الصراع الجيوسياسي بين الشرق والغرب، حيث تعمل موسكو على استغلال الثروات الطبيعية واحتياجات الدول الإفريقية لتحقيق مصالحها وتثبيت نفوذها في مواجهة القوى الغربية، دون الاهتمام بتطلعات الشعوب الإفريقية نحو الأمن والاستقرار.

ربما يعجبك أيضا