كوريا الشمالية تطور قمرًا اصطناعيًّا للتجسس.. هل تواصل تصدير القلق للمجتمع الدولي؟

بسام عباس

مخاوف جيوسياسية عديدة ذات أولوية للولايات المتحدة سمحت لكوريا الشمالية بكسب الوقت للمضي قدمًا في تطوير قمر اصطناعي للتجسس.


أعلنت كوريا الشمالية، أمس الاثنين 18 ديسمبر 2022، إجراء تجربة “مهمة” لتطوير قمر صناعي للتجسس، تسعى لاستكماله بحلول إبريل 2023.

وجاء ذلك بعد يوم من إعلان الجيشين الكوري الجنوبي والياباني إطلاق بيونج يانج صاروخين باليستيين متوسطي المدى باتجاه الساحل الشرقي، خلال عام شهد عددًا قياسيًّا من الاختبارات الباليستية.

مراجعة قدرة بيونج يانج

قالت وكالة أنباء “رويترز“، أمس الاثنين، إن الإدارة الوطنية لتطوير الفضاء الجوي في كوريا الشمالية أجرت الاختبار في موقع سوهي لإطلاق الأقمار الصناعية في الشمال الغربي، لمراجعة قدرتها على التصوير عبر الأقمار الصناعية، ونقل البيانات وأنظمة التحكم الأرضية.

وأضافت أن المركبة، التي كانت تنقل القمر الاصطناعي التجريبي المزود بكاميرات بالألوان الكاملة بدقة 20 مترًا، وكاميرات متعددة الأطياف، وأجهزة استشعار ومستقبلات صور وأنظمة تحكم وبطاريات بلغت علو 500 كيلومتر.

صور الأقمار الصناعية

أصدرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية صورتين بالأبيض والأسود منخفضة الدقة لعاصمة الجارة الجنوبية سيول ومدينة إنتشون الساحلية القريبة، التقطتا خلال الإطلاق يوم الأحد، وعلق الباحث في مركز “ستيمسون” بواشنطن، مارتين ويليامز، بأن كاميرات كوريا الشمالية لا يمكنها أداء وظائف التصوير المعتادة للأقمار الحديثة.

وشكك الباحث في منتدى الدفاع والأمن الكوري، شين جونج وو، في صور أخرى من موقع الإطلاق أظهرت صاروخًا قديمًا يحمل كاميرات، وليس قمرًا اصطناعيًا، وقال “إنك لا تريد إطلاق صاروخ عتيق لبرنامج مهم، مثل تطوير الأقمار الصناعية والتصوير الفضائي”.

أهداف إطلاق الصاروخ

نقلت “رويترز” عن شين جونج وو قوله إن نشر صور الأقمار الصناعية وإطلاق الصاروخ قد يهدف إلى تهديد سيول وطوكيو، في حين رأى ويليامز أنهر قد يهدف إلى اختبار تكنولوجيا والتحقق منها، مثل القدرة على التقاط الصور في وقت معين وإرسال البيانات إلى الأرض.

وقال مارتين وليامز إن كوريا الشمالية كشفت مع برامجها الأخرى تقدمًا مستمرًا في التكنولوجيا، لذا من المرجح أن يتحسن ما تفعله الآن في السنوات المقبلة، لافتًا إلى أن إطلاق الصاروخ تزامن مع الذكرى العاشرة لاختبار بيونج يانج قمرها الصناعي “النجم الساطع” لرصد الأرض، الذي لم يحقق نجاحًا يذكر.

تجارب صاروخية سابقة

أفادت “رويترز” بأن كوريا الشمالية أجرت عددًا كبيرًا من التجارب الصاروخية هذا العام، بما في ذلك صاروخ باليستي عابر للقارات بهدف الوصول إلى البر الرئيس للولايات المتحدة، في تحدٍ للعقوبات الدولية، واختبرت أيضًا محركًا يعمل بالوقود الصلب عالي الدفع، سيجعل عملية الإطلاق أسرع، وأكثر قدرة على الحركة.

وأضافت أن بيونج يانج اختبرت أنظمة أقمار صناعية، خلال عدة عمليات إطلاق صواريخ، وقال الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونج أون، إن سعيه للحصول على قمر صناعي للتجسس يهدف إلى توفير معلومات في الوقت الفعلي بشأن الأعمال العسكرية، التي تنفذها الولايات المتحدة وحلفاؤها.

إدانات ومخاوف

أوضحت “رويترز” أن المكتب الرئاسي في كوريا الجنوبية أدان عملية الإطلاق الأخيرة، قائلًا إن استمرار استفزازات الجارة الشمالية وتطويرها النووي والصاروخي لن يؤدي إلا إلى تعريض نظامها للخطر.

وأشارت وكالة “بلومبرج” إلى قلق الولايات المتحدة من سعي كوريا الشمالية الدائم لتطوير صاروخ باليستي عابر للقارات برؤوس حربية متعددة، في محاولة للتغلب على أنظمة الدفاع الصاروخي، مشيرة إلى أن مثل هذه الاختبارات تقلل الضغط على الصين لاتخاذ موقف أقوى بالأمم المتحدة، في وقت تحث واشنطن فيه بكين وموسكو على دعم عقوبات إضافية.

محاولة التخلص من العقوبات

أوضحت قناة “سي بي إس نيوز” الأمريكية أن كوريا الشمالية تجنبت فرض عقوبات جديدة من الأمم المتحدة على هذه التحركات، لأن روسيا والصين تعارض محاولات الولايات المتحدة فرضها.

ودعا الزعيم الكوري الشمالي إلى تحديث أنظمة أسلحة وترسانة نووية موسعة، للضغط على الولايات المتحدة للتخلي عن ما وصفه بـ”سياساتها العدائية” تجاه بلاده، في إشارة واضحة إلى العقوبات والتدريبات العسكرية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، التي تراها بيونج يانج “بروفة غزو”.

مخاوف جيوسياسية

قالت المحللة الأمنية ​​في مؤسسة “راند”، سو كيم، إن الصور المنشورة تشير إلى أن كوريا الشمالية في تطور مستمر، وقد نشهد المزيد من التحسينات في قدرات الاستطلاع العسكرية مع الوقت، وأن عددًا من المخاوف الجيوسياسية الأخرى ذات الأولوية، مثل الصين وروسيا، سمحت لكيم جونج أون بكسب الوقت للمضي قدمًا في مشروعه.

وأضافت أنه بعد إقرار القانون النووي لكوريا الشمالية، واختبار صواريخ ذات قدرات مختلفة، أوضح كيم جونج أون أنه لا يهتم بالدبلوماسية مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وأن السبيل الوحيد للخروج من هذا المستنقع هو أن يتراجع المجتمع الدولي عن الشروط والعقوبات التي وضعها على نظامه.

ربما يعجبك أيضا