تنظر السلطات في إيران إلى حركة الاحتجاجات الواسعة داخل البلاد، على أنها مخطط غربي-إقليمي.. ما دفعها إلى الانتقال للخطة «ب» بالعودة إلى تهديد ومعاقبة القوى الإقليمية والغربية.
أمام استمرار الاحتجاجات في الداخل، سعت إيران للهروب إلى الأمام بإرسال قائد فيلق القدس، إسماعيل قآني لتهديد إقليم كردستان.
إذ تتهم طهران إقليم كردستان بإيواء العارضة الكردية-الإيرانية المسلحة، فضلًا عن اتهامات بالتعاون مع الاستخبارات الإسرائيلية ضد إيران، على إثر الاحتجاجات التي نشبت بعد مقتل الفتاة الإيرانية مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق.
استمرار الاحتجاجات
حسب “ميدل ايست“، فقد قتل مسلحون على متن دراجات نارية 9 أشخاص بينهم امرأة وطفلان، في اعتداءين منفصلين في جنوب إيران، وفق ما ذكر الإعلام الرسمي الخميس الماضي، في حين تتواصل التحركات الاحتجاجية في عدد من المدن منذ مقتل مهسا، منتصف سبتمبر الماضي.
واتهم وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، الخميس، بعد الهجمات الأخيرة إسرائيل وأجهزة مخابرات غربية بالتخطيط لتقسيم إيران وإشعال فتيل حرب أهلية بها. وقال عبداللهيان: “يجب أن يعلموا أن إيران ليست ليبيا أو السودان”، مضيفًا أن الإيرانيين لن ينخدعوا بمثل هذه الخطط.
قصف كردستان العراق
قبل هذا الهجوم الإرهابي داخل إيران، قصف الحرس الثوري الإيراني، الاثنين 14 نوفمبر، مواقع للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني المعارض، في إقليم كردستان العراق، حسب ما نقلته “تسنيم“. وتفيد التقارير أن النظام الإيراني يحاول بهذه الضربات التغطية على عجزه في مواجهة الاحتجاجات بالداخل.
ويأتي الهجوم على كردستان، بعد تصريح لرئيس لجنة العلاقات الخارجية في لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني، وحيد جلال زاده، قال فيه: “إننا نعد أمن دول المنطقة من أمننا، لكن وجود بعض العناصر لن يخدم المنطقة”، ودائمًا ما تتهم طهران إقليم كردستان العراق بإيواء عناصر كردية إيرانية مسلحة، تعمل ضدها.
غضب عراقي
طالب رئيس اقليم كردستان نيجيرفان البارزاني، بغداد بوضع حد للاعتداءات المتكررة والتي وصفها غير مسوغة على مدن الإقليم، حسب صحيفة “الزمان“. وحسب الصحيفة ذاتها، فقد وصف مراقبون زيارة الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد إلى إقليم كردستان، بأنها رسالة تضامن ورفض للقصف الايراني.
وحسب “وان نيوز“، فإن حكومة محمد السوداني الجديدة، في اختبار جديد للإجابة على كيفية تعامل بغداد مع تصعيد طهران في ظل حكومة يقودها حلفاء طهران. وقد هدد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، بأن تطال هجمات الحرس الثوري المقبلة المدنَ والقرى والمناطق السكنية في إقليم كردستان.
زيارة قاآني
حسب “نورنيوز“، فإن قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، إسماعيل قاآني، قد زار بغداد، الثلاثاء 15 نوفمبر. وقد عقد اجتماعًا مع الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، كلًا على حدة، وناقش معهما عددًا من الملفات المشتركة الأمنية، التي منها التهديدات الأمنية في إقليم كردستان.
