تعد الولايات المتحدة لاعبًا رئيسًا في الاقتصاد العالمي، وتمتلك نفوذًا واسعًا يمكّنها من التأثير على التجارة الدولية، بما في ذلك الأسواق الأوروبية.
ورغم التحالف الوثيق بين واشنطن وبروكسل، فإن المنافسة الاقتصادية والتجارية بين الجانبين تبقى قائمة، حيث تسعى الولايات المتحدة أحيانًا إلى فرض قيود تؤثر على التجارة الأوروبية بطرق مباشرة وغير مباشرة.
العقوبات الاقتصادية والتجارية
تقول صحيفة “الإيكونوميست”، في تقرير لها نشر الأربعاء 19 فبراير 2025، إن الولايات المتحدة تلجأ إلى العقوبات الاقتصادية كوسيلة ضغط على دول أو شركات أوروبية تتعامل مع كيانات تعتبرها واشنطن غير مرغوب فيها.
على سبيل المثال، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركات أوروبية تتعاون مع روسيا في مشاريع الطاقة، مثل مشروع “نورد ستريم 2″، مما أدى إلى عرقلة استثمارات أوروبية ضخمة، وهذه العقوبات لا تؤثر فقط على الشركات المستهدفة، بل تمتد لتشمل الاقتصاد الأوروبي ككل.
فرض تعريفات جمركية على المنتجات الأوروبية
استخدمت أمريكا سلاح التعريفات الجمركية عدة مرات للضغط على أوروبا، في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، فرضت واشنطن تعريفات جمركية على واردات الصلب والألمنيوم من الاتحاد الأوروبي، ما أثَّر بشكل مباشر على الشركات الأوروبية وزاد من تكلفة تصدير منتجاتها إلى السوق الأمريكية.
هذه الخطوة أدت إلى توترات تجارية كبيرة بين الطرفين، ودفعت أوروبا إلى الرد بفرض تعريفات مضادة على المنتجات الأمريكية.
السيطرة على سلاسل التوريد العالمية
تلعب الولايات المتحدة دورًا محوريًا في سلاسل التوريد العالمية، لا سيما في القطاعات التكنولوجية والصناعية.
تمتلك الشركات الأمريكية نفوذًا قويًا على التقنيات الأساسية المستخدمة في الصناعات الأوروبية، مثل أشباه الموصلات، والبرمجيات، والمعدات المتقدمة.
ومن خلال فرض قيود على تصدير التكنولوجيا المتقدمة، يمكن لأمريكا أن تعيق نمو بعض الصناعات الأوروبية، خاصة في مجالات الاتصالات والذكاء الاصطناعي.
الضغط على الحلفاء الأوروبيين اقتصاديًا
تسعى واشنطن إلى التأثير على السياسات الاقتصادية الأوروبية من خلال الضغط على الحكومات والشركات الكبرى.
وعلى سبيل المثال، تمارس أمريكا ضغوطًا على الدول الأوروبية للحد من التعاون الاقتصادي مع الصين، وخاصة في مجال تقنية الجيل الخامس (5G)، حيث دفعت بعض الدول الأوروبية إلى استبعاد شركة هواوي من مشاريع البنية التحتية للاتصالات.
مثل هذه الضغوط تؤثر بشكل مباشر على الشركات الأوروبية التي تعتمد على السوق الصينية.
استخدام الدولار كسلاح اقتصادي
يعد الدولار الأمريكي العملة المهيمنة في التجارة العالمية، مما يمنح واشنطن قدرة كبيرة على التحكم في تدفقات الأموال الدولية.
أي شركة أوروبية تحتاج إلى التعامل مع الأسواق العالمية عليها أن تمر عبر النظام المالي الأمريكي، مما يمنح الولايات المتحدة نفوذًا كبيرًا لفرض عقوبات مالية أو قيود على التعاملات المصرفية.
العديد من الشركات الأوروبية تعرضت لغرامات ضخمة بسبب انتهاكها العقوبات الأمريكية على دول مثل إيران وروسيا، مما جعل الكثير من الشركات الأوروبية تتردد في التعامل مع الأسواق التي تخضع للعقوبات الأمريكية.
المنافسة في قطاع الطاقة
تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز صادراتها من الغاز الطبيعي المسال (LNG) إلى أوروبا، مما يؤثر على الأسواق الأوروبية التي كانت تعتمد على الغاز الروسي الأرخص سعرًا.
من خلال فرض عقوبات على شركات الطاقة الأوروبية التي تتعاون مع روسيا، تسهم أمريكا في زيادة تكاليف الطاقة داخل أوروبا، مما يضعف القدرة التنافسية للشركات الأوروبية في الأسواق العالمية.
التأثير على السياسات التجارية الأوروبية
تستخدم الولايات المتحدة نفوذها الدبلوماسي والاقتصادي للتأثير على سياسات الاتحاد الأوروبي التجارية، سواء من خلال الضغط على بروكسل لاتباع سياسات تتماشى مع المصالح الأمريكية، أو من خلال التأثير على قرارات منظمة التجارة العالمية (WTO).
عبر تقديم دعم مالي وحوافز ضريبية للشركات الأمريكية، يمكن لواشنطن أن تعزز من تنافسية شركاتها على حساب الشركات الأوروبية، وقدم قانون “خفض التضخم” الذي أقرته إدارة جو بايدن 2022، دعمًا هائلًا للصناعات الأمريكية، مما أثار غضب الاتحاد الأوروبي الذي رأى فيه تهديدًا لمصالح شركاته.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2141232