في اليوم العالمي للبيئة.. “حان وقت الطبيعة”

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

تغيرات إيجابية ومشاهد جديدة طرأت على كوكب الأرض لم يتوقع أحد مشاهدتها في ظل تفشي جائحة كوفيد 19 “كورونا” المستجد.

قبل أشهر، شوهدت قناديل البحر وهي تسبح في قنوات أحياء البندقية السياحية في إيطاليا، بعد أن أصبحت الممرات المائية شفافة بسبب إغلاق المدينة كإجراء وقائي، كما انتشرت أيضًا في شواطي البحر الأحمر في مصر الكثير من الكائنات البحرية وهي تسبح بحرية بعد قرارات الإغلاق.

وفي وقت سابق من هذا العام، أكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، الأربعاء، أن انبعاثات الكربون ستتراجع بنسبة 6% خلال العام الحالي بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد.

تحت شعار “التنوع البيلوجي”، يحتفل العالم، اليوم الجمعة، الذي يصادف الخامس من يونيو، باليوم العالمي للبيئة، مستهدفًا تركيز الجهود على قضايا البيئة الملحة وسبل مكافحتها.

وجاءت تلك المناسبة هذا العام لتدق ناقوس الخطر تجاه نشوء علاقة جديدة بين قضايا البيئة وفيروس كورونا المستجد، مطالبة المجتمع الدولي الرفق بالبيئة والعمل على مكافحة تلوث الهواء ووقف تخريب التنوع البيولوجي على كوكب الأرض، خاصة على ضوء الخسائر المادية والبشرية التي منيت بها الإنسانية في ظل جائحة كورونا.

بدورها، تقول منظمة الأمم المتحدة: “كي نعتني بأنفسنا يجب علينا أن نعتني بالطبيعة…لقد حان وقت الاستيقاظ من غفلتنا لملاحظة الأمور من حولنا. ولرفع أصواتنا.. حان الوقت لإعادة البناء بشكل أفضل لصالح الأرض وسكانها.. حان وقت الطبيعة”.

يذكر أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها بعض الدول، سواء كانت الحرائق في البرازيل أو أستراليا، أو كانت أسراب الجراد في شرق أفريقيا، أو الأوبئة المرضية التي انتشرت على نطاق واسع مؤخرًا ولا سيما وباء كورونا، أوضحت العلاقة ومدى الترابط والاعتماد المتبادل بين الإنسان وشبكات الحياة المحيطة به.

بحسب إحصائيات الأمم المتحدة، فإن الأنشطة البشرية غيرت بشكل كبير ثلاثة أرباع سطح الأرض وثلثي مساحة المحيط، فبين عامي 2010 و2015، اختفى 32 مليون هكتار من الغابات.

وفي الـ150 سنة الماضية، تم تخفيض غطاء الشعاب المرجانية الحية بمقدار النصف. ويذوب الثلج الجليدي بمعدلات كبيرة، بينما يزداد تحمض المحيطات، مما يهدد إنتاجية المحيط.

يقول أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة على موقع التدوين المصغر “تويتر”: “لكي نعتني بالبشرية، لا بد ثم لا بد من العناية بالطبيعة. ففي هذا اليوم العالمي للبيئة، حان وقت الطبيعة”.

من جانب آخر، أوضح موقع الأمم المتحدة أننا على وشك الانقراض الجماعي، وبالتالي، سيترتب على فقدان التنوع البيولوجي آثارًا خطيرة، تشمل انهيار أنظمة الغذاء والصحة.

وذكر الموقع أن “ظهور جائحة كوفيد-19 يؤكد حقيقة تدميرنا للتنوع البيولوجي، فإننا ندمر النظام الذي يدعم حياة الإنسان”.

واليوم، يقدر حوالي مليار حالة إصابة بالمرض، وملايين الوفيات تحدث كل عام بسبب الأمراض التي تسببها الفيروسات التاجية.

وأوضح موقع الأمم المتحدة أن “75 في المائة من جميع الأمراض المعدية الناشئة في البشر هي أمراض حيوانية، ما يعني أن الحيوانات تنتقل إلى البشر.. الطبيعة ترسل لنا رسالة”.

