في ظل التطورات الجيوسياسية المُتسارعة، تبرز المملكة العربية السعودية كطرف مُحايد يسعى إلى رعاية المفاوضات بين القوى الكبرى.
وتستعد الرياض لاستضافة اجتماع رفيع المستوى يجمع مسؤولين أمريكيين وروس، بهدف التمهيد لقمة مرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وتتمحور المباحثات بشأن إيجاد حلًا دبلوماسيًا للصراع في أوكرانيا، في وقت تزداد فيه الضغوط الدولية لإنهاء الحرب المستمرة منذ عام 2022.
اجتماع تحضيري في السعودية
حسب وكالة “بلومبرج” في 15 فبراير 2025، قالت مصادر مطلعة إن التحضيرات للقمة تتسارع، وسط غياب نسبي للجانب الأوروبي عن المحادثات الأولية، مما أثار تساؤلات بشأن مدى شمولية المفاوضات ودورها في صياغة خارطة طريق جديدة للعلاقات الدولية.
ونقلت “بلومبرج” عن مصادر دبلوماسية، إن كبار المسؤولين من الولايات المتحدة وروسيا سيجتمعون في الرياض الأسبوع المقبل، لوضع الأسس لقمة ترامب وبوتين المحتملة، ومن المقرر أن تُعقد القمة قبل بداية شهر رمضان في مارس 2025.
المشاركون المتوقعون:
- مستشارو الأمن القومي من كلا البلدين.
- ممثلون عن الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا.
- مسؤولون سعوديون يتولون تنسيق المحادثات.
وحتى الآن، لم يتم إشراك الدول الأوروبية في هذه المباحثات، وهو ما نقلته الوكالة عن مسؤول لم يكشف عن هويته، مضيفًا أن المسؤولين الأوكرانيين رغم توقع حضورهم، لا يبدو أنهم على اطلاع كامل على تفاصيل الاجتماع.
الموقف الأوكراني من الاتفاق
في سياق رد الفعل الأوكراني، أكد الرئيس فولوديمير زيلينسكي، خلال مؤتمر ميونيخ للأمن، أن بلاده لن تقبل بأي اتفاق يُعقد دون مشاركتها المباشرة، وأضاف زيلينسكي: “ينبغي أن ينطبق هذا المبدأ على جميع الدول الأوروبية، فنحن لا نقبل التفاوض من وراء ظهورنا”.
وحتى الآن، لم يُصدر مكتب زيلينسكي تعليقًا رسميًا على التحضيرات الجارية في الرياض، وسط تكهنات بأن كييف تسعى لضمان عدم التنازل عن أي حقوق سيادية خلال المفاوضات.
تصريحات ترامب وبوتين
كشف الرئيس دونالد ترامب، الخميس 13 فبراير 2025، عن إمكانية عقد لقاء مع نظيره الروسي في السعودية، مضيفًا أن أوكرانيا ستكون طرفًا مشاركًا في المحادثات.
وجاءت هذه التصريحات عقب مكالمة هاتفية استمرت 90 دقيقة بين ترامب وبوتين، في أول تواصل مباشر بينهما منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022، ولم يصدر مجلس الأمن القومي الأمريكي أو الكرملين أي تعليق رسمي بشأن الاجتماع المزمع حتى الآن.
مبادرة دبلوماسية لتعزيز السلام
وجهت السعودية دعوات رسمية لممثلين عن الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا لحضور الاجتماع التمهيدي في الرياض، ويتولى مستشار الأمن القومي السعودي، مساعد العيبان، تنسيق المحادثات، وفقًا لمصدر دبلوماسي سعودي، إلا أن المصدر أشار إلى أن الخطط قد تتغيّر في اللحظات الأخيرة.
من هو مساعد العيبان؟
– يُعد من أبرز الشخصيات الدبلوماسية في المملكة.
– قاد مفاوضات سعودية مع إيران وأشرف على محادثات مع واشنطن بشأن اتفاقيات دفاعية.
– شارك في الجهود الدبلوماسية المتعلقة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
ويؤكد هذا الدور النشط مدى حرص الرياض على لعب دور محوري في السياسة الدولية، وتعزيز مكانتها كوسيط مُحايد في النزاعات العالمية.
شخصيات مؤثرة على طاولة الحوار
الوفد الأمريكي:
– مايكل والتز، مستشار الأمن القومي الأمريكي.
– ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص إلى المفاوضات.
الوفد الروسي:
– يوري أوشاكوف، مستشار السياسة الخارجية للكرملين.
– سيرجي ناريشكين، رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية.
– كيريل دميترييف، ممول ومستشار مقرب من بوتين.
ويمثل هؤلاء المسؤولون نخبة من صانعي القرار في كلا البلدين، مما يبرز جدية الأطراف في تحقيق اختراق دبلوماسي، رغم التوترات المستمرة.
وشهدت الأيام الأخيرة تصاعدًا في التوترات الأوروبية عقب خطاب نائب الرئيس الأمريكي، جي دي فانس، في مؤتمر ميونيخ للأمن، حيث انتقد القيم الأوروبية والديمقراطية الغربية، مما أثار استياءً واسعًا بين الحاضرين الأوروبيين.
استبعاد أوروبا من المباحثات
تفضل إدارة ترامب نهجًا أكثر انفرادية في المفاوضات، وتسعى واشنطن وموسكو إلى التوصل لاتفاق دون تدخل أوروبي مكثف، وأيضًا قد تحاول الدول الأوروبية الضغط لاحقًا للحصول على دور في الاتفاق النهائي.
واحتفظت المملكة العربية السعودية بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا، ما يجعلها مكانًا مثاليًا لمحادثات السلام المحتملة.
مزايا استضافة الرياض للقمة
تحظى السعودية بثقة الجانبين الروسي والأمريكي، وتمتلك المملكة سجلًا حافلًا في التوسط بالنزاعات الدولية، وتتيح فرصة للاتفاق بعيدًا عن الضغوط الغربية المباشرة.
ويعكس اختيار الرياض كموقع للمحادثات مدى أهمية الدبلوماسية السعودية في المشهد الدولي، مما قد يُعزز من دور المملكة كوسيط في قضايا دولية كبرى مستقبلًا، وبينما تتجه الأنظار نحو القمة المحتملة بين ترامب وبوتين، يبقى السؤال الأهم: هل تنجح هذه المباحثات في إنهاء الحرب أم أنها مجرد محطة جديدة في الصراع؟
وفي ظل هذه التطورات، سيبقى المشهد الدولي قابلًا للتحولات السريعة، حيث تظل نتائج المحادثات غير مضمونة، لكنها قد تمثل خطوة نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا أو ترسيخ واقع جديد في العلاقات الدولية.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2137436