تعد نيجيريا دولة محورية في إفريقيا، ليس فقط بسبب تعداد سكانها الضخم الذي يبلغ نحو 230 مليون نسمة، بل لأنها تضم أكبر نسبة من المسلمين في القارة، وهو ما يؤثر بشكل كبير على سياساتها الداخلية والخارجية.
ومن القضايا التي تشغل الرأي العام النيجيري، القضية الفلسطينية، حيث تدعم نيجيريا حقوق الفلسطينيين وتنتقد الاحتلال الإسرائيلي، ولكن خلف هذه المواقف العلنية، توجد علاقات تجارية وأمنية معقدة مع إسرائيل، ما يثير التساؤل حول مدى تناسق مواقف نيجيريا تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
موقف نيجيريا من القضية الفلسطينية
تتخذ نيجيريا مواقف دبلوماسية صريحة في مناصرة القضية الفلسطينية، إذ أدانت الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، ووصفتها بأنها “مجزرة غير مبررة تستهدف الفلسطينيين”، كما دعت أبوجا إلى موقف إفريقي موحد وحازم ضد الجرائم الإسرائيلية. إضافة إلى ذلك، صرح وزير الخارجية النيجيري، ميتما توجار، بأن بلاده تدرس قطع العلاقات مع إسرائيل بسبب سياساتها العدوانية تجاه الفلسطينيين، ودعمت قرار جنوب إفريقيا في محكمة العدل الدولية ضد الاحتلال.
وحسب تقرير لصحيفة “الجارديان” البريطانية، فإنه رغم المواقف الدبلوماسية الشجاعة، تتسم العلاقات النيجيرية الإسرائيلية بنوع من التعقيد والتناقض، وتعتبر نيجيريا من الدول النفطية المهمة وتتمتع بعلاقات تجارية ضخمة مع إسرائيل، فإن نيجيريا تُعد من الدول التي تمد إسرائيل بالنفط، وهو أمر حيوي لاستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
النفوذ الإسرائيلي في نيجيريا
تطورت العلاقات الأمنية بين نيجيريا وإسرائيل منذ التسعينيات، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، وأرسلت نيجيريا وحدات من قواتها للتدريب في إسرائيل، حيث تدربت تلك الوحدات على مكافحة الإرهاب وحماية كبار المسؤولين. وقدمت إسرائيل أيضًا مساعدات أمنية للحكومة النيجيرية في حربها ضد جماعة بوكو حرام.
وشهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين طفرة منذ بداية القرن الحالي، حيث دخلت أكثر من 50 شركة إسرائيلية للاستثمار في نيجيريا، كما قفزت الصادرات النيجيرية إلى إسرائيل في عام 2023 لتصل إلى 552.79 مليون دولار، وهو ما يوضح التعاون الوثيق في مجال الطاقة، خاصة في ظل تزويد نيجيريا لإسرائيل بالنفط.
الانقسام الداخلي حول العلاقة مع إسرائيل
الانقسامات الداخلية في نيجيريا تلقي بظلالها على سياستها الخارجية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والمجلس الأعلى للشريعة في نيجيريا والجماعات الإسلامية أدانت بشدة الاحتلال الإسرائيلي ودعت إلى قطع العلاقات معه.
وتبدو العلاقة بين نيجيريا وإسرائيل معقدة للغاية، فهي مزيج من التعاون الأمني والاقتصادي المتين، والتوتر السياسي الناتج عن الدعم الدبلوماسي الواضح للقضية الفلسطينية. هذا التناقض يعكس توازنًا داخليًا صعبًا تسعى نيجيريا إلى الحفاظ عليه بين دعم حقوق الفلسطينيين ومصالحها الأمنية والاقتصادية مع إسرائيل.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1991534