قمة بريكس.. خطوة نحو عالم متعدد الأقطاب

آية سيد
قمة بريكس.. خطوة نحو عالم متعدد الأقطاب

يُعد الاهتمام المتزايد بعضوية بريكس تأييدًا للهدف الذي روجت له المجموعة كثيرًا، وهو نظام عالمي متعدد الأقطاب.


تنعقد، اليوم الثلاثاء 22 أغسطس 2023، القمة الـ15 لمجموعة بريكس في مدينة جوهانسبرج بجنوب إفريقيا.

وتتكون بريكس من مجموعة من الاقتصادات الناشئة الكبرى، وهي البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا، وأعربت الكثير من الدول عن اهتمامها بالانضمام إلى المجموعة.

اهتمام دولي

حسب تقرير لمجلة فورين بوليسي الأمريكية، في 18 أغسطس الحالي، جذبت قمة هذا العام قدرًا كبيرًا من الاهتمام الدولي، بسبب التكهنات بشأن ما إذا كان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، سيحضر شخصيًا، وبسبب العدد الكبير من الدول التي أعربت عن اهتمامها بالانضمام إلى المجموعة.

لكن بوتين لن يحضر القمة شخصيًّا، وسيشارك افتراضيًّا. وأشارت المجلة إلى أن مسؤولين من الدول الراغبة في الانضمام إلى المجموعة سيحضرون شخصيًّا، مثل رئيس بوليفيا ووفد من الأرجنتين. وتقول جنوب إفريقيا إن أكثر من 40 دولة أعربت عن اهتمامها بالانضمام، منها السعودية، والإمارات، وإندونيسيا.

هدف مشترك

منذ تأسيسها في 2009، واجهت الدول الأعضاء في بريكس مجموعة من الخلافات، لكنها استمرت في عقد الاجتماعات بشأن مجموعة واسعة من القضايا، مثل الحوكمة الصحية، والأعمال التجارية، والزراعة.

ووفق فورين بوليسي، كان هذا ضمن إطار الاعتقاد المشترك بأن الروابط الاقتصادية والسياسية بين أعضاء المجموعة ستساعد في قيادة الانتقال إلى عالم لا تكون الولايات المتحدة هي القوة المهيمنة عليه.

اقرأ أيضًا| اجتماع قمة بريكس.. آفاق وفرص وتحديات ومصاعب

عالم متعدد الأقطاب

عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، حاولت الدول الغربية إقناع بقية العالم بعزل نفسه اقتصاديًّا وسياسيًّا عن موسكو. لكن معظم دول الجنوب العالمي لم تشارك في هذه الحملة لعدة أسباب، منها المخاوف الاقتصادية، وتاريخ العنف بالوكالة الذي شهدته الكثير منها أثناء الحرب الباردة، والاستياء من ازدواجية المعايير في معاقبة الدول.

وعلى الرغم من أن الحملة الغربية نجحت في حشد الدعم لأوكرانيا واستعرضت عضلات حلف شمال الأطلسي (الناتو) والغرب كقطب من أقطاب القوة العالمية، فإن الاهتمام المتزايد بعضوية بريكس يُعد تأييدًا للهدف الذي روجت له المجموعة كثيرًا، وهو نظام عالمي متعدد الأقطاب، حسب المجلة الأمريكية.

بنك التنمية الجديد

كان أحد الإنجازات الأساسية لمجموعة بريكس هو إنشاء بنك التنمية الجديد في 2015. وعلى عكس البنك الدولي، تمتلك الدول النامية حصة تصويت أكبر في بنك التنمية الجديد، وبعض القروض تتم بالعملات المحلية بدلًا من الدولار الأمريكي.

وفي مايو الماضي، قالت رئيسة بنك التنمية الجديد، ديلما روسيف، إن البنك يهدف إلى تقديم 30% من قروضه بعملات الدول الأعضاء، في الفترة بين 2022 و2026.

