كيف تستعيد أوكرانيا القرم من روسيا؟ «فورين أفيرز» تجيب

آية سيد
أوكرانيا تبدأ هجومها المضاد.. والأسابيع المقبلة حاسمة لأمن أوروبا

أحجم الغربيون عن دعم أي جهد عسكري لإعادة شبه جزيرة القرم إلى أوكرانيا خشية إثارة رد عنيف وكارثي من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.


رأى ضابط الجيش المتقاعد والمدير السابق للشؤون الأوروبية في مجلس الأمن القومي الأمريكي، ألكسندر فيندمان، أن الغرب يحتاج إلى تكثيف دعمه لأوكرانيا لإنهاء الحرب سريعًا.

وفي مقال نشرته مجلة فورين أفيرز الأمريكية، اليوم الخميس 2 فبراير 2023، قال فيندمان إن الأسلحة التي قدمها الغرب مؤخرًا ستتيح للقوات المسلحة الأوكرانية تحرير مزيد من الأراضي شرقي وجنوبي البلاد، لكنها تحتاج إلى المزيد لاستعادة جزيرة القرم.

دور القرم في الحرب

ضمت روسيا شبه جزيرة القرم في 2014، واستخدمتها نقطة انطلاق للحرب على أوكرانيا في فبراير 2022، وفق فيندمان. والآن، يتيح احتلال القرم للجيش الروسي تهديد المواقع الأوكرانية من الجنوب، ويمنح أسطول البحر الأسود الروسي قاعدة أمامية لتنفيذ الهجمات بعيدة المدى.

وطوال الأشهر الـ9 الأولى من الحرب، أحجم داعمو كييف الغربيون عن دعم أي جهد عسكري لإعادة شبه الجزيرة إلى أوكرانيا، بدافع جزئي من القلق بشأن أن هذه المحاولة ستتجاوز خطًّا أحمر للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وتستدعي ردًّا روسيًّا كارثيًّا، وكذلك لأن القرم أصبحت موطنًا لعدد كبير من الموالين لروسيا، ما يزيد صعوبة إعادة دمجها في أوكرانيا، حسب الضابط الأمريكي المتقاعد.

مستقبل شبه الجزيرة

قال فيندمان إن القوات الأوكرانية كانت تركز على تحرير الأراضي المحتلة خارج شبه الجزيرة، وبدا أن مستقبل القرم سيتحدد بعد انتهاء الحرب عبر المفاوضات الدبلوماسية. لكن مع تقدم مسار الحرب وتحرير أوكرانيا لقطاعات كبيرة من أراضيها، تحولت لغة الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، نحو القرم.

وفي مناشدة عبر الفيديو في المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس 2023، في يناير المنقضي، قال زيلينسكي: “القرم أرضنا. امنحونا أسلحتكم وسنستعيد ما هو لنا”.

واستشهد فيندمان بمقال في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، يفيد أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بدأت تفكر في أن أوكرانيا قد تحتاج إلى تهديد الوجود الروسي في القرم، لتعزيز موقفها في المفاوضات، حتى لو كان ذلك يخاطر بتصعيد الصراع.

استعادة القرم

أشار المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الأمريكي إلى أنه في حالة استمرار القتال في الربيع والصيف وإلحاق القوات الأوكرانية خسائر فادحة بالقوات الروسية، سيصبح من الصعب أن يضمن زيلينسكي لبوتين مخرجًا من الحرب يحفظ ماء وجهه ويسمح باستمرار الاحتلال الروسي للقرم.

ومن المرجح أن تبدأ أوكرانيا، بحلول الصيف، استهداف المزيد من البنية التحتية العسكرية الروسية في القرم أثناء تحضيرها لحملة أوسع لتحرير شبه الجزيرة.

حل مقترح

رأى فيندمان أنه بدلًا من انتظار ذلك السيناريو، الذي يخاطر بتوريط حلف شمال الأطلنطي (الناتو)، على واشنطن أن تمنح كييف الأسلحة والمساعدات التي تحتاج إليها، لتحقيق الفوز السريع والحاسم في كل الأراضي المحتلة شمالي القرم، والتهديد باستعادة شبه الجزيرة عسكريًّا.

ومن شأن ذلك أن يجبر بوتين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، ويفتح مجالًا للمحادثات الدبلوماسية مع بقاء الوضع النهائي للقرم معلقًا، ما يمنح بوتين مخرجًا من أوكرانيا دون انهياره السياسي، ويسمح لأوكرانيا بتجنب حملة عسكرية باهظة التكلفة محكوم عليها بالفشل.

واقترح الضابط المتقاعد أن يشترط الاتفاق النهائي الخفض الفوري للقوات التقليدية الروسية على شبه الجزيرة، ويحدد مسارًا لإجراء استفتاء يسمح لشعب القرم، ومن ضمنهم من نزحوا بعد 2014، بتحديد الوضع النهائي للمنطقة.

صعوبة التحرير

شرح فيندمان صعوبة تحرير شبه الجزيرة، الذي يستلزم محاصرة القوات الروسية وهزيمتها في عدة مناطق، ثم قطع الجسر البري الذي يربط روسيا بأوكرانيا. ومن دون الجسر البري، سيضطر الكرملين إلى استخدام الطرق البحرية، ولكنها لن تلبي احتياجاته اللوجيستية للقتال في القرم وجنوبي أوكرانيا.

وفي الوقت نفسه، ستشن القوات الأوكرانية ضربات، لأسابيع، على القوات والبنية التحتية الروسية لإضعاف القدرة العسكرية للقوات الروسية. وإذا نجحت أوكرانيا في المرحلة الأولية من هذه العملية، ستحتاج إلى تنفيذ هجمات برية وبرمائية وتعزيز قواتها في عدة مواقع في القرم.

وعلى الرغم من أن الأسلحة التي قدمها الغرب أخيرًا ستحسن فرص كييف، سيحتاج الجيش الأوكراني إلى المئات منها، وإلى القدرة القتالية الجوية، والآلاف من صواريخ هيمارس، وغيرها من القدرات الهائلة للعبور إلى القرم وطرد القوات الروسية.

كارثة محققة

حذر فيندمان من أن التردد الغربي في دعم أوكرانيا دعمًا كاملًا وهزيمة روسيا، يُضعف قدرة كييف على شن هذا الهجوم، ومن المرجح أن يتسبب في إطالة الحرب في 2023، ما قد يؤدي إلى التصعيد التدريجي.

ولأن خسارة القرم عسكريًّا ستمثل ضربة قوية لمصداقية بوتين، قد يلجأ الرئيس الروسي إلى وسائل سرية لتحذير الناتو من دعم أوكرانيا، عبر تنفيذ هجمات تستهدف شبكات الحاسب والبنية التحتية في أوروبا والولايات المتحدة، أو التسبب في حوادث كيماوية أو نووية في أوكرانيا لإظهار استعداده للتصعيد.

وبسبب عدم رغبة الناتو في المجازفة، قد يظن بوتين أنه يستطيع التوصل إلى اتفاقية مع أوكرانيا تلبي مطالبه، ولكن الغرب سيرد على تصعيد الكرملين التدريجي بزيادات تدريجية في الدعم العسكري، ما قد يزيد من مخاطر وقوع حادثة أو حسابات خاطئة تؤدي إلى إشعال حرب شاملة، حسب الضابط الأمريكي المتقاعد.

التهديد الموثوق يحقق السلام

تستطيع القوى الغربية المساعدة في إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية عبر تسليم أوكانيا ما تحتاج إليه من الأسلحة والمعدات والدعم اللوجيستي، لطرد القوات الروسية من كل الأراضي المحتلة شمالي القرم، ولتهديد سيطرة موسكو على شبه الجزيرة، حسب ما رأى فيندمان.

وختامًا، قال فيندمان إن هذا سيتيح حسم الوضع النهائي للقرم عبر المفاوضات، ويؤمّن الديمقراطية الأوكرانية، ويُثني القوى الاستبدادية عن التفكير في العدوان العسكري في المستقبل، ويحد من خطر التصعيد النووي الذي قد يتحول إلى صراع وجودي.

ربما يعجبك أيضا