غزة بين النار والهدنة.. مقترح مصري يفتح باب الأمل

هدنة غزة.. مسودة مصرية برعاية دولية لإنهاء الحرب

أحمد عبد الحفيظ

بعيدًا عن الأضواء والمؤتمرات الصحفية، تواصل مصر جهودها الدبلوماسية بهدوء لإحراز تقدم ملموس نحو التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

بحسب صحيفة “الإندبندنت” في تقرير لها نشر اليوم الأحد 1 ديسمبر 2024، فإن الحراك المصري يحظى بدعم أمريكي وقطري وتركي، بهدف تحقيق تسوية تنهي الحرب الممتدة على القطاع، مع التركيز على الجوانب السياسية والإنسانية للأزمة. المقترح المصري، الذي يحمل بصمات من اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، يمثل محاولة طموحة لرسم ملامح جديدة لقطاع غزة في مرحلة ما بعد الصراع.

جهود مكثفة 

المعلومات الواردة تشير إلى أن الوسطاء المصريين يعملون بتكليف مشترك من الإدارة الحالية للرئيس الأمريكي جو بايدن وفريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب، بهدف التوصل إلى اتفاق يرضي الأطراف كافة.

السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام، الذي لعب دورًا محوريًا في هذه المساعي، أكد أن ترامب يسعى لتحقيق وقف لإطلاق النار قبل تسلمه السلطة.

ضمن هذا السياق، شهدت المنطقة زيارات مكثفة قام بها مسؤولون أمريكيون وإقليميون، جيث زار جراهام وفريق من إدارة بايدن السعودية للتباحث مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كما التقوا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هذه الجهود شملت أيضا زيارة وفود إلى تركيا، حيث أجريت مشاورات مع الأطراف المعنية، بما في ذلك قادة حركة حماس.

تفاصيل المقترح المصري

تتضمن المسودة المصرية لوقف إطلاق النار عدة مراحل، تهدف إلى تهدئة الأوضاع تدريجيًا، مع التركيز على إدارة القطاع في “اليوم التالي” للحرب.

مرحلة أولى: تبدأ بهدنة قصيرة مدتها خمسة أيام، تتيح لـ”حماس” جمع معلومات عن الرهائن الإسرائيليين. الحركة أكدت أنها لا تعرف العدد الدقيق للرهائن بسبب الفوضى الناجمة عن القصف الإسرائيلي.

مرحلة ثانية: تتبعها هدنة طويلة مدتها 60 يومًا، يتم خلالها تنفيذ تبادل أسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية. في هذه الفترة، تدخل 200 شاحنة مساعدات يوميًا إلى غزة، مع ضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية.

إدارة غزة.. مرحلة انتقالية بإشراف دولي

المقترح يشمل ترتيبات لإعادة تشغيل معبر رفح تحت إشراف السلطة الفلسطينية ومراقبة دولية، مع ضمان عدم سيطرة “حماس” عليه. إسرائيل ستتمتع بحق الرقابة عن بُعد على حركة الأفراد والبضائع، لضمان الأمن.

يركز المقترح على إنهاء حكم “حماس” لقطاع غزة، ووضع ترتيبات جديدة لإدارة القطاع، السلطة الفلسطينية ستتولى الإشراف على الإدارة المدنية بدعم من بعثة دولية تضم دولًا عربية وأوروبية وتركيا.

فيما يتعلق بالوجود العسكري، يقترح الاتفاق بقاء القوات الإسرائيلية في محاور محددة داخل غزة خلال الهدنة، مع إعادة انتشارها في مناطق غير مأهولة. في الوقت نفسه، سيتم التفاوض على انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية كجزء من تسوية شاملة.

دور الدول الضامنة: تقسيم المهام الدولية

لضمان تنفيذ الاتفاق دون عراقيل، يشمل المقترح تشكيل لجنة دولية برئاسة أميركية، وعضوية دول أوروبية وعربية، لضمان الامتثال لبنود الاتفاق.

مصر تتولى الإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية وإدارة معبر رفح، تركيا تراقب تنفيذ الترتيبات الأمنية ودور السلطة الفلسطينية، أوروبا تشرف على عمل المنظمات الإغاثية وتراقب العمليات في معبر رفح، الولايات المتحدة تضمن الالتزام بوقف إطلاق النار ومنع حدوث أي اختراقات.

مرونة إسرائيل وحماس تجاه الاتفاق

أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرونة كبيرة تجاه المقترح، وقال علنا إنه “قد يوافق على وقف إطلاق النار، لكنه لن ينهي الحرب”، وأشار إلى وجود فرصة حقيقية لتحقيق صفقة تبادل أسرى، مؤكدا أن الظروف الحالية أفضل من أي وقت مضى للتوصل إلى اتفاق.

من جانبها، أعربت حماس عن انفتاحها على المقترح، وفي تصريح مقتضب، قال موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي للحركة، إنهم يناقشون المقترح مع المسؤولين المصريين دون الكشف عن تفاصيل إضافية.

حسابات حماس ودوافع القبول

يرى خبراء أن “حماس” تواجه ضغطًا كبيرًا للموافقة على المقترح. الباحث السياسي محمد دياب أكد أن الحركة تدرك أن رفض الاتفاق يعني فقدانها دعم مصر، التي تُعد إحدى أهم العواصم المؤثرة في الملف الفلسطيني. كما أن خروج لبنان من دائرة الإسناد بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار هناك، يُضعف خيارات “حماس”.

أضاف دياب أن الحركة قد تخسر السيطرة على شمال غزة، الذي يشكل ثقلها العسكري الأساسي، إذا استمرت في رفض التهدئة. ومع قرب انتهاء ولاية إدارة بايدن، يبدو أن “حماس” أمام خيار القبول، حيث إن إدارة ترامب المقبلة قد تقدم مقترحات أقل سخاء.

فرصة أخيرة للسلام

يمثل المقترح المصري فرصة نادرة لتحقيق هدنة طويلة الأمد في غزة، لكن نجاحه يعتمد على قدرة الأطراف على تجاوز خلافاتهم. وبينما تبدو الظروف ملائمة للاتفاق، فإن التعقيدات السياسية والعسكرية تجعل الطريق نحو السلام محفوفًا بالتحديات.

الأيام المقبلة ستكشف ما إذا كانت الأطراف المعنية ستغتنم هذه الفرصة لإنهاء معاناة سكان غزة، أو أنها ستغرق في دوامة جديدة من العنف.

ربما يعجبك أيضا