بعد مرور ما يقرب من عام على بدء حرب السابع من أكتوبر في قطاع غزة، تدخل المنطقة عامها التالي وسط مخاوف إقليمية ودولية من تصاعد القتال في المرحلة المقبلة، خاصة مع توسع الصراع ليشمل حزب الله في لبنان.
وطوال الفترة الماضية، واجه قطاع غزة تدميرًا لم يسبق له مثيل، وصفه البعض بأنه الأسوأ خلال العصر الحالي، ويحتاج إنفاق الكثير من المال لإعادة إعمار القطاع، فكم تبلغ تكلفة إعادة الإعمار، ومن أين نبدأ؟
تدمير لم يسبق له مثيل
أحصى تقرير صادر عن مكتب الإعلام الحكومي في غزة صدر في 11 سبتمبر الماضي، الأضرار التي لحقت بالمرافق العامة؛ إذ أدى الصراع إلى تدمير 200 منشأة حكومية و122 مدرسة وجامعة و610 مساجد و3 كنائس.
وقال أستاذ تاريخ العمارة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، “مارك جارزومبيك” لوكالة بلومبرج في تقرير سابق، إن “ما نراه في غزة هو شيء لم نشهده من قبل في تاريخ التخطيط الحضري، إنه ليس مجرد تدمير للبنية التحتية المادية، بل تدمير للمؤسسات الأساسية للحكم والشعور بالحياة الطبيعية”.
تكلفة إعادة الإعمار
أضاف جارزومبيك أن “تكلفة إعادة الإعمار ستكون باهظة للغاية، ويجب أن تكون مواقع البناء بهذا الحجم خالية من الناس، ما يؤدي إلى موجة أخرى من النزوح، مضيفًا أن “غزة ستظل تكافح لأجيال”.
وسوف يتطلب إعادة إعمار غزة إصلاحًا شاملًا للبنية الأساسية المادية بالكامل، فضلاً عن التوصل إلى شكل ما من أشكال الحل السياسي بشأن الشكل الذي سوف تبدو عليه، ولكن قبل أن يتسنى تحقيق أي من هذه الأهداف، فإن جمع كل الأنقاض والتخلص منها بعد انتهاء الحرب يشكل أهمية بالغة.
كم تبلغ التكلفة؟
في تقرير صدر مايو الماضي للأمم المتحدة، تبلغ كلفة إعادة إعمار قطاع غزة بما بين 30 إلى 40 مليار دولار نتيجة حجم الدمار الهائل وغير المسبوق في القطاع.
ولكن في تقرير صدر لوكالة بلومبرج في أغسطس، تُقدر تكلفة إعادة إعمار القطاع أكثر من 80 مليار دولار، إلى جانب 700 مليون دولار لإزالة 42 مليون طن من الأنقاض.
وتأتي تلك التقديرات مستندة إلى التدميرات التي خلفتها الهجمات الإسرائيلية، بما في ذلك تدمير أكثر من 70% من مساكن غزة، بجانب المستشفيات والشركات والبنية التحتية الأساسية للقطاع.
من أين نبدأ؟
يرى كبير الاقتصاديين في مؤسسة “راند” البحثية ومقرها كاليفورنيا، دانييل إيجل، أنه يمكنك إعادة بناء المباني والبنية التحتية التي تم تدميرها، ولكن “كيف يمكنك إعادة بناء حياة مليون طفل؟”.
ووفقًا لوكالة بلومبرج، فإن الغارات الجوية الإسرائيلية خلفت أكثر من 42 مليون طن من الأنقاض في مختلف أنحاء القطاع حتى الآن، غالبيتها عبارة عن مساكن مدمرة، وتوزيعها عبر القطاع يحاكي تقريبًا الكثافة السكانية في غزة قبل الحرب.
وقبل البدء في إعادة الإعمار، يجب أولًا نقل تلك الأنقاض وإزاتها، والتي قُدرت بتكلفة تصل إلى 700 مليون دولار، تكفي لملء خط من شاحنات القمامة يمتد من نيويورك إلى سنغافورة، وقد يستغرق إزالة كل تلك الأنقاض سنوات.
عملية معقدة
ذكرت بلومبرج أن عملية إزالة الأنقاض معقدة بسبب القنابل غير المنفجرة والمواد الملوثة الخطيرة والبقايا البشرية تحت الأنقاض، مشيرة إلى الصعوبات في العثور على مواقع للتخلص من الأنقاض الملوثة من شأنها أن تزيد من تعقيد العملية.
ويزداد الوضع سوءًا في الشمال، حيث تعرضت مدينة غزة لأضرار جسيمة تشكل أكثر من نصف الحطام في القطاع.
وسوف يتطلب إعادة إعمار غزة إصلاحًا شاملًا للبنية الأساسية المادية بالكامل، فضلاً عن التوصل إلى شكل ما من أشكال الحل السياسي بشأن الشكل الذي سوف تبدو عليه. ولكن قبل أن يتسنى تحقيق أي من هذه الأهداف، فإن جمع كل الأنقاض والتخلص منها بعد انتهاء الحرب يشكل أهمية بالغة.
إلى متى؟
كشف تقرير الأمم المتحدة الصادر في مايو، أن إعادة بناء المنازل المدمرة في قطاع غزة قد يستمر حتى عام 2040 على الأقل، وقد يطول الأمر لعدة عقود.
وتشير الأمم المتحدة أن إزالة 40 مليون طن من الركام الذي خلفه القصف الإسرائيلي قد تستغرق 15 عامًا، وتعتقد أن الركام ملوث بالأسبستوس، ومن المحتمل أنه يحتوي على أشلاء بشرية، ما يجعل من الصعب إيجاد مكان للتخلص من ذلك الركام.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1999910