تشير الضربات الجوية التي أمر بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد الحوثيين إلى تحول استراتيجي، لكنها قد تؤدي أيضًا إلى زعزعة الاستقرار مجددًا في الممرات البحرية بالبحر الأحمر.
في 15 مارس 2025 وفي الأيام التالية، نفذت الولايات المتحدة غارات جوية على مناطق يسيطر عليها الحوثيون، وذلك للمرة الأولى منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، ولم تشارك المملكة المتحدة في الضربات، لكنها قدمت دعمًا لوجستيًا عبر إعادة تزويد الطائرات الأمريكية بالوقود.
تحول استراتيجي
تأتي الضربات بعد أن أعادت واشنطن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، وبعدما يُعتقد أن الحوثيين أسقطوا طائرة أمريكية مسيّرة فوق الحديدة.
منذ يناير 2024، استهدفت العملية الأمريكية-البريطانية مواقع عسكرية ومنشآت تحت الأرض تابعة للحوثيين عدة مرات، لكنها لم تُحدث تحولًا كبيرًا.
ولا تزال الجماعة المدعومة من إيران قادرة على تنفيذ هجمات ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وأهداف داخل إسرائيل، حتى بدأ وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في 19 يناير 2025، حسب تحليل المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية.
اختلافات جوهرية في ضربات ترامب
أكد ترامب في تصريحاته الإعلامية أن الضربات استهدفت “قواعد الإرهابيين وقادتهم وأنظمة دفاعهم الصاروخية” على حد وصفه، وقد ركزت الهجمات على صعدة وصنعاء، وهما معقلان أيديولوجيان وسياسيان رئيسيان للحوثيين.
وبعد الغارات، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي مايكل والتز إن العملية “استهدفت عدة قادة حوثيين وتم القضاء عليهم”.
هذا يختلف عن نهج بايدن، الذي ركّز في السابق على تقليص القدرات الهجومية للجماعة ومنع التهديدات المباشرة للسفن، بدلًا من استهداف القيادة، كما أن هذه الاستراتيجية الأمريكية الجديدة تتقاطع مع نهج إسرائيل، حيث هدد المسؤولون الإسرائيليون مرارًا بـ”قطع رأس” القيادة الحوثية، كما فعلوا مع حماس وحزب الله.
هجوم استباقي
في عهد بايدن، كانت الضربات تُنفّذ أثناء تنفيذ الحوثيين لهجماتهم ضد السفن، أما أولى ضربات ترامب، فتبدو بمثابة ضربة استباقية، ومنذ 19 يناير، أوقف الحوثيون هجماتهم البحرية نتيجة وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
لكن في 7 مارس، هدد زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، باستئناف العمليات البحرية ضد إسرائيل إذا لم ترفع تل أبيب الحصار عن المساعدات إلى غزة خلال أربعة أيام. ومع انتهاء المهلة، أعلن الحوثيون استئناف هجماتهم على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر والممرات المائية المجاورة.
وبذلك، تشير ضربات ترامب إلى سياسة أمريكية أكثر مواجهة تجاه الجماعة، اللافت أن البيان الأمريكي هذه المرة لم يستخدم كلمة “متناسبة”، التي كانت تظهر عادة في بيانات الإدارات السابقة، كما أن البيت الأبيض خفّف القيود على الضربات الجوية العسكرية، مما يسمح للقادة بتنفيذها دون الحاجة إلى موافقة رئاسية إذا كانت الأهداف مصنفة كإرهابية.
تهديد إيران وإبلاغ الروس
أثناء الإعلان عن الضربات، توعد ترامب بمحاسبة إيران على دعم الحوثيين، مطالبًا طهران بوقف دعمها العسكري لهم، وعلى الرغم من أن إدارة بايدن كانت تلقي اللوم أيضًا على إيران، إلا أن النهج الجديد أكثر صراحة في استهداف طهران بالتوازي مع الحوثيين.
لكن هذه الاستراتيجية قد تربط الملف اليمني بالملف الإيراني بشكل معقد، متجاهلة الأبعاد الداخلية التي تحرك الحوثيين، إضافة إلى المشهد اليمني الأشمل، المثير للاهتمام هو تحول الموقف الأمريكي تجاه روسيا، على عكس الماضي القريب، أبلغت واشنطن موسكو مسبقًا بالعملية العسكرية ضد الحوثيين، حيث تحدث وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.
ويأتي ذلك في وقت تحافظ فيه روسيا على شراكة استراتيجية مع إيران، وتسعى لتعزيز اتصالاتها مع الحوثيين. كما اجتمعت موسكو وطهران في بكين في 14 مارس لمناقشة الملف النووي الإيراني والمطالبة برفع العقوبات، ما يعكس تغييرات في المزاج السياسي بين واشنطن وموسكو.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2167205