الرد الإيراني على إسرائيل قد لا يأتي أبدًا.. ما السبب؟

كاتب سياسي يرجّح: الرد الإيراني سيكون محدودًا ولإرضاء الرأي العام

محمد النحاس

وفق الكاتب اللبناني، عزت أبو علي، فجرّاء عدم الرد الإيراني على العديد من الاستهدافات السابقة لعناصرها، باتت إسرائيل تملك جرأة على استهداف "حتى الأماكن الدبلوماسية" والتي تعد -بموجب الأعراف الدولية- أرضًا إيرانية.


شنّت إسرائيل، اليوم الاثنين 1 إبريل 2024، هجومًا على القنصلية الإيرانية في دمشق، وقد أدى لمقتل عناصر بارزة في الحرس الثوري الإيراني.

وأفادت وسائل إعلام مقرّبة من طهران بمقتل محمد رضا زاهدي، وهو قيادي بارز في ما يسمى “فيلق القدس” الإيراني بالغارة الإسرائيلية بالعاصمة السورية. ويأتي ذلك فيما تنخرط إسرائيل منذ أشهر في سلسلة متصلة من عمليات الاستهداف لقادة بارزين في جماعات تابعة لطهران.. لكن لماذا لا ترد إيران بشكل متناسب؟ وكيف شجّع ذلك إسرائيل على مواصلة نهجها؟

حرب انتقائية

في تصريحات خاصة لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، قال الكاتب السياسي اللبناني، عزت أبو علي، إن الاحتلال الإسرائيلي يستهدف كل الفصائل الإيرانية أو الموالية لطهران في سوريا، مشيرًا إلى أن ذلك قد بدأ بالفعل منذ مدة طويلة. وتعد الضربة الأخيرة على سوريا  الـ 5 خلال ما يقرب من أسبوع فقط. 

ورأى أبو علي، وهو أيضًا باحث في شؤون منطقة الشرق الأوسط، أن الأمر منفصل تمامًا عن الأحداث في غزة بالنسبة إلى إسرائيل، التي اتخذت قرارًا بشن “حربًا انتقائيّة” حيث تستهدف رؤوس الأذرع الإيرانية وقيادات الحرس الثوري الإيراني.

وأدّى استهداف القنصليّة الإيرانية في دمشق إلى مقتل القيادي البارز في الحرس الثوري الإيراني، محمد رضا زاهدي، والذي تولى قيادة فيلق القدس في لبنان وسوريا حتى عام 2016.

ضربات متكررة

كانت إسرائيل قد شنّت ضد فصائل إيرانية أو موالية لطهران نحو 40 غارة خلال عام 2023، و28 في عام 2022، وقد كثّفت من معدّل ضرباتها ضد الفصائل الإيرانية منذ اندلاع الحرب في غزة أكتوبر من العام الماضي.

ووفق الكاتب اللبناني، عزت أبو علي، فـإنه جرّاء عدم الرد الإيراني على العديد من الاستهدافات السابقة لعناصرها، باتت إسرائيل تملك جرأة على استهداف “حتى الأماكن الدبلوماسية” والتي تعد -بموجب الأعراف الدولية- أرضًا إيرانية.

كيف يبرر المحوّر الإيراني موقفه؟

كان الحرس الثوري الايراني قد كشف عن مقتل 7 من عناصره من بينهم “ضابطان كبيران” في الهجوم الإسرائيلي، والذي قالت وكالة أنباء رويترز، أنه قد “سوّي مبنى القنصلية بالأرض”، معتبرةً الضربة “تصعيد خطير للصراع في الشرق الأوسط قد يضع إسرائيل في مواجهة ضد إيران وحلفائها”.

من جانبه أوضح أبو علي أن المحوّر الإيراني يبرر الموقف بأن الاستهداف، لا يعد خروجًا عن قواعد الاشتباك القائمة، منذ شروع إسرائيل في استهداف العناصر الإيرانية والمجموعات الموالية لإيران، مشيرا إلى أن الاستهداف جاء لقيادي عسكري في الحرس الثوري الإيراني، معتبرين أنه بالأعراف الدبلوماسية ليس ممثلًا لطهران في سوريا، ومن ثمّ فإن ذلك ليس إعلان حرب ضد إيران، على عكس ما سيكون عليه لو استهدفت إسرائيل على سبيل المثال، السفير الإيراني.

وذكر أبو علي أن إسرائيل أرادت أن تؤكد أنها ملتزمة بقواعد اللعبة عن طريق تجنّب استهداف السفير الإيراني، في الهجوم الأخير على سوريا. 

لماذا لن ترد إيران بشكل جاد؟

عن سبب عدم رد إيران، قال أبو علي: “إن إيران لطالما رددت أنها سترد في الزمان والمكان المناسبين” دون أن تفعل ذلك، رغم اغتيال إسرائيل العديد من العناصر الإيرانية، وحتى كبار العلماء النوويين. وأرجع ذلك إلى وجود مفاوضات سرية مع الولايات المتحدة، بحسب ما قال وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف، كما أن إيران تدرك تبعات فتح حرب مع إسرائيل وأنها لن تسلم حال وقوع ذلك السيناريو.

وفي هذا الصدد، أشار الكاتب اللبناني إلى أن إيران تدرك أن التواجد الأمريكي المكثّف في بحار الشرق الأوسط، منذ 8 أكتوبر 2023، سيكون لاستهدافها حال قررت الانخراط المباشر في هذه الحرب متابعًا: “هي رسالة تدركها إيران، كما أنها تكبدت مصاعب شاقة لبناء هذه المنظومة في المنطقة (الجماعات الموالية لإيران) والتي قد تُدمّر حال حدوث انخراط أمريكي في الحرب”.

ويتنبأ أبو علي أن رد طهران سيكون محدودًا ومن أجل الرأي العام، حيث قد يأتي عبر استهداف إحدى المجموعات الموالية لإيران، لقاعدة إسرائيلية في الجولان المُحتل.

وبالفعل فإن لدى طهران تاريخ من الرد المحدود على العمليات الأمريكية والإسرائيلية ضد عناصرها، حيث عمدت لاستهداف المصالح الأمريكية غير الحيوية في المنطقة عبر “وكلائها” أو الجماعات الموالية لها في ما بدا “ردًا شكليًّا” إلى حد كبير، متجنبةً الانخراط بشكل مباشر في صدام، وهو نهج يُحتمل أنه شجّع الولايات المتحدة -التي قتلت قاسم سليماني عام 2020- وإسرائيل على المضي قدمًا في تصفية قادة “المحور الإيراني”. 

ربما يعجبك أيضا