مع تسارع التحول العالمي نحو السيارات الكهربائية، تتنافس الدول والشركات لتحديد من سيقود المرحلة المقبلة من هذه الصناعة سريعة التطور.
منذ أكثر من عقد، كانت الولايات المتحدة رائدة بفضل شركة تسلا، بينما نجحت الصين لاحقًا في فرض هيمنتها بفضل دعم حكومي قوي وسلسلة توريد متكاملة، لكن اليوم، ومع استمرار المنافسة في قطاع السيارات الكهربائية، بات السؤال الذي يطرحه الاقتصاديون والمستثمرون هو من ستكون القوة العظمى المقبلة في هذا المجال؟
العملاق الصيني
بحسب تقرير صادر عن مجلة “الإيكونوميست” الأربعاء 19 مارس 2025، لا تزال الصين تتصدر المشهد العالمي بإنتاج نصف السيارات الكهربائية المباعة حول العالم، كما تهيمن على سوق البطاريات، وتحديدًا بطاريات الليثيوم أيون.
واستفادت الشركات الصينية، مثل BYD، من الدعم الحكومي الكبير ومن السيطرة شبه الكاملة على سلاسل التوريد، بدءًا من التعدين وحتى التصنيع.
لكن هناك تحديات، فقد أصبحت السوق المحلية الصينية مشبعة نسبيًا، ما دفع الشركات إلى البحث عن فرص أكبر خارج حدودها، خاصة في أوروبا وجنوب شرق آسيا، حيث تسعى إلى التوسع وتجاوز القيود التجارية المتزايدة من الغرب.
أمريكا أصبحت منافس
رغم تقدم الصين، إلا أن الولايات المتحدة بدأت في استعادة قوتها في السباق العالمي بفضل استثمارات ضخمة وحوافز قدمها قانون خفض التضخم الذي أقرته إدارة الرئيس بايدن.
هذا القانون يمنح إعفاءات ضريبية للمصنعين المحليين والمستهلكين الذين يشترون سيارات كهربائية أمريكية الصنع.
شركات مثل جنرال موتورز وفورد تضخ مليارات الدولارات في مصانع جديدة للبطاريات والمركبات الكهربائية، مع سعي الحكومة إلى تقليل الاعتماد على واردات الصين. كما تواصل تسلا، رغم المنافسة الصينية، دورها الريادي، خاصة في أمريكا الشمالية.
الاتحاد الأوروبي.. الحذر والاستثمار
في أوروبا، تسير الأمور بوتيرة أبطأ. صحيح أن الاتحاد الأوروبي يضغط لإنهاء بيع السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي بحلول عام 2035، لكن هناك قلقًا متزايدًا بشأن الاعتماد الكبير على الشركات الصينية، سواء في مجال البطاريات أو حتى السيارات الكهربائية الكاملة.
رداً على ذلك، أطلقت أوروبا مبادرات ضخمة لتعزيز إنتاج البطاريات محليًا، خاصة في ألمانيا والسويد، إلا أن التحديات اللوجستية والتكلفة المرتفعة للطاقة تهدد بتقليل تنافسية المنتجات الأوروبية مقارنة بالصينية والأمريكية.
اللاعبون الصاعدون
الهند تسعى لأن تصبح مركزًا عالميًا لإنتاج السيارات الكهربائية من خلال خطط حكومية طموحة لجذب الاستثمارات وتقليل التلوث في المدن الكبرى.
شركات مثل “تاتا موتورز” و”ماهيندرا” توسع إنتاجها، كما تتعاون الهند مع شركات كبرى في كوريا الجنوبية لتطوير صناعة البطاريات.
كوريا الجنوبية، بدورها، تواصل لعب دور حيوي كمورد رئيسي للبطاريات على مستوى العالم بفضل شركات مثل LG Energy Solution وSK Innovation، وتسعى لترسيخ مكانتها من خلال اتفاقيات توريد مع شركات أمريكية وأوروبية.
سباق معقد ومتعدد الأقطاب
تشير “الإيكونميست” أيضا إلى أن السباق نحو السيطرة على سوق السيارات الكهربائية قد لا ينتهي بفوز قوة واحدة، بل قد يشهد النظام العالمي ظهور عدة أقطاب متنافسة، مع تنامي الحمائية الاقتصادية وسياسات الدعم الحكومي.
وفي ظل الطلب المتزايد على السيارات الكهربائية في العالم، يبدو أن المعركة لا تتعلق فقط بالإنتاج، بل بالابتكار، والتحكم في سلاسل التوريد، والتكيف مع سياسات بيئية صارمة.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2168539