شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيدًا كبيرًا من الحوثيين المدعومين من إيران، حيث أطلقوا 4 صواريخ باليستية باتجاه إسرائيل، كان آخرها ليلة الأمس.
هذه الهجمات التي توزعت على أيام 16 و19 و21 ديسمبر، تُظهر تصميمًا واضحًا من الحوثيين على تحدي الردود الإسرائيلية، سواءً كانت ضربات جوية أو تصريحات تهديدية. وهذه الموجة من التصعيد تعكس شعور الحوثيين المتزايد بالثقة في قدراتهم وعدم تأثرهم بالإجراءات الإسرائيلية حتى الآن.
الردود الإسرائيلية
رداً على الهجمات المتكررة، زار وزير الجيش الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، منظومة الدفاع الصاروخي “حيتس”، التي نجحت في اعتراض الصاروخ الأخير.
وخلال زيارته، أكد كاتس أن إسرائيل لن تقبل باستمرار الحوثيين في استهدافها، متوعدًا بملاحقة قادة الحوثيين في صنعاء وفي جميع أنحاء اليمن. كما أشار إلى نية القيادة الإسرائيلية توجيه ضربات مؤثرة لهم، مشابهة لتلك التي استهدفت قادة حماس وحزب الله في السابق، مثل إسماعيل هنية ويحيى السنوار وحسن نصر الله.
قائمة اغتيالات إسرائيل
استمرار التحديات رغم الضربات
على الرغم من الغارات الجوية الإسرائيلية المتكررة على مواقع الحوثيين في اليمن خلال الصيف والخريف وأخيرًا في ديسمبر، إلا أن هذه الهجمات لم تردع الحوثيين عن مواصلة تصعيدهم.
ووفق ما نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية اليوم الثلاثاء 24 ديسمبر 2024، يعتمد الحوثيون على خبراتهم المكتسبة من الحرب الطويلة، والتي عززت قدراتهم العسكرية. كما يتمتع الحوثيون بميزة إستراتيجية كبيرة بفضل تمركزهم في المناطق الجبلية اليمنية، حيث أنشأوا شبكة واسعة من الأنفاق لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة، مما يجعل من الصعب على إسرائيل استهدافهم بدقة.
مقارنة مع حماس وحزب الله
رغم أوجه الشبه بين الحوثيين وكل من حماس وحزب الله، إلا أن هناك فروقًا جوهرية تجعل من التعامل مع الحوثيين أكثر تعقيدًا. فحماس تعمل من غزة، وهي منطقة صغيرة ومكتظة بالسكان، ما يسهل استهدافها.
حزب الله، رغم تعقيده، يعمل من جنوب لبنان والبقاع، وهي مناطق أقرب إلى الحدود الإسرائيلية، ما يتيح ردًا أكثر فاعلية. أما الحوثيون، فيتمركزون على بعد 2000 كيلومتر من إسرائيل، ما يتطلب تخطيطًا عسكريًا أكثر تعقيدًا لضربهم.
تحديات الحرب الجوية
تُظهر التجارب السابقة أن الاعتماد على الضربات الجوية وحدها غالبًا ما يكون غير كافٍ لتحقيق النصر. خلال حرب الخليج، فشلت الحملة الجوية للتحالف بقيادة الولايات المتحدة في وقف إطلاق صواريخ سكود العراقية على إسرائيل.
ومع ذلك، فإن المشهد في اليمن أكثر تعقيدًا، حيث يطلق الحوثيون الصواريخ من مواقع مخفية داخل الأنفاق في الجبال، ما يجعل من الصعب التنبؤ بها أو تدميرها قبل الإطلاق.
دروس من ساحات أخرى
تجارب إسرائيل في غزة ولبنان وسوريا لا تقدم حلولاً واضحة للتعامل مع الحوثيين. على سبيل المثال، رغم الجهود المكثفة في شمال غزة، لا تزال حركة حماس تحتفظ بقدرتها على شن الهجمات والسيطرة على معظم قطاع غزة، بالإضافة إلى احتجازها لمئة رهينة.
وفي لبنان، ورغم تراجع قوة حزب الله، إلا أنه لا يزال يشكل تهديداً كبيراً. أما في سوريا، فالأمر أكثر تعقيداً مع استمرار بقايا نظام الأسد في الوجود فرغم الضربات الإسرائيلية المتكررة على مواقعه ومواقع حلفائه.
إسرائيل وإيران
إستراتيجية المواجهة
يتطلب التعامل مع الحوثيين نهجًا مختلفًا وأكثر شمولاً. الضربات الجوية قد تكون جزءًا من الحل، ولكن يجب أن تكون مدعومة بخطوات إضافية تشمل الضغط الدبلوماسي على إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، وتعزيز التعاون الإقليمي لضمان استقرار الملاحة في البحر الأحمر.
والحوثيون يمثلون خطراً ليس فقط على إسرائيل، بل على الأمن الإقليمي ككل، حيث استهدفوا السفن التجارية وأثروا على حركة الملاحة في الممرات البحرية الحيوية.
الحاجة إلى تغييرات جذرية
تتطلب المرحلة القادمة إعادة تقييم شاملة للنهج الإسرائيلي تجاه الحوثيين. بدلاً من التركيز على التصريحات النارية، يجب أن تكون الأولوية لتعزيز الردع الحقيقي. وهذا يشمل ضربات نوعية تستهدف البنية التحتية للصواريخ والطائرات المسيّرة، إلى جانب عمليات موجهة ضد قيادات الحوثيين.
وبغض النظر عن الإستراتيجية المتبعة، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية تقليل الخطر الذي يهدد ملايين الإسرائيليين، والذين باتوا مضطرين للتعامل مع إنذارات متكررة واللجوء إلى الملاجئ بشكل شبه يومي. التصعيد الحوثي يضع إسرائيل أمام خيارات صعبة، ولكن من الضروري اتخاذ خطوات حاسمة تضمن ردع الحوثيين وإعادة الاستقرار إلى المنطقة.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2086174