غسيل الأموال.. كيف خدع المجرمون الأنظمة المالية عبر التاريخ؟

أحمد عبد الحفيظ

يعد غسيل الأموال أحد أخطر الجرائم المالية التي تهدف إلى إخفاء المصدر غير القانوني للأموال وجعلها تبدو مشروعة.

تقول تقارير صادرة عن هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) الثلاثاء 13 مارس 2025، إنه عبر التاريخ، استخدم المجرمون والمنظمات طرقًا معقدة لغسيل الأموال، مستغلين الثغرات في الأنظمة المالية والمصرفية، في هذا التقرير، نسلط الضوء على بعض من أشهر عمليات غسيل الأموال التي هزت العالم.

بابلو إسكوبار وكارتل ميديلين

 يعد بابلو إسكوبار، زعيم كارتل ميديلين الكولومبي، أحد أكثر الشخصيات شهرة في عالم غسيل الأموال. خلال الثمانينيات، كانت منظمته تحقق أرباحًا بمليارات الدولارات من تجارة المخدرات، مما دفعه إلى تطوير طرق متعددة لغسيل الأموال.

استخدم استثمارات في العقارات، وأودع مبالغ ضخمة في البنوك الأجنبية، كما كان يهرب الأموال نقدًا عبر الطائرات الخاصة، في النهاية، أدت الضغوط الدولية إلى تضييق الخناق على إمبراطوريته الإجرامية، لكن أساليبه في غسيل الأموال لا تزال تُدرس.

فضيحة بنك الاعتماد والتجارة الدولي (BCCI)

في عام 1991، انهار بنك الاعتماد والتجارة الدولي (BCCI) بعد الكشف عن تورطه في عمليات غسيل أموال واسعة النطاق لصالح مهربي المخدرات والأنظمة الفاسدة والجماعات الإرهابية.

استخدم البنك شبكة عالمية من الفروع لإنشاء شركات وهمية ونقل الأموال عبر أنظمة مصرفية غير خاضعة للرقابة. أظهرت التحقيقات أنه كان يُستخدم أيضًا للتلاعب بالسجلات المالية وإخفاء مصادر الأموال المشبوهة.

كانت هذه الفضيحة من أكبر الفضائح المصرفية في القرن العشرين، وأدت إلى خسائر تقدر بمليارات الدولارات.

تورط بنك HSBC في غسيل الأموال

في عام 2012، فرضت السلطات الأمريكية غرامة قدرها 1.9 مليار دولار على بنك HSBC بعد الكشف عن تورطه في عمليات غسيل أموال لصالح كارتلات المخدرات المكسيكية.

أظهرت التحقيقات أن البنك لم يطبق تدابير مكافحة غسيل الأموال بشكل كافٍ، مما سمح بتمرير مليارات الدولارات من الأموال غير المشروعة.

استخدمت الكارتلات الحسابات المصرفية في HSBC لتحويل الأموال بين الدول وإخفاء مصدرها، ما جعل البنك في قلب واحدة من أكبر الفضائح المالية في العصر الحديث.

بيرني مادوف ومخطط بونزي

يعتبر بيرني مادوف العقل المدبر وراء أكبر مخطط احتيالي في تاريخ وول ستريت، حيث تمكن من سرقة حوالي 65 مليار دولار من المستثمرين عبر مخطط بونزي.

اعتمد أسلوبه على جذب مستثمرين جدد ودفع أرباح وهمية للمستثمرين القدامى من أموالهم الخاصة، ما جعل العملية تبدو وكأنها استثمار مربح.

استخدم مادوف نظامًا محكمًا من الحسابات والشركات الوهمية لإخفاء عمليات الاحتيال، لكن انهيار الأسواق المالية في 2008 كشف الخدعة. تم القبض عليه وحُكم عليه بالسجن 150 عامًا، مما جعله رمزًا للاحتيال المالي.

فضيحة بنك دانسكي – أكبر عملية غسيل أموال في أوروبا

في عام 2018، تم الكشف عن واحدة من أكبر فضائح غسيل الأموال في أوروبا، حيث تبين أن فرع بنك دانسكي في إستونيا كان مسؤولًا عن تمرير 230 مليار دولار من الأموال المشبوهة، معظمها من روسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق.

استخدمت هذه الأموال عبر شركات وهمية ومعاملات مالية معقدة، مستفيدة من الثغرات المصرفية في دول البلطيق. بعد الفضيحة، استقال الرئيس التنفيذي للبنك، وفرضت السلطات الأوروبية غرامات ضخمة، مما أظهر الحاجة إلى تعزيز أنظمة الرقابة المصرفية.

مكافحة غسيل الأموال اليوم

مع تطور الأساليب الإجرامية، أصبحت مكافحة غسيل الأموال أولوية عالمية. تعتمد الحكومات والمؤسسات المالية اليوم على تقنيات حديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، لرصد الأنشطة المشبوهة، بالإضافة إلى فرض عقوبات صارمة على البنوك والمؤسسات المتورطة.

ومع ذلك، يظل غسيل الأموال تحديًا مستمرًا، حيث يسعى المجرمون دائمًا لإيجاد طرق جديدة لخداع الأنظمة المالية.

ربما يعجبك أيضا