تلوث الهواء

من جانب آخر، تبحث منظمة الصحة العالمية الآن، فيما إذا كانت جزيئات التلوث المحمولة جوًا، قد تكون ناقلات تنشر فيروس كوفيد-19 وتجعله أكثر ضراوة، وقد بينت دراسة حديثة صدرت في شهر أبريل الماضي، ونشرت في مجلة التلوث البيئي، أن الأشخاص الذين يعيشون في منطقة ذات مستويات عالية من الملوثات هم أكثر عرضة لتطوير أمراض الجهاز التنفسي المزمنة المناسبة لأي عدوى فيروسية، علاوة على ذلك، يؤدي التعرض المطول لتلوث الهواء إلى التحفيز التنفسى الالتهابي المزمن، حتى في الأشخاص الصغار والأشخاص الطبيعيين.

يعد تلوث الهواء عامل الخطر البيئي الرئيسي في حدوث وتطور بعض الأمراض، مثل الإصابة بالالتهابات التنفسية خاصة الالتهاب الرئوي، الإصابة بحساسية الصدر أو الأنف أو الجلد، فتلوث الهواء له آثار لا تعد ولا تحصى على الاستجابات المناعية الرئوية، ويزيد من احتجاز الأطفال في المستشفيات، وأمراض الجهاز التنفسي هي أكثر الأسباب شيوعا لاحتجاز الأطفال في المستشفيات في جميع أنحاء العالم، خاصة في الدول النامية.

مستلزمات الحماية الشخصية

ومن جهة أخرى، ألقى التخلص من مستلزمات الحماية الشخصية من فيروس كورونا المستجد بعبء جديد على البيئة، حيث قدر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، أنه يلزم كل شهر وإلى أن يتم الخروج من أزمة كوفيد ١٩ توافر 89 مليون قناع طبي، و76 مليون قفاز، و1.6 مليون نظارة واقية على مستوى العالم.

والعناصر الأكثر أهمية والتي تحتاج إلى أن ضخ مستمر وبكميات مرتفعة في الأسواق والمستشفيات، هي الكمامات والقفازات ومسحات النايلون والبلاستيك المستخدمة لاختبار العينات، والقوارير البلاستيكية الحافظة للعينات، وقفازات وأقنعة جراحية، وكواشف الفيروس الكيميائية، ومطهرات اليد، ومنتجات التنظيف الشخصية، وأغلبها عناصر تستخدم لمرة واحدة يستوجب بعدها التخلص منها.

ويمثل التخلص الآمن من هذه النفايات الحيوية الخطيرة بطرق صحية التحدي المستحدث للبيئة، حيث إنه ومع انعدام الوعي في هذا الشأن، وكذلك وجود مخلفات طبية تعجز بعض الدول عن التخلص، يؤدي ذلك إلى حدوث أزمة بيئية مع مليارات العناصر المصنوعة من البلاستيك ذات الاستخدام الواحد، الذي سينتهي المطاف ببعضها بإلقائها في المجاري المائية والمحيطات حول العالم.



حان وقت الطبيعة

من جانبها، تشارك مصر العالم إحياء اليوم العالمي للبيئة، وذلك بعرض عدد من الفيديوهات والتنويهات للتوعية بأهمية الطبيعة وتنوعها البيولوجي للإنسان ودور الفرد والمجتمع في المشاركة في حماية هذه الثروات الطبيعية والحفاظ عليها.

وأكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة المصرية أن ما يتعرض له العالم من انتشار فيروس كوفيد ـ19 هو رسالة للإنسانية وناقوس خطر للحث على أهمية السعي والعمل الجاد للتناغم مع الطبيعة باعتبارها الفرصة الحقيقية لحماية الإنسان وكوكب الأرض لتحويل تلك المحنة إلى فرصة حقيقة بالانضمام إلى ركاب حماية الطبيعة وتنوعها البيولوجي، والذي لم يعد رفاهية بل لا بد أن يكون جزءًا أساسيًا من تفكيرنا وحياتنا اليومية الآن وعلى كافة المستويات لبناء مستقبل متناغم مع الطبيعة ويتم إدارته على نحو مستدام لضمان صحة الإنسان و كوكب الأرض التي تعد شبكة مترابطة الكل فيها سواء وليس ببعيد عن الأخطار.

وأشارت فؤاد أن عام 2020 عاما حاسما لالتزامات الدول بالحفاظ على التنوع البيولوجي واستعادته، حيث تقود مصر دول العالم من خلال رئاستها لمؤتمر الأطراف الرابع عشر لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، والذي توفر من خلاله الفرصة لتعزيز بدء عقد الأمم المتحدة لاستعادة النظم الإيكولوجية “2021-2030″، الذي يهدف إلى توسيع نطاق استعادة النظم الإيكولوجية المتدهورة والمدمرة على نطاق واسع لمكافحة أزمة المناخ وتعزيز الأمن الغذائي وإمدادات المياه والتنوع البيولوجي.

ربما يعجبك أيضا