وقد أجرى قاآني عدة زيارات الى بغداد منذ توليه منصب قائد فيلق القدس خلفًا لقاسم سليماني، الذي قتل إثر اغتيال أمريكي قرب مطار بغداد الدولي مطلع عام 2020. ويتولى فيلق القدس المهمات العسكرية الخارجية لإيران في المنطقة، ما يمثل أداة تهديد ونفوذ داخل دول الإقليم، لا سيما يستفيد من المليشيات الشيعية المسلحة.
تهديد بالاجتياح
حسب “أسوشيتد برس“، فقد هدد قاآني خلال زيارته إلى بغداد باجتياح شمال العراق، إذا لم يحصن الجيش العراقي الحدود المشتركة ضد الجماعات الكردية المعارضة لطهران. وتزعم إيران أن المعارضة الكردية الموجودة في كردستان تحرض على الاحتجاجات ضد النظام، وتتهمها بتهريب الأسلحة لداخل البلاد.
وكانت مطالب قاآني ذات شقين: نزع سلاح الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة في شمال العراق، وتحصين الحدود لمنع التسلل. ويضع التهديد الإيراني بغداد في مأزق، إذ إن هذه هي المرة الأولى التي يهدد فيها مسؤولون إيرانيون علنًا بعملية عسكرية برية.
عرقلة التعاون مع واشنطن
ذكرت صحيفة “عكاظ“، فقد طلب قاآني بعرقلة التحقيقات في مقتل المواطن الأمريكي في بغداد، والثانية تعطيل التوجيهات الأمريكية الاقتصادية. خاصة أن زيارته قد استبقت زيارة مرتقبة لمسؤول اقتصادي أمريكي كبير لتعزيز العلاقات مع العراق، خصوصًا بزيادة التعاون في مجال التجارة وصناعة النفط.
وتأتي زيارة قاآني بعد إعلان رئيس الوزراء العراقي أن بغداد لديها من الخيوط ما يقود إلى مَن يقف وراء عملية اغتيال المواطن الأمريكي ستيفن ترول. وقال إن “مقتل المواطن الأمريكي جريمة توقيتها مقصود ويقف خلفها من يسعى لاختبار الحكومة”. ويبدو أن طهران ليست راضية عن تقرب السوداني من واشنطن.
عقبة كردستان
حسب “أخبار الآن“، فإن نموذج إقليم كردستان يُعرقل المشاريع الإيرانية للهيمنة الأمنية والسياسية الكاملة على العراق، وقد فشلت طهران في نقل تجربتها في السيطرة والنفوذ إلى مدن الإقليم، من خلال تأسيس الميليشيات والمراكز والمدارس والمؤسسات، التي تقوم بالتسويق للمشروع الإيراني وفكرة ولاية الفقيه.
حتى أن السياسيين في إيران يعترفون بهذا الفشل، فينتقد السفير الإيراني الأسبق في بغداد “حسن دانائي فر” منع السلطات الأمنية في كردستان العراق فتح مدارس وجامعات إيرانية في الإقليم.
خطة «ب»
حسب صحيفة “الجريدة“، فإن طهران اتخذت قرارًا بالتصعيد على عدة جبهات، وأنه بعد الضربات التي وجهتها إسرائيل ضد الإمدادات الإيرانية للجماعات المسلحة المتحالفة معها في سوريا، فقد أصيبت ناقلة نفط مرتبطة بالإسرائيلي عيدان عوفر بقنبلة أطلقت من طائرة مسيّرة، خلال إبحارها في خليج عمان ليل الثلاثاء، وهو ما يمثل انتقال إيران للخطة “ب” لمعاقبة مَن اتهمتهم بدعم الاحتجاجات.
وتظهر هذه الهجمات أن إيران جادة في تهديداتها بأشكال التصعيد المختلفة، فقد حضّ الرئيس الفرنسي إيران على “احترام الاستقرار الإقليمي”، مع تأكيده على شرعية احتجاجات الشباب في إيران. في حين حظرت وزارة الصناعة الإيرانية استيراد السيارات الفرنسية، حسب “ميدايست“.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1358837