عودة الرئيس الجمهوري، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، يمثل تحديًا كبيرًا بالنسبة لإيران التي هي واحدة من شواغل السياسة الخارجية الأمريكية.
ويأتي هذا التحدي من طبيعة السياسة التي اتبعها ترامب ضد طهران خلال ولايته الأولى، حيث غادر الاتفاق النووي عام 2018م، كما قام باغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، بالإضافة إلى فرضه سياسة “أقصى ضغط” من العقوبات على إيران. وحاليًا هناك ضربات عسكرية متبادلة بين إيران وإسرائيل، ما يعني أن هناك 4 سنوات قادمة بالغة التعقيد.
تهديد مستمر
لا تتراجع إيران عن تهديداتها بتوجيه ضربة عسكرية لإسرائيل، حتى مع فوز ترامب، فقد قال المرشد الأعلى، علي خامنئي، السبت الماضي 2 نوفمبر: “إن الأعداء بمن فيهم أمريكا وإسرائيل سيتلقون ردا صارمًا على ما يفعلونه ضد إيران والمقاومة”. مضيقًا: “إيران لن تتراجع عن مواجهة العدو، ولن تترك أي تحرك من جانبه دون رد”.
أيضًا، أمس الأربعاء 6 نوفمبر، مع إعلان فوز ترامب، أكد اللواء حسين سلامي القائد العام للحرس الثوري الإيراني، في اجتماع مجلس خبراء القيادة، أن منطقة غرب آسيا تسير على طريق تحول سياسي وأمني كبير، وذكر أن إن أوضاع المنطقة والبلد ونظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية في وضع حرج بسبب التطورات الراهن”.
وحسبما نقلت وكالة فارس، قال سلامي: “من الخطأ أن تظن إسرائيل أن إيران لن ترد على تجاوزاتها”.
إسرائيل تتجهز
كانت المحادثة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو والرئيس الفائز دونالد ترامب، التي وصفها مكتب نتنياهو بالدافئة، وقال إنهما ناقشا “التهديد الإيراني”، وضرورة العمل معا من أجل أمن إسرائيل، مؤشر على أن تل أبيب تتجهز للرد على إيران.
الأمر الذي دفع نائب قائد الحرس الثوري، العميد علي فدوي، أمس الأربعاء، أن يقول: ” إيران لا تستبعد أي هجوم استباقي أمريكي وإسرائيل لمنعها من تنفيذ عملية “الوعد الصادق 3″، رداً على الهجوم الإسرائيلي في 26 أكتوبر الماضي”.
مسافة زمنية
يبدو أن طهران توصلت إلى استنتاج مفاده أنه إذا لم ترد بحزم على إسرائيل، فإن المخاطر العسكرية والأمنية التي تمارسها إسرائيل ضد إيران ستستمر.
فإنه من الواضح أن نتنياهو، من خلال إقالة وزير دفاعه، يوآف جالانت، قد أعد نفسه لمواصلة التصعيد مع إيران، وربما ناقش نواياه مع ترامب. خاصة أن جالانت كان يطالب بوضع سقف زمني للتصعيد في المنطقة.
واستمرار التهديدات المتبادلة بين طهران وتل أبيب، يكشف أن كلا الطرفين يستغل المسافة الزمانية حتى تسلم ترامب مفاتيح البيت الأبيض، أي بعد تنصيبه في 20 يناير 2025، لرفض أوراق ضغط بما يحافظ على توازنهما الإقليمي.
فقد قال ترامب خلال الحملات الانتخابية، بوضوح إنه يريد أن تنتهي الحرب في الشرق الأوسط بحلول الوقت الذي تبدأ فيه إدارته، ولكن بقي 75 يوما حتى ذلك اليوم، وهذه فرصة لنتنياهو لتحدي إدارة بايدن والاعتماد على الدعم السياسي لترامب، وتكثيف صناعة الحرب في المنطقة، وبالطبع إلقاء اللوم على إدارة بايدن، ثم يأتي ترامب ليطفأ كل ذلك.
قبل أن يأتي!
حسب منصة خبر فوري الإيرانية، فإن ترامب مستفيد من التصعيد الدائر الذي يسبق عودته ويشجع عليه، فإن التصعيد والتوتر في الشرق الأوسط سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، بما يهدد الاقتصاد الصيني.
كما أن التوتر الدائر وضعف محور المقاومة، يمكن أن يدفع إيران إلى التفاوض مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وهذه هي رغبة ترامب منذ مغادرته الاتفاق النووي، بالوصول إلى اتفاق ثنائي مع إيران بدون الأطراف الأخرى.
كذلك أيضًا، فإن استمرار التصعيد العسكري في المنطقة سيلفت الأنظار إلى ترامب وسيزيد حجم دولارات النفط المرسلة من المنطقة إلى الخزانة الأمريكية.
وبالنسبة للقضية الأوكرانية التي هي عنوان السياسة الخارجية الأهم بالنسبة لترامب، فإن استمرار التوتر في الشرق الأوسط سيدفع الحرب في أوكرانيا إلى الهامش ويعطي ترامب فرصة لمساعدة روسيا على تجاوز الأزمة بطريقة كريمة. وهذا في وضع أصبحت فيه أوروبا ضعيفة للغاية ولا تملك القدرة على حل الأزمة في شرق القارة الخضراء.
كل ذلك، سيساعد ترامب على الظهور في النهاية بوصفه المنقذ ورجل السلام القادر على إطفاء الحروب في العالم، مع إدارة مصالحه مع حلفائه بالطريقة التي يحبها، وهي المكاسب أولًا.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2038609