وفي تصريحات لمجلة فورين بوليسي، قال الخبير الاقتصادي بجامعة إبميك البرازيلية، دانيال سوسا، إن القروض غير الدولارية “تحمي المقترضين من التذبذبات في قيمة الدولار الأمريكي”.

اقرأ أيضًا| عملة «بريكس» المحتملة.. هل يحظى الدولار بمنافس جديد؟

سد فجوة التمويل

لفتت المجلة إلى أن جاذبية بنك التنمية الجديد تعكس جزئيًّا انتقادات الدول الأعضاء للمؤسسات المالية متعددة الأطراف، لكنه موجود أيضًا لسد فجوة التمويل. هذا لأن البنك الدولي والبنوك المشابهة ليست كبيرة بما يكفي لتمويل كل المشروعات التي تحتاج إليها الدول منخفضة ومتوسطة الدخل لمواجهة أزمة المناخ وتلبية الاحتياجات الأخرى.

ووفق ما أوضحت الباحثة بمركز سياسات التنمية العالمية التابع لجامعة بوسطن الأمريكية، ريبيكا راي، لفورين بوليسي، أشار تقدير في عام 2021 إلى أن أمريكا اللاتينية ودول الكاريبي تحتاج إلى 2.2 تريليون دولار في استثمارات البنية التحتية لتلبية أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة في 2030.

لكن العام الماضي، وافق البنك الدولي على 70 مليار دولار فقط في جميع أنحاء العالم، وليست جميعها للبنية التحتية. وقالت راي: “إن الحجم الهائل للطلب يتجاوز ما يمكن لمصدر تمويل واحد تلبيته”.

أعضاء جدد

انضمت بنجلاديش، ومصر، والإمارات، وأوروجواي مؤخرًا إلى صفوف بنك التنمية الجديد، ويجري البنك محادثات مع المزيد من الأعضاء الجدد المحتملين. لكن في حين أن البنك كان منفتحًا أمام التوسع لسنوات، فإن عضوية النادي السياسي كانت أصعب، وفق فورين بوليسي.

وتسبب الاهتمام الجديد بالمجموعة إلى إثارة جدل واسع داخل بريكس، لأن أهداف المجموعة أوسع وأقل تحديدًا من أهداف بنك التنمية الجديد. وأشارت المجلة الأمريكية في تقرير سابق إلى أن البرازيل والهند، في سعيهما لعدم الانحياز، قلقتان من قبول أعضاء يتبعون سياسات مناهضة للغرب، مثل إيران وسوريا وفنزويلا.

وعلى الجانب الآخر، ترغب بكين في توسيع الكتلة وتحويلها إلى “تحالف تقوده الصين”. وقال وزير خارجية البرازيل إن تحديد معايير انضمام الأعضاء الجدد ستكون على أجندة القمة، وكذلك مقترحات السلام لحرب أوكرانيا واستخدام المزيد من العملات غير الدولارية.

اقرأ أيضًا| اقتصاد الهند.. ركيزة لصعود نجم «بريكس» عالميًّا؟

توزيع القوة العالمية

لفتت فورين بوليسي إلى أنه في ظل الاهتمام المتزايد ببنك التنمية الجديد والنادي السياسي لمجموعة بريكس، تراهن المزيد من الدول على إمكانية استحداث خريطة موزعة بنحو أكثر توازنًا للقوة العالمية.

وحسب ما كتب الأستاذ بجامعة توركواتو دي تيلا في الأرجنتين، خوان جابرييل توكاتليان، والباحثة بالمعهد الوطني البرازيلي لدراسات العلوم والتكنولوجيا، مونيكا هيرست، في دورية السياسة الدولية والمجتمع، فإنه في الجنوب العالمي “يوجد تصور متنامي بأن التخلص من هيمنة الدولار هي خطوة نحو العالم متعدد الأقطاب”.

ربما يعجبك أيضا