«طوفان الأقصى» تفضح المنظومة.. لماذا فشلت التكنولوجيا بحماية إسرائيل؟

«طوفان الأقصى» تكشف قصورا في جهاز الموساد الإسرائيلي

آية سيد
قطاع غزة

استخدم القادة التكنولوجيا لعزل الإسرائيليين عن الصراع بدلًا من معالجة أسبابه الجذرية.


رغم تباهي المسؤولين الإسرائيليين بامتلاك أكثر أنظمة المراقبة تطورًا في غزة، إلا أنه فشل في رصد طوفان الأقصى.

طالبة الدكتوراه في الأنثروبولوجيا بجامعة ديوك الأمريكية، صوفيا جودفريند، أرجعت الإخفاق إلى استخدام القادة للتكنولوجيا من أجل عزل الإسرائيليين عن الصراع بدلًا من معالجة أسبابه الجذرية.

فشل استخباراتي

في التحليل، الذي نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أمس الاثنين 30 أكتوبر، وصفت جودفريند فشل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في توقع هجوم حماس بأنه “صدمة”، نظرًا لمنظومات المراقبة والأسلحة المتطورة التي تملكها إسرائيل.

وبحسب الباحثة، ساعدت هذه المنظومات في فرض الحصار الإسرائيلي على غزة لمدة 16 عامًا، وتُستخدم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة.

لكن في 7 أكتوبر، لم يعمل هذا الجهاز الاستخباراتي بالنحو المطلوب، وقال خبراء الأمن ومناصرو حقوق الإنسان إن الهجوم يُعد دليلًا على أن التكنولوجيا لا يمكنها أن تصبح حلًا قابلًا للاستمرار لانعدام الأمن الإقليمي.

كيف حدث الهجوم؟

لماذا فشلت التكنولوجيا المتطورة في حماية إسرائيل؟

هجوم حماس على إسرائيل

رغم أن الأمر لا يزال قيد التحقيق، يبدو من المؤشرات الأولية أن الحركة الفلسطينية عملت تحت نظر إسرائيل، ووفق جودفريند، جمعت حماس قدرا كبيرا من المعلومات عن القدرات الاستخباراتية والبنية التحتية الأمنية لإسرائيل على مدار أشهر، وتدربت على الهجوم لأكثر من عام.

وقال الباحث بمعهد دراسات الأمن القومي بتل أبيب، يوحنان تسوريف، إن عناصر حماس “درسونا جيدًا، وعرفوا نوع التكنولوجيا التي نستخدمها في السياج، والأشياء الواجب تدميرها قبل اختراقه، وعلموا مكان وحدات الجيش، والدبابات، والقواعد”.

مراوغة التكنولوجيا

تعتمد التكتيكات الإسرائيلية في قطاع غزة على المنظومات الرقمية وذاتية التشغيل، وأوضحت جودفريند أن إسرائيل تتحكم في هذا الأمر، وتحد الوصول إلى الاتصالات والإنترنت في القطاع، وينشر الجيش المسيّرات على مدار الساعة لتنفيذ استطلاع جوي.

لماذا فشلت التكنولوجيا المتطورة في حماية إسرائيل؟

هجوم حماس المعروف بعملية طوفان الأقصى

لكن حماس أخفت استعداداتها عن طريق تجنب الاتصالات الرقمية نهائيًا أثناء التخطيط للهجوم، وجرى نقل الكثير من عملياتها إلى مخابئ تحت الأرض مجهزة بهواتف سلكية خارج نطاق شبكات الجيل الثاني التي يراقبها الجيش الإسرائيلي.

إدانات إسرائيلية

في أعقاب هجوم حماس، شجب أفراد من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية اعتماد الجيش الزائد على التكنولوجيا لاحتواء غزة.

وقال بعضهم إن الموارد تحولت بعيدًا عن القوات البرية على حدود غزة إلى الجيش المهووس بالتكنولوجيا، الذي أصبح “شديد الغطرسة”، حسب كلمات الجنرال المتقاعد، إسحاق باريك.

