في تطور لافت على صعيد الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية، تتزايد المؤشرات حول إمكانية إتمام صفقة تبادل أسرى بين حركة حماس وإسرائيل في قطاع غزة.
ويأتي ذلك في وقت يشهد فيه الإقليم تصاعدًا في الجهود الدولية للضغط على الأطراف المعنية لوقف الحرب المستمرة منذ أكثر من 14 شهرًا، وأحد العوامل الرئيسة في هذه الديناميكية هو إعادة انتخاب دونالد ترامب لفترة رئاسية جديدة في الولايات المتحدة، حيث يواصل ممارسة ضغوطه على الحكومة الإسرائيلية، ما أسهم في فتح أفق التوصل إلى حل وإنهاء الصراع بشكل مرحلي، حسب شبكة “سي إن إن” الأمريكية، الثلاثاء 10 ديسمبر 2024.
ضغوط ترامب وتأثيرها على خيارات نتنياهو
في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن نتائج المحادثات التي جرت مؤخرًا في لبنان بين حزب الله وإسرائيل حول اتفاق لوقف إطلاق النار شكلت دفعة معنوية للمحادثات بشأن غزة، حيث بدأت الآمال تتزايد في إمكانية التوصل إلى اتفاق مماثل في القطاع، كما أثارت الأنباء الأخيرة حول تفاهمات بين حركتي حماس وفتح بشأن لجنة الإسناد المجتمعي، اهتمامًا كبيرًا في أوساط الإعلام، رغم رفضها لاحقًا من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة فتح.
وتسارعت وتيرة الحديث عن صفقة التبادل بعد تصريحات إعلامية إسرائيلية وعربية نقلت عن مصادر سياسية أن تل أبيب وحركة حماس اقتربتا من التوصل إلى اتفاق “صغير” يشمل وقفًا لإطلاق النار لمدة شهرين، مع تبادل أسرى من “الحالات الإنسانية” مثل المسنين والنساء والجرحى، بالإضافة إلى ذلك، يتضمن الاتفاق انسحاب الجيش الإسرائيلي من بعض المناطق في قطاع غزة.
وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، الأسبوع الماضي، أعلن ترامب أنه يريد إطلاق سراح الرهائن بحلول الوقت الذي يتولى فيه منصبه، محذرا من أنه بخلاف ذلك: “سيكون هناك جحيم شامل يدفعه الشرق الأوسط، والمسؤولون الذين ارتكبوا هذه الفظائع ضد الإنسانية”.
استمرار التفاوض
سعى وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، إلى التذكير بتحذير ترامب القوي، حيث قال لوكالة “رويترز” إن منشور الرئيس المنتخب كان “انعكاسا قويا لحقيقة أننا كأمريكيين عازمون على استعادة الرهائن”، مضيفًا: “أعتقد أنه موقف قوي من جانب جميع الأطراف التي تتبناه الولايات المتحدة، وسنسعى بكل الطرق الممكنة خلال الوقت المتبقي لنا لمحاولة إطلاق سراح الرهائن والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وأعتقد أن بيان الرئيس المنتخب يعزز هذا الموقف”.
وفي إطار هذا المسار، كان لافتًا ما نقله القيادي في حركة حماس، محمود المرداوي، في تصريحات صحفية، حيث قال إن الحركة كانت دائمًا منفتحة على التفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق، مضيفًا أن الحركة درست جميع العروض التي طرحت عليها وقدمت رؤيتها بمرونة تامة، مما فاجأ الوسطاء. كما أشار إلى أن حركة حماس “تواصل العمل بكل الوسائل المتاحة من أجل إنجاز صفقة تساهم في رفع معاناة الشعب الفلسطيني”.
من جهة أخرى، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية تحت ضغوط شديدة من المجتمع الدولي، وخصوصًا إدارة ترامب التي تسعى لتحقيق إنجاز دبلوماسي يرفع من رصيدها في المنطقة، ورغم هذه الضغوط، يوجد تردد داخل الحكومة الإسرائيلية، حيث يبدو أن تل أبيب مترددة في دفع استحقاقات صفقة تبادل الأسرى، لا سيما في ما يتعلق بالانسحاب الجزئي من غزة.
سيناريوهات المستقبل
وسط هذه التطورات، يرى مراقبون أن الفترة المقبلة قد تشهد انعطافة حاسمة في مسار المفاوضات، إذ تواصل الأطراف الإسرائيلية والفلسطينية التعامل مع الضغوط الدولية والإقليمية على قدم وساق، في حال تم التوصل إلى اتفاق، قد يشكل ذلك بداية لمرحلة جديدة من الحوار بين الطرفين، وقد يفتح المجال أمام تحقيق هدنة أطول الأمد وإعادة بناء الثقة المتضررة.
وفي هذا السياق، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح الضغوط الدولية، وفي مقدمتها ضغوط ترامب، في دفع إسرائيل إلى تقديم تنازلات حقيقية؟ وهل ستتمكن حركة حماس من تحقيق أهدافها الإنسانية والسياسية من خلال هذه الصفقة؟ الأيام القادمة قد تحمل الإجابة، لكن الواضح أن الظروف الدولية والإقليمية قد تكون الآن أكثر مواتاة من أي وقت مضى لإتمام صفقة التبادل هذه.
وإذا ما تم إتمام صفقة التبادل بين حماس وإسرائيل، ستكون خطوة هامة نحو تهدئة الأوضاع في غزة، ونتيجة للضغوط الأمريكية والإقليمية، قد تكون هذه بداية لمرحلة جديدة من التعاملات بين الأطراف المعنية. ومن هنا، يتساءل الجميع: هل ستكون هذه الصفقة بداية لفتح الباب أمام مفاوضات أوسع، أم أنها ستظل خطوة مؤقتة في صراع مستمر لا يُعرف له نهاية قريبة؟
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2072643