في تطور دراماتيكي، أعلنت هيئة تحرير الشام التي سيطرت على مقاليد الأمور في سوريا بعد إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد الأحد الماضي 8 ديسمبر 2024، عن بدء مرحلة جديدة من الملاحقات ضد المسؤولين في النظام السابق.
وتشير هذه التحولات إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد تغييرات جذرية في ملامح النظام السياسي السوري، في حين أن ملاحقة كبار المسؤولين ستكون أحد أولويات الحكومة الجديدة.
بدء محاكمة كبار المتورطين في جرائم الحرب
زعيم “هيئة تحرير الشام” أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، الذي يقود التنظيمات السورية، أكد وضع قائمة للحساب والعقاب.
وفي تصريح له عبر تطبيق تيليجرام، قال الجولاني إن الحكومة الجديدة في سوريا ستبدأ في نشر قائمة أولية بأسماء كبار الضباط في الجيش والأمن المتورطين في ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين، وفي خطوة لتعزيز هذه الحملة، قال الجولاني إن السلطات الجديدة ستقدم مكافآت للأشخاص الذين يقدمون معلومات حول مكان وجود هؤلاء المسؤولين الهاربين.
ردود الفعل الدولية وتوجهات المستقبل
أضاف الجولاني: “لن نتوانى عن محاسبة المجرمين، سواء في سوريا أو في الدول التي لجؤوا إليها، لضمان محاسبتهم وإنزال العقوبات العادلة بهم”، مشددًا على أن التنظيمات السورية ملتزمة بالتسامح مع الذين لم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين، في إشارة إلى إمكانية منح العفو لمن كانوا مجبرين على أداء الخدمة العسكرية الإلزامية.
ومع إعلان التنظيمات السورية السيطرة على دمشق، والحديث عن ملاحقة المتورطين في تعذيب الشعب السوري، تبدأ مرحلة جديدة من التحولات في سوريا، ومع رحيل الأسد عن البلاد، تثار تساؤلات حول كيفية تأثير هذه الأحداث على مستقبل النظام السوري وعلى الأوضاع الإقليمية والدولية، وقد يواجه كبار الضباط المتورطين في عمليات التعذيب تحديات قانونية في المحاكم الدولية، خاصة مع إمكانية محاكمة المجرمين في محكمة جرائم الحرب.
ويعتقد الكثيرون أن تسارع الأحداث قد يدفع المجتمع الدولي إلى اتخاذ مواقف حاسمة، سواء في دعم جهود التنظيمات السورية للانتقال السلمي للسلطة أو في دعم العدالة الدولية لضمان محاسبة كل من شارك في انتهاك حقوق الإنسان في سوريا.
معاناة السوريين في سجن صيدنايا “المسلخ البشري”
على ذكر ملاحقة المتورطين في تعذيب السوريين، يبرز سجن صيدنايا الذي عانى فيه السوريين أبشع الجرائم لسنوات، فمنذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011، تعرض العديد من السوريين إلى أقسى أنواع التعذيب في سجون النظام السوري، وخاصة في سجن صيدنايا الذي أصبح رمزًا للمعاناة والقهر.
وهذا السجن، الذي وصفته منظمة العفو الدولية في تقريرها لعام 2017 بـ “المسلخ البشري”، شهد ممارسات وحشية أدت إلى مقتل الآلاف من المعتقلين، الذين غالبًا ما تم إعدامهم في عمليات شنق جماعية، وأصبح سجن صيدنايا مصدرًا للعديد من القصص المروعة التي عكست وحشية النظام السوري في التعامل مع المعارضين وأبسط حقوق الإنسان، حسب شبكة (سي إن إن) الأمريكية.
لمحة عن سجن صيدنايا
– تأسيس السجن: افتتح سجن صيدنايا في عام 1987 في عهد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، ليكون سجنًا عسكريًا شديد الحراسة، يقع السجن في بلدة صيدنايا، على بعد 30 كيلومترًا إلى الشمال من العاصمة دمشق.
– البنية والتقسيم: يتألف سجن صيدنايا من قسمين رئيسيين؛ الأول يسمى “السجن الأحمر”، وهو المبنى القديم، والثاني هو “السجن الأبيض”، الذي أُضيف لاحقًا، ويُعتقد أن السجن يضم آلاف السجناء، غالبيتهم من المعارضين السياسيين، إضافة إلى عدد من العسكريين.
– الممارسات الوحشية: في عام 2017، وصفت منظمة العفو الدولية سجن صيدنايا بأنه “المسلخ البشري”، مشيرة إلى أن الدولة السورية تستخدمه كأداة لقتل شعبها بهدوء، من خلال عمليات إعدام جماعي خارج نطاق القضاء، ومنذ بداية الحرب الأهلية السورية في 2011، جرى إعدام آلاف الأشخاص في السجن، وعُثر على مقابر جماعية لضحايا صيدنايا، كما وثقت العفو الدولية.
– الإحصاءات المروعة: وفقًا لرابطة “معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا”، التي مقرها تركيا، يقدر عدد القتلى في السجن بين 30 إلى 35 ألف سجين بين عامي 2012 و2022، نتيجة عمليات الإعدام أو التعذيب الوحشي، ومن بين القصص التي وصلت من داخل السجن، تظهر شهادات سجناء قضوا عقودًا في هذه الجحيم قبل أن يُفرج عنهم بعد انهيار نظام الأسد.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2072051