وقال الرئيس السابق للشاباك، عامي أيالون: “إذا كانت معظم معلوماتك الاستخباراتية تأتي من استخبارات الإشارات، فستصبح أعمى إذا عمل شخص دون هواتف خلوية أو اتصالات رقمية”، مضيفًا “لقد افترضنا أن حماس لن تهاجم الآن”.

التخلي عن السلام

في تصريحات لفورين بوليسي، قال أيالون، الذي يناصر حل الدولتين، إن الجيش الإسرائيلي استخدم التكنولوجيا للتركيز على الحلول السريعة للاضطرابات الإقليمية في الوقت الذي تخلت الحكومة عن أي إمكانية لتحقيق السلام الدائم.

وأضاف: “كانت سياستنا هي أنه ينبغي فعل كل ما بوسعنا للحفاظ على هذا الوضع، إدارة الصراع وليس حله، لأن حله يعني أننا سندفع ثمنًا باهظًا”، مثل إخراج مئات آلاف المستوطنين من الضفة الغربية المحتلة والتنازل عن أجزاء من الأراضي لأجل حل الدولتين.

وحسب جودفريند، أنفق الجيش الإسرائيلي مليارات الدولارات، معظمها جاء من المساعدات العسكرية الأمريكية، لتطوير طرق أكثر فاعلية لإدارة العنف الإقليمي، بدلًا من معالجة أسبابه الجذرية. وأكد الجنرالات للعالم أن الوسائل التكنولوجية ستكبح الجماعات الفلسطينية المسلحة في المنطقة.

استغلال الفرصة

لكن بمجرد تقاعد هؤلاء الجنرالات من الجيش، اشترك الكثير منهم في إدارة شركات الأسلحة. وتضاعفت الهجمات الإسرائيلية على غزة مع ظهور فرص لشركات الدفاع الإسرائيلية كي تكشف النقاب عن مسيّرات الاستطلاع والهجوم ذاتية التشغيل، التي جرى تصديرها إلى جميع أنحاء العالم.

وحققت إسرائيل نموًا اقتصاديًا غير مسبوق، مدفوعًا إلى حد كبير بقطاع التكنولوجيا العسكرية، في الوقت الذي عانت غزة من أزمة اقتصادية، فاقمتها الصدمة الجماعية للحرب التي لا تنتهي، وفق الباحثة.

فشل الحلول التكنولوجية

لفتت جودفريند إلى فشل الحلول التكنولوجية في معالجة الحلول الجذرية للعنف، في مختلف مناطق العالم. ورأت أن النهج الإسرائيلي الذي يحسّن حياة الفلسطينيين، ويمنحهم أمل الاستقلال، كان سيعزز العناصر الأكثر اعتدالًا في الضفة الغربية وغزة، ويُضعف حماس.

إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رأى مكاسب سياسية في السماح لحركة حماس بالاستمرار في حكم غزة، لأن هذا “سيقسّم الفلسطينيين سياسيًا ويخرّب أي فرصة لحل الدولتين”، حسب تصريح له في 2019. وتعهدت القيادة العسكرية الإسرائيلية بأن الأسلحة ومنظومات الدفاع الصاروخية المتطورة ستحافظ على هذا التوازن.

تحطيم صورة الجيش الإسرائيلي

قصف إسرائيلي على غزة

قصف إسرائيلي على غزة

تسبب هجوم حماس في تحطيم صورة الآلة الحربية الإسرائيلية الأنيقة والفاعلة التي حاول نتنياهو وحلفاؤه غرسها. وفي محاولة لاستعادة تلك الصورة، رد الجيش الإسرائيلي بطريقة وحشية ودون قيود، ما تسبب في استشهاد أكثر من 8 آلاف فلسطيني حتى الآن، وإصابة ونزوح الآلاف.

وأشارت جودفريند إلى أن المزيد من التصعيد سيؤدي إلى المزيد من الوفيات. واقتبست الباحثة عن نيتا هايمان، ابنة إحدى الأسيرات لدى حماس، التي كتبت في صحيفة هآرتس: “لا تدمروا قطاع غزة لأن هذا لن يساعد أحد وسيتسبب في جولة أكثر شراسة من العنف في المرة المقبلة”.

ربما يعجبك أيضا