ما لحق بسد كاخوفكا قد يكون أكبر حادثة تدمير لبنية أساسية مدنية منذ بدء الحرب في أوكرانيا، وتدمير السد هو ضربة هائلة للنشاط الزراعي ويزيد مخاطر الألغام
أثار انهيار سد كاخوفكا مخاوف من تعطل إمدادات أوكرانيا من الحبوب إلى الدول النامية، وعودة ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وازداد القلق مع تحذير الأمم المتحدة من أن الأزمة “ستخلف عواقب جسيمة وواسعة”، وارتفعت الأسعار العالمية للقمح والذرة بعد ساعات من إعلان انهيار السد الأوكراني الثلاثاء 6 يونيو.
انهيار سد كاخوفكا
دُمِرَ سد كاخوفكا الضخم في المنطقة الخاضعة للسيطرة الروسية جنوب أوكرانيا، ما أدى إلى تدفق المياه وفيضانها، واتهم الجيش الأوكراني وحلف الناتو، روسيا بتفجير السد.
في المقابل، ألقت روسيا باللوم على أوكرانيا، وجرى إجلاء الآلاف من المجتمعات المحلية في المناطق المحيطة، واجتاحت الفيضانات الكارثية المناطق المنخفضة على جانبي نهر دنيبرو.
اقرأ أيضًا| احتياطي مصر من القمح يكفي 5 أشهر
ورفض المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، فرضية تورط روسيا في الأمر، وألقى باللوم على أوكرانيا، واصفًا الحدث بأنه عمل تخريبي من شأنه أن يحرم شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا في عام 2014، من المياه.
خسائر انهيار سد كاخوفكا
حذر منسق المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة مارتن غريفيث من عواقب وخيمة وبعيدة المدى على آلاف الأشخاص في منطقة خيرسون المتضررة، وتقول كييف إن “البنية التحتية لسدود أخرى تضررت”.
وفي رد فعل سريع لتدمير سد كاخوفكا، صعدت أسعار القمح 2.4% في التعاملات المبكرة ببورصة شيكاغو التجارية، إلى 6.39 دولار للبوشل، وارتفعت أسعار الذرة بأكثر من 1%، إلى 6.04 دولار للبوشل.
ضربة للنشاط الزراعي
حذر برنامج الغذاء العالمي من “تداعيات مدمرة”، للأشخاص الذين يعانون الجوع على مستوى العالم جراء تدمير سد كاخوفكا الأوكراني، وتتوقع وزارة الزراعة الأوكرانية أن تغمر المياه حوالي 10 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية على الضفة الشمالية لنهر دنيبرو في منطقة خيرسون.
وأشارت وزارة الزراعة الأوكرانية إلى أنه من المتوقع غمر أضعاف هذه المساحة في المنطقة الموجودة على الضفة الجنوبية للنهر التي تسيطر عليها قوات روسية.
وقال منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة “ما لحق بسد كاخوفكا قد يكون أكبر حادثة تدمير لبنية أساسية مدنية منذ بدء الحرب في أوكرانيا”، مشددًا على أن تدمير السد “ضربة هائلة للنشاط الزراعي، ويزيد مخاطر الألغام”.
ألغام عائمة
وفق وكالة أنباء رويترز، حذر نائب رئيس الوزراء الأوكراني، أولكسندر كوبراكوف، خلال تفقده الأضرار الناجمة عن انهيار السد، من خطر ألغام عائمة طفت على السطح بسبب الفيضانات، ومن انتشار الأمراض والمواد الكيميائية الخطرة.
وقال، في أثناء زيارته لمدينة خيرسون، إن “أكثر من 80 منطقة سكنية تضررت من الكارثة”، مضيفًا أن المياه تقلقل الألغام التي زرعت في وقت سابق وتسبب انفجارها، وأنه نتيجة للفيضانات، تنتشر الأمراض المعدية والمواد الكيميائية في المياه.
حقول الألغام الروسية غمرتها المياه
أشار كوبراكوف إلى أن أوكرانيا خصصت 120 مليون هريفنا (3.25 مليون دولار) لتأمين إمدادات المياه في ميكولايف جنوب البلاد، وتخصيص 1.5 مليار هريفنا لإعادة بناء أنظمة إمدادات المياه التي دمرها الفيضان.
وأضاف أن السلطات الأوكرانية أجلت سكان 24 منطقة غمرتها مياه الفيضانات، وأن المياه غمرت 20 منطقة سكنية على الأقل في الأراضي التي تسيطر عليها القوات الروسية.
وأفادت وكالة أنباء روسيا الإخبارية (تاس) بأن بعض حقول الألغام الروسية في أجزاء من منطقة خيرسون بجنوب أوكرانيا التي تسيطر عليها موسكو غمرت بالمياه، بعد انهيار سد نوفا كاخوفكا.
التسمم الغذائي
مُنع سكان المناطق التي غمرتها الفيضانات في مناطق ميكولايف وخيرسون وزابوروجيا من صيد الأسماك وبيعها وأكلها، وسط تحذيرات من خطر الإصابة بالتسمم الغذائي.
وحسب وكالة أنباء “أسوشيتد برس” الأمريكية، توجد حقول زراعية ضخمة جنوب أوكرانيا، حيث انفجر السد، ما تسبب في تعريض المحاصيل للخطر في مسار مياه الفيضانات.
تراجع صادرات المواد الغذائية
قال كبير الباحثين في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، جوزيف جلوبر، إنه “في أي وقت تظهر علامات على تصاعد هذه الحرب، سيكون هناك الكثير من القلق، وسرعان ما تتفاعل الأسواق مع الأمر”، وفق أسوشيتد برس.
وفي السياق ذاته، يرى المدير الإداري لشركة أبحاث الأسواق الزراعية في البحر الأسود، أندريه سيزوف، أن “انهيار السد بدا كأنه تصعيد كبير له عواقب وخيمة ومخاطر كبيرة”، ومن المتوقع أن يستمر تراجع صادرات المواد الغذائية من أوكرانيا خلال الفترة المقبلة، إذ باتت كييف قادرة على تصدير 40% من الحبوب، مما كانت عليه قبل عامين.
عقود لمعالجة الدمار
حسب صحيفة “الجارديان” البريطانية، سيستغرق الدمار الناجم عن انهيار سد كاخوفكا عقودًا لعلاجه، مفسرة أن فقدان الخزان سيعني أن مياه الشرب ستكون قليلة في المنطقة، وسيكون لهذا تأثير غير مباشر في إنتاج الغذاء، وصادرات القمح والذرة وزيت عباد الشمس وفول الصويا إلى بقية العالم.
وكان الخزان الضخم للسد يوفر المياه لمجموعة من التجمعات السكانية في المنبع، ويؤمن مياه التبريد لمحطة الطاقة النووية في زاباروجيا، على بعد حوالي 100 ميل من المنبع، التي تخضع للسيطرة الروسية، وتعتمد على الخزان.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية “لا توجد مخاطر فورية تتعلق بالسلامة النووية، لكن نراقب الوضع، وإذا انخفض السد إلى أقل من 12.7 متر، وهو أدنى مستوى يمكن عنده ضخ المياه إلى المناطق المرتفعة باتجاه زاباروجيا، توجد مصادر مياه بديلة للحفاظ على برودة المحطة النووية، بما في ذلك بركة تبريد كبيرة بجوار الموقع”.
اقرأ أيضًا| لماذا ارتفعت أسعار اللحوم والدواجن في مصر؟ مسؤولون يكشفون لـ«رؤية» الأسباب
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1532210