أصبح السؤال الأهم الذي يدور في إيران بوقتنا الحالي هو: ما مستقبل الحوار مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟ الذي فرض شروطًا مسبقة قبل الدخول في حوار فعلي مع طهران.
أدى ذلك إلى ارتفاع أصوات التيار المحافظ المعارض للحوار مع أمريكا وانكماش الإصلاحيين إلى درجة التهديد بالخروج من الحياة السياسية، وذلك وسط ارتفاع موجة السخط بين المواطنين جراء موجات الغلاء المتتالية والفشل الاقتصادي بسبب تشديد العقوبات الأمريكية، بينما تطمح حكومة بزشكيان إلى رفعها بقوة الحوار الدبلوماسي.
ترامب ومرسومه
عقوبات غير متوقعة
بينما كان ترامب يشير دائمًا إلى رغبته في الحوار مع طهران، وقّع الرئيس الأمريكي بشكل مفاجئ على أمر تنفيذي قبل ساعات من لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي، سيتم بموجبه فرض عقوبات صارمة على إيران.
وتشمل هذه العقوبات خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر وفرض قيود على الأسلحة التقليدية، وهي أمور لم تكن متوقعة بالنسبة لإيران، التي اعتبرتها طهران محاولة من ترامب لإخضاعها لمطالبه تحت وطأة الضغط والتهديد.
دونالد ترامب
شروط مسبقة
تشير مصادر إعلامية إلى أن المرشد الأعلى علي خامنئي، قد اتخذ موقفًا غاضبًا من إدارة ترامب، بعد تلقيه رسالة تحمل عدة شروط وضعها الرئيس الجمهوري قبل قيامه برفع أية عقوبات عن إيران، وحمل نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، جواد ظريف، تلك المطالب إلى طهران بعد عودته من زيارته بغداد.
وتتعلق الشروط التي وضعها ترامب بتقييد قدرات إيران النووية، إلى جانب ملفات خارج الموضوع النووي، منها: مطالبة طهران بإيقاف عمليات تخصيب اليورانيوم، وتقييد برنامجها لتطوير الصواريخ بعيدة المدى وكذلك برنامجها للطائرات المسيّرة، بالإضافة إلى قضايا تتعلق بعلاقات إيران مع روسيا والصين، وتعاونها معهما في ممر شمال-جنوب وممر شرق-غرب للتجارة الدولية والترانزيت.
ترامب وسياسة أقصى ضغط من العقوبات ضد إيران
أجواء ضبابية
أشار خبير السياسة الخارجية، حسن هاني زاده، إلى أن الإجراء الأخير الذي اتخذه ترامب قد عكّر أجواء التفاعل بين إيران والولايات المتحدة، خاصة أن العقوبات الأمريكية ستضع البلاد والحكومة الإصلاحية في مشاكل داخلية، وسينتهي الأمر بإغلاق باب المفاوضات، خاصة أن الرد الرسمي الإيراني على هذه التحركات السياسية دخل مرحلة جديدة وحساسة لم تكن متوقعة.
واعتبر السياسي الإيراني في حوار مع صحيفة “ستاره صبح”، الأربعاء 12 فبراير 2025، أن تصرفات ترامب تجاه إيران متسرعة، فقد كان من المتوقع ألا يكرر أخطاء الماضي حيث غادر الاتفاق النووي عام 2018 إبان عهد ولايته الأولى، بالإضافة إلى أنه يتحدث بطريقة إستعلائية.
وأضاف: إذا لم يستنتج ترامب أن نهجه تجاه إيران غير صحيح، فإن الأجواء السياسية الضبابية والمتوترة بين إيران والولايات المتحدة ستستمر، وفي مثل هذه الظروف، فإن الطريق إلى المفاوضات لن يكون مفتوحًا.
ترامب يوقع مرسوم استعادة أقصى ضغط من العقوبات على إيران
إعادة التفاوض
أشار هاني زاده إلى أن ترامب قال قبل التوقيع على مرسوم إعادة أقصى ضغط من العقوبات، إن “هذا أحد الأشياء التي لا يشعر بالسعادة حيال القيام بها، لكن الجميع يريدون منه التوقيع عليها”، وتظهر هذه التصريحات أن تيارًا متطرفًا في أمريكا يسعى للضغط على إيران، ويستخدم ترامب أداة لذلك.
وأضاف: “إذا قرر ترامب التحدث مع إيران، فإن الطريقة الوحيدة لتخفيف التوترات هي إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي بأمر تنفيذي أو إقامة مفاوضات جديدة مع إيران في إطار الاتفاق النووي”، لكن المرسوم الخاص بتشديد العقوبات ضد إيران لا يهدف إلى تخفيف التوترات.
وتابع: “ترامب يريد أن يقدم نفسه كصانع سلام”، حمل لواء حل الصراعات في الشرق الأوسط وسجل اسمه في التاريخ الأمريكي باعتباره الرئيس الوحيد الذي حل القضية الإسرائيلية في المنطقة، لكن أفعاله الأخيرة تجاه إيران تتعارض مع فكرة السلام.
سخرية من ترامب في تظاهرة إيرانية
رهان محكوم بالفشل
محلل الشؤون الدولية، علي بيكدالي، أشار في صحيفة “آرمان ملي”، إلى أن منطق الدبلوماسية يقتضي استخدام هذه الطريقة لتخفيف التوتر، ولكن عندما يضع ترامب شروطًا مسبقة للمفاوضات فهذا لا يتوافق مع مبادئ الدبلوماسية، مضيفًا إن إثارة القضايا الصاروخية والإقليمية والنووية ليست صحيحة على الإطلاق من حيث المبادئ التي تحكم الدبلوماسية وعملية التفاوض السياسي.
وتابع السياسي الإيراني، “إذا كانت أمريكا تتوقع من إيران أن تضع الماضي جانبًا وتبدأ العمل مع إدارة ترامب الحالية، فيمكن قول الشيء نفسه عن الجانب الآخر، يجب التخلي عن سياسة أقصى ضغط المتجذرة في الماضي وفتح مسار جديد، لابد من اتخاذ خطوات متبادلة”.
وأوضح بيكدلي أن “ترامب يتحدث من موقع عال، وليس من السهل أن تقبل إيران هذا، لأنه لا يمكن لأي دولة أن تدخل بسهولة في صفقة كهذه، ومن ناحية أخرى، يريد ترامب أن يخيفنا ويدفعنا إلى التفاوض في وقت أقرب وأسرع، وذلك من خلال اتباع سياسة الدبلوماسية القسرية”.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2134298