عودة ترامب تؤجج التوترات وتزيد الطلب على الفضة

أحمد عبد الحفيظ

تشهد أسواق المعادن النفيسة، وعلى رأسها الفضة، تقلبات ملحوظة في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي التي تسيطر على العالم، خاصة مع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، وقرارات التعريفات الجمركية التي يعتزم ترامب توسيعها، تدفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة، إلا أن الفضة على الرغم من ارتفاعها عالمياً خلال شهر فبراير، فقد محت مكاسبها في السوق المحلية المصرية، في تناقض واضح يعكس تعقيدات السوق.

أداء أسعار الفضة في فبراير

وفقاً لتقرير صادر عن مركز “سيف هيفين هوب” للملاذات الآمنة، الثلاثاء 18 فبراير 2025، بدأت أسعار الفضة في السوق المصرية تعاملات شهر فبراير عند 42 جنيهاً للجرام (0.83 دولار)، ووصلت إلى 44 جنيهاً (0.86 دولار) خلال الشهر، لكنها عادت لتغلق عند 42 جنيهاً مجدداً.

أما في الأسواق العالمية، فقد شهدت الأونصة ارتفاعاً بنسبة 3.2%، حيث افتتحت عند 31.10 دولار، ولامست 33.39 دولار، قبل أن تغلق عند 32.13 دولار، محققة أكبر مكاسب يومية خلال ثلاثة أشهر في نهاية الأسبوع الماضي، قبل أن تدفعها عمليات جني الأرباح للتراجع.

التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على الفضة

عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية أضافت بُعداً جديداً لحالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي. السياسات التجارية الجديدة التي يسعى ترامب لتنفيذها، بما في ذلك توسيع الرسوم الجمركية، خلقت ضغوطاً إضافية على الأسواق، وجعلت المعادن النفيسة، مثل الذهب والفضة، وجهة مفضلة للمستثمرين كوسيلة للتحوط ضد التضخم والتقلبات الاقتصادية.

الفضة، التي تجمع بين خصائص المعدن النفيس والاستخدامات الصناعية، أصبحت محط أنظار المستثمرين في ظل تصاعد التوترات العالمية، ونقص المعروض في الأسواق. الطلب المتزايد على الفضة في القطاعات الصناعية، بما في ذلك الإلكترونيات، الطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، يعزز من قيمتها كسلعة استراتيجية.

الطلب الصناعي على الفضة 

أشار التقرير إلى أن أكثر من 50% من الطلب السنوي على الفضة يأتي من الاستخدامات الصناعية المتعددة، بدءاً من الإلكترونيات والطاقة المتجددة وصولاً إلى المعدات الطبية وصناعة المواد الكيماوية.

في ظل التحولات العالمية نحو الطاقة النظيفة والاعتماد المتزايد على التكنولوجيا المتقدمة، يُتوقع أن يستمر الطلب على الفضة في الارتفاع، مما قد يدعم أسعارها في المستقبل القريب.

السياسات النقدية الأمريكية 

في أول اجتماع لمجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي تحت رئاسة ترامب، قررت لجنة السوق المفتوحة الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير عند مستوى يتراوح بين 4.25% و4.50%.

هذا القرار جاء في وقت كان فيه التضخم لا يزال أعلى من المعدل المستهدف البالغ 2%، مما دفع الفيدرالي إلى التريث قبل إجراء أي تخفيضات جديدة في أسعار الفائدة.

ترامب، من جانبه، دعا إلى خفض فوري لأسعار الفائدة خلال منتدى دافوس الاقتصادي، معتبراً أن ذلك ضروري لدعم النمو الاقتصادي وتقليل تكاليف الاقتراض، إلا أن مجلس الاحتياط الفيدرالي، الذي يحرص على استقلالية قراراته، يفضل انتظار المزيد من البيانات الاقتصادية قبل اتخاذ مثل هذه الخطوة، وهو ما يضع سياسات ترامب الاقتصادية في مواجهة مباشرة مع السياسة النقدية الأمريكية.

التوقعات المستقبلية لأسعار الفضة

توقع تقرير “سيف هيفين هوب” أن تتفوق أسعار الفضة على الذهب في الأداء خلال عام 2025، مدفوعة بالطلب الصناعي المتزايد والعجز المزمن في المعروض.

الفضة، بفضل هويتها المزدوجة كمعدن صناعي وملاذ آمن، قد تصبح الخيار الأول للمستثمرين في ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة، خاصة إذا استمر التضخم في الارتفاع ولم يتمكن الفيدرالي من خفض أسعار الفائدة بالسرعة المطلوبة.

الفضة كملاذ آمن 

مع تصاعد التوترات الجيوسياسية وتزايد المخاوف من الركود الاقتصادي، تستمر الفضة في جذب المستثمرين الباحثين عن الاستقرار والتنويع.

استخدامها المتزايد في الصناعات الحديثة، إلى جانب قابليتها كوسيلة للتحوط، يجعلها واحدة من أبرز الأصول التي ستشكل مستقبل الأسواق في السنوات القادمة، خاصة مع استمرار السياسات التجارية الصارمة لترامب وارتفاع الطلب على الموارد في القطاعات التكنولوجية.

ربما يعجبك أيضا