طرد السفير.. ماذا وراء التصعيد الأمريكي ضد جنوب إفريقيا؟

شروق صبري

مع تزايد الخلافات حول قضايا متعددة، من الدعم الفلسطيني إلى سياسات الأراضي، يبدو أن العلاقات بين واشنطن وبريتوريا تمر بمنعطف حرج.

ويبقى مستقبل العلاقة مرهونًا بمدى قدرة الطرفين على تجاوز خلافاتهما أو تعميقها في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة.

أزمة دبلوماسية

في مشهد يعكس توتر العلاقات الدولية، أعلن وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، أن السفير الجنوب إفريقي لدى واشنطن، إبراهيم رسول، لم يعد مرحبًا به في الولايات المتحدة.

القرار الذي وصفه البعض بأنه خطوة تصعيدية يحمل في طياته أبعادًا تتجاوز مجرد خلاف دبلوماسي، ليكشف عن تزايد الهوة بين البلدين على خلفية قضايا سياسية واقتصادية شائكة.

إعلان الإبعاد

أعلن روبيو، عبر منشور على منصة “إكس”، أن رسول أصبح “شخصًا غير مرغوب فيه”، متهمًا إياه بـ”إثارة النعرات العرقية” و”معاداة الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب”. وأضاف: ليس لدينا ما نناقشه معه، لذا فهو يُعتبر شخصًا غير مرغوب فيه”.

وجاء القرار بعد سلسلة تصريحات انتقد فيها رسول سياسات إدارة ترامب، مما أثار حفيظة المسؤولين الأمريكيين الذين رأوا في مواقفه تجاوزًا للأعراف الدبلوماسية، وفق ما نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، السبت 15 مارس 2025.

بداية متعثرة

وصل رسول إلى واشنطن بعد تقديم أوراق اعتماده للرئيس الأمريكي السابق جو بايدن في 13 يناير 2025، وفقًا لما نشره موقع السفارة الجنوب إفريقية. ورغم أن هذه لم تكن المرة الأولى التي يشغل فيها هذا المنصب، إلا أن ولايته الثانية سرعان ما اصطدمت بجدار من الخلافات السياسية.

حتى اللحظة، لم تصدر وزارة الخارجية الأمريكية أو السفارة الجنوب إفريقية أي تعليق رسمي على القرار، مما يترك المجال مفتوحًا لتكهنات حول ما إذا كان سيتم التراجع عن القرار أم أنه يمثل موقفًا أمريكيًا نهائيًا تجاه المبعوث الجنوب إفريقي.

من الدعم المالي إلى القطيعة

شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا تدهورًا ملحوظًا منذ أن قررت إدارة ترامب قطع المساعدات المالية عن بريتوريا، احتجاجًا على سياساتها الداخلية، لا سيما فيما يتعلق بإعادة توزيع الأراضي. ولم يكن هذا القرار سوى نقطة البداية لسلسلة من الخلافات المتصاعدة.

ويأتي قرار واشنطن بطرد رسول في ظل تصاعد التوترات بين البلدين، خاصة بعد أن تقدمت جنوب إفريقيا بدعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، متهمة إياها بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة. هذا الموقف أثار غضب الإدارة الأمريكية، التي تعدّ إسرائيل حليفًا استراتيجيًا، ما زاد من تعقيد العلاقة مع بريتوريا.

ترامب وسياسات جنوب إفريقيا

لم يكن الرئيس الأمريكي بعيدًا عن هذه الأزمة، إذ انتقد علنًا سياسات حكومة جنوب إفريقيا، متهمًا إياها بـ”مصادرة الأراضي” ومعاملة “فئات معينة من السكان” بتمييز واضح.

وجاءت التصريحات بعد توقيع الرئيس الجنوب إفريقي، سيريل رامافوزا، قانونًا يسمح بمصادرة الأراضي دون تعويض في بعض الحالات، بهدف تصحيح التفاوتات التاريخية في توزيع الملكية.

إيلون ماسك يدخل على الخط

لم تقتصر الانتقادات الأمريكية على البيت الأبيض وحده، فقد انضم الملياردير إيلون ماسك، المولود في جنوب إفريقيا، إلى الجدل.

وأكد أن “البيض في جنوب إفريقيا يتعرضون لتمييز عنصري عبر قوانين الملكية”. هذا التصريح جاء ليؤكد أن القضية لم تعد محصورة في العلاقات الدبلوماسية، بل أصبحت محل جدل دولي أوسع.

تصحيح الحقوق التاريخية

رغم الانتقادات، دافع رامافوزا عن القانون الجديد، مؤكدًا أن حكومته لم تصادر أي أرض حتى الآن، والهدف الأساسي هو تصحيح المظالم التاريخية وإعادة التوازن في ملكية الأراضي داخل البلاد ذات الأغلبية السوداء.

لكن هذه التبريرات لم تقنع إدارة ترامب، التي رأت فيها تهديدًا لحقوق المستثمرين والأقليات.

ربما يعجبك أيضا