فيضانات ليبيا.. لماذا وقعت الكارثة؟ وما أسباب تفاقم تبعاتها؟

محمد النحاس

دمرت الفيضانات المباني والمنازل والبنية التحتية في مدينة درنة الليبية بعد أن ضربتها موجات من المياه ارتفاعها يصل إلى 7 أمتار.


تعيش مدينة درنة الليبية على وقع كارثة الفيضانات المدمرة التي أودت بحياة الآلاف، ولا يزال آلاف في عداد المفقودين، ويقذف البحر بمئات الجثث.

بدأ الأمر الساعة 3 فجر الاثنين الماضي، حين انفجر سد، وتلاه آخر، لتتدفق موجات هائلة من المياه عبر الجبال والمناطق المرتفعة إلى شوارع وأحياء المدينة الساحلية، ما أدى إلى طمس أحياء كاملة.. فما أبعاد الكارثة وأسبابها المحتملة؟

أعداد هائلة من الضحايا والمفقودين

بحلول اليوم الاثنين 18 سبتمبر 2023 يكون مرّ أسبوع على كارثة الفيضانات الناتجة عن العاصفة دانيال. وحتى الآن تجاوزت أعداد الضحايا الرسمية أكثر من 11 ألف قتيل، مع مخاوف من وصول العدد إلى 30 ألفًا. ولا يزال أكثر من 10 آلاف في عداد المفقودين، ما يشي بحجم الكارثة التي ضربت درنة.

اقرأ أيضًا| السيول والفيضانات دمرت 891 بناية في درنة الليبية

ودمرت الفيضانات المباني والمنازل والبنية التحتية في مدينة درنة، بعد أن ضربت موجات من المياه ارتفاعها يصل إلى 7 أمتار المدينة، حسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي قالت أيضًا إن البحر لا يزال يقذف بالجثث التي ابتلعها، وفق ما نقل تقرير لشبكة “سي إن إن” الأمريكية.

أسئلة بارزة

مع هذه الأعداد الهائلة من الضحايا، ومقدار الدمار الذي ضرب المدينة، تبرز أسئلة عن سبب ما وصلت إليه الأمور، خاصة وأن العاصفة دانيال نفسها ضربت اليونان، وأجزاء من تركيا، وبلغاريا، ولم تخلف إلا أعدادًا محدودة من الضحايا.

ووفقًا لـ”سي إن إن”، يرى الخبراء أنه بالإضافة إلى قوة العاصفة وما خلّفته من فيضانات، توجد جملة من العوامل التي تسبب في ذلك، بدءًا من التطرف المناخي المتسارع، وليس انتهاءً بالبنية التحتية المتهالكة.

عوامل سياسية

قال خبير الشؤون الإقليمية، أحمد فهمي، في حديث مع شبكة رؤية الإخبارية، إن غياب الاستقرار السياسي في ليبيا هو عامل أساسي أسهم في تفاقم الأزمات داخل البلاد، موضحًا أن “وجود حكومتين يعيق التواصل الفعّال بين السلطات المختلفة، ويجعل من الصعوبة بمكان اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة التحديات”.

اقرأ أيضًا|فيديو| تحول شارع آمن في درنة الليبية إلى نهر جارٍ

وتابع فهمي: “الغياب الكامل لإدارة مركزية ومؤسسية للتعامل مع الأزمات والكوارث يزيد من تعقيد الموقف، ويعرض البلاد لمخاطر جمة”، مشددًا على ضرورة تعزيز الجهود المبذولة لإقامة هياكل إدارية قادرة على التعامل مع الكوارث بفاعلية ومرونة.

عوامل مناخية

بعد أن اجتاحت العاصفة اليونان وتركيا وبلغاريا، وتسببت في مقتل أكثر من 20 شخصًا، تحولت فوق البحر الأبيض المتوسط إلى نوع من العواصف له خصائص مماثلة للأعاصير المدارية التي لديها قدرات تدميرية عالية.

وفي حين أنه من السابق لأوانه عزو هذه العاصفة بنحو قاطع إلى أزمة المناخ، يثق العلماء بأن التغير المناخي يزيد من شدة الظواهر المناخية، وعندما تكون المحيطات أكثر دفئًا يمثل ذلك “بيئة خصبة” لتزايد العواصف، فضلًا عن أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة الرطوبة، ما يجعل الأمطار أكثر غزارة، وفق “سي إن إن”.

تداعي البنية التحتية للمدينة

يعود بناء السدين اللذين انهارا يوم الاثنين الماضي إلى ما بين عامي 1973 و1977، وقد تولت تنفيذهما شركة إنشاءات يوغوسلافية. ويبلغ ارتفاع سد درنة 75 مترًا بسعة تخزينية 18 مليون متر مكعب (4.76 مليار جالون)، وأما سد المنصور الثاني فيبلغ ارتفاعه 45 مترًا بسعة تخزينه 1.5 مليون متر مكعب (396 مليون جالون).

ولم تكن مشكلات السدود سرًّا خفيًّا، فقد حذرت ورقة بحثية لجامعة سبها من أن السدود في درنة لديها “احتمال كبير لمخاطر الفيضانات” وأنها بحاجة إلى صيانة دورية لتجنب الفيضانات “الكارثية”.

ووجدت الدراسة أيضًا أن المنطقة المحيطة تفتقر إلى الغطاء النباتي المناسب الذي يمنع تآكل التربة، داعيةً السكان إلى الوعي بمخاطر الفيضانات، حسب ما نقلت الشبكة الأمريكية في تقريرها.

انهيار سدود درنة

نوهت أستاذة المخاطر المناخية في جامعة ريدنج بالمملكة المتحدة، ليز ستفينز، بأسئلة جدية يجب طرحها بشأن معايير تصميم السدود، وما إذا كانت تأخذ في الاعتبار  مخاطر هطول أمطار غزيرة.

وأضافت ستفينز: “من الواضح جدًّا أنه لولا انهيار السدين لما شهدنا هذا العدد المأساوي من الوفيات”، حسب ما نقلت “سي إن إن”.

ربما يعجبك أيضا