كيف تصل المعدات العسكرية الصينية إلى روسيا؟

آية سيد
كيف تصل المعدات العسكرية الصينية إلى روسيا؟

تمثلت واردات روسيا من الصين في معدات واقية تكفي لتجهيز الكثير من الرجال الذين جرت تعبئتهم منذ بداية الحرب، إضافة إلى المسيّرات التي يمكن استخدامها لتوجيه نيران المدفعية أو إسقاط القنابل، وأجهزة الرؤية الحرارية لاستهداف العدو في الليل.


كشفت مجلة بوليتيكو الأمريكية عن أن الصين ترسل معدات ذات استخدام مزدوج إلى روسيا، التي يمكن استخدامها لتعزيز الجهد الحربي للكرملين.

وفي تقريرها، المنشور أمس الاثنين 24 يوليو 2023، لفتت المجلة إلى أن تلك الشحنات تكشف عن ثغرة ضخمة في جهود الغرب لتعطيل الآلة الحربية للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

تجاوز الخط الأحمر

حصلت مجلة بوليتيكو على سجلات الجمارك الروسية، التي كشفت عن أن مشترين روسًا طلبوا مئات الآلاف من السترات والخوذات المضادة للرصاص من تصنيع شركة “شنجهاي إتش وين” الصينية.

وحسب المجلة، هذه الأدلة توضح أن الصين، رغم دعوات بكين إلى السلام، تقترب من الخط الأحمر في إرسال المعدات غير الفتاكة، لكن المفيدة عسكريًّا، إلى روسيا لإحداث تأثير ملموس في حرب بوتين على أوكرانيا.

وتشير هذه الشحنات إلى وجود ثغرة ضخمة في محاولات الغرب لتعطيل آلة بوتين الحربية، فضلًا عن أن بيع التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج، التي لها استخدامات مدنية وعسكرية، يترك مساحة كافية للإنكار أمام السلطات الغربية التي تبحث عن أسباب لعدم مواجهة قوة اقتصادية كبرى مثل الصين.

ماذا تستورد روسيا؟

كيف تصل المعدات العسكرية الصينية إلى روسيا؟

سترة مضادة للرصاص

تمثلت واردات روسيا في معدات واقية تكفي لتجهيز الكثير من الرجال الذين جرت تعبئتهم منذ بداية الحرب، إضافة إلى المسيّرات التي يمكن استخدامها لتوجيه نيران المدفعية أو إسقاط القنابل، وأجهزة الرؤية الحرارية لاستهداف العدو في الليل.

وحسب بوليتيكو، استوردت روسيا مسيّرات من الصين بما يتجاوز 100 مليون دولار حتى