طريق مسدود.. انهيار محادثات ائتلاف اليمين المتطرف في النمسا

بسام عباس
زعيم حزب الحرية النمساوي هربرت كيكل

انهارت محادثات تشكيل أول حكومة ائتلافية في النمسا بقيادة حزب الحرية اليميني المتطرف الأربعاء، بعد أيام من توقف مفاوضات حزب الحرية مع حزب الشعب المحافظ، حيث ألقى كل طرف باللوم على الآخر، وفق ما أوردته وكالة رويترز الأربعاء 12 فبراير 2025.

وكان حزب الحرية المتشكك في الاتحاد الأوروبي والمؤيد لروسيا يسعى لرئاسة حكومة لأول مرة منذ تأسيسه في الخمسينيات، وسوف يقرر الرئيس النمساوي، ألكسندر فان دير بيلين، ما إذا كان سيمنح حزب الشعب المحافظ فرصة ثانية لقيادة محادثات الائتلاف أم سيدعو إلى انتخابات مبكرة.

دعم اليمين المتطرف

أوضحت مجلة “وورلد بوليتكس ريفيو” أن فوز حزب الحرية اليميني المتطرف بالمركز الأول في الانتخابات النمساوية في سبتمبر الماضي، كان أحدث مثال على زيادة الدعم للأحزاب اليمينية المتطرفة في جميع دول أوروبا، ولكن لأن جميع الأحزاب الرئيسية الأخرى رفضت الدخول في محادثات الائتلاف معه، فقد تم تجاوزه في محاولة تشكيل الحكومة الأولى.

وأضافت، في تقرير نشرته الخميس 13 فبراير 2025، أنه عندما انهارت تلك المحادثات، تراجع حزب الشعب المحافظ عن موقفه، وبدأ المفاوضات مع حزب الحرية اليميني المتطرف، وبدا الأمر وكأن النمسا ستحظى بأول حكومة يقودها حزب يميني متطرف منذ الحرب العالمية الثانية.

الرئيس النمساوي، ألكسندر فان دير بيلين

الرئيس النمساوي، ألكسندر فان دير بيلين

ومع انهيار محادثات تشكيل الحكومة الائتلافية، أصبح حزب الحرية أحدث حزب يميني متطرف في أوروبا يصل إلى قمة السلطة، ولكنه يفشل في قيادة الحكومة، والواقع أنه منذ اختراق الحكومات الشعبوية غير الليبرالية في المجر وبولندا، التي يخضع موقفها من طيف اليمين واليمين المتطرف للنقاش، كانت إيطاليا هي الدولة الوحيدة التي قاد فيها اليمين المتطرف حكومة رسميًّا.

حجر صحي

قالت المجلة إن الأحزاب اليمينية المتطرفة استبعدت من تشكيل حكومات دول أوروبية أخرى، من أحزاب يمين الوسط والوسط الأوروبية، التي أقامت ما يسمى “الحجر الصحي”، ما يعكس وصمة العار المترتبة على العمل مع اليمين المتطرف والعزم على تجنب إضفاء الشرعية على الأحزاب المرتبطة بأصول فاشية تاريخية واتجاهات غير ليبرالية معاصرة، مشيرة إلى أن هذا الحجر الصحي يتآكل ببطء، في النمسا وهولندا وإسبانيا وفرنسا.

وذكرت أنه في كل هذه الحالات، أُبْعِدَ أقصى اليمين عن رئاسة الوزراء، حتى عندما احتل المركز الأول في الانتخابات، ولكن يمين الوسط أظهر استعداده للعمل معهم، ففي هولندا، يشكل أقصى اليمين الحزب الأكبر في حكومة يقودها التكنوقراط، وفي إسبانيا، كان رفض الأحزاب الصغيرة الدخول في ائتلاف سببًا في منع تشكيل حكومة وسط ويمين متطرف.

وأشارت إلى أن فرنسا رفضت حكومة الائتلاف التي تضم أقلية من الوسط ويمين الوسط الحكم مع أقصى اليمين، لكنها أعطتها نفوذًا هائلًا يعادل حق النقض بحكم الأمر الواقع في البرلمان.

أزمة واسعة النطاق

أوضحت المجلة أن هذه القرارات التي اتخذتها الأحزاب السائدة لم تكن خالية من ردود الفعل العنيفة والجدل، ولكنها لا تزال تؤكد على مدى ضعف الوصمة ضد أقصى اليمين، فيما استحوذت أحزاب يمين الوسط والوسط على جوانب من أجندة أقصى اليمين القومية، وخاصة من خلال تبني مواقف متشددة بشأن الهجرة، ونهج القانون والنظام في التعامل مع الأمن، والخطاب القومي القائم على الهوية.

وأصبحت الجهود الرامية إلى معارضة “تطبيع” اليمين المتطرف غير قابلة للاستمرار مع نمو هذه الأحزاب لتمثل ما يصل إلى ثلث الناخبين في بعض الحالات، وحتى مع ادعاء العديد من هذه الأحزاب وجود مساحة مشروعة في السياسة الانتخابية، فإن العديد منها تظل معادية للمبادئ الأساسية للديمقراطية الليبرالية، وحتى إذا ظلت غير قادرة على قيادة الحكومة، فإن هذا التحول يعكس أزمة أوسع نطاقًا للديمقراطية الليبرالية في الغرب.

ربما يعجبك أيضا