فيضانات وحرائق.. أزمة المناخ تتجدد خلال 2024

جهود دولية مكثفة في 2024 لمواجهة التغيرات المناخية

أحمد عبد الحفيظ

شهد عام 2024 استمرار التغيرات المناخية في تشكيل التحديات الكبرى للعالم، حيث أثرت الظواهر الجوية المتطرفة على البيئة والاقتصاد والبشرية.

رغم تزايد الوعي بضرورة اتخاذ خطوات حاسمة لمواجهة الأزمة، فإن آثار الاحترار العالمي تفاقمت، مما دفع الحكومات والمنظمات الدولية إلى تكثيف جهودها للحد من الانبعاثات الكربونية والتكيف مع التداعيات.

عام الكوارث المناخية

في 2024، شهدت دول العالم ارتفاعًا ملحوظًا في الكوارث المناخية، كانت موجات الحر الشديد أحد أبرز مظاهر التغير المناخي، حيث اجتاحت أجزاء واسعة من أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية، مما تسبب في حرائق غابات مدمرة في كندا وإسبانيا، كما سجلت درجات الحرارة مستويات قياسية، أدت إلى تراجع الإنتاج الزراعي وارتفاع أسعار الغذاء عالميًا.

في المقابل، تعرضت مناطق أخرى لفيضانات مدمرة، أبرزها في باكستان وجنوب آسيا، حيث دمرت السيول البنية التحتية وشردت الملايين. تزامن ذلك مع ارتفاع مستوى مياه البحر الذي أصبح تهديدًا مباشرًا للمدن الساحلية الكبرى مثل جاكرتا وميامي، مما دفع البعض إلى وصف 2024 بأنه “عام التحدي الوجودي”.

الاقتصاد العالمي

بحسب صحيفة الإندبيندنت في تقرير نشرته الخميس 19 ديسمبر 2024، كان للتغيرات المناخية تأثيرات اقتصادية كبيرة في 2024، إذ أدت الكوارث الطبيعية إلى خسائر مالية ضخمة.، ووفقًا لتقارير صادرة عن البنك الدولي، بلغت الخسائر الاقتصادية الناتجة عن الكوارث المناخية هذا العام ما يزيد عن 300 مليار دولار، مع ارتفاع تكاليف إعادة البناء وتفاقم أزمات الإمدادات.

كما دفعت المخاطر المناخية بعض الشركات الكبرى إلى تغيير استراتيجياتها لتصبح أكثر استدامة، مما أدى إلى تسريع الاستثمار في الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة. وبدأت الحكومات أيضًا في فرض سياسات بيئية صارمة لتحفيز الشركات على تقليل انبعاثاتها الكربونية.

التكيف والمواجهة

على الرغم من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، كان عام 2024 عامًا حافلًا بالمبادرات الدولية لمواجهتها.

خلال مؤتمر الأطراف المناخية (COP29) اتفقت الدول على تسريع تنفيذ التزاماتها بخفض الانبعاثات بنسبة 45% بحلول 2030، كما أعلن عدد من الدول عن خطط طموحة لتحويل اقتصاداتها إلى صديقة للبيئة، مثل اعتماد السيارات الكهربائية وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

على المستوى المحلي، استثمرت العديد من الدول في مشاريع التكيف مع التغير المناخي، مثل بناء السدود للحماية من الفيضانات، وتطوير تقنيات زراعية مقاومة للجفاف، في الهند، تم إطلاق مشروع لزراعة مليار شجرة لتحسين الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، بينما بدأت الدول الأوروبية في تطوير خطط لإدارة الحرارة المرتفعة في المدن عبر تصميم بنى تحتية أكثر استدامة.

الأفراد والمجتمعات

لعبت المجتمعات المحلية والأفراد دورًا مهمًا في مواجهة التغير المناخي عام 2024، حيث انتشرت المبادرات الشعبية لتعزيز الوعي البيئي، مثل الحد من استخدام البلاستيك وزيادة الاعتماد على المنتجات القابلة لإعادة التدوير.

كما أدى الضغط الشعبي إلى دفع الحكومات نحو اتخاذ خطوات أكثر جرأة، مثل دعم الطاقة الشمسية والرياح، وتقليل دعم الوقود الأحفوري. وظهرت حملات شبابية عالمية تطالب بالعدالة المناخية وتوفير تمويل أكبر للدول النامية التي تعاني من التغيرات المناخية.

تحديات مستمرة

رغم الجهود المبذولة، لا يزال العالم يواجه تحديات كبيرة، إذ تؤكد التقارير العلمية أن الاحتباس الحراري قد يصل إلى مستويات خطيرة بحلول منتصف القرن إذا لم يتم اتخاذ خطوات عاجلة. ومع ذلك، هناك أمل متزايد في أن يؤدي التعاون الدولي والاستثمار في الابتكار إلى تحقيق تقدم ملموس في تقليل الانبعاثات.

في النهاية، أظهر عام 2024 أن مواجهة التغير المناخي تتطلب جهودًا شاملة ومستمرة من الحكومات والشركات والمجتمعات. فالعالم يقف عند مفترق طرق، حيث يمكن للتغير المناخي أن يكون فرصة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، أو كارثة تهدد بقاء البشرية إذا لم يتم التعامل معه بحزم وجدية.

ربما يعجبك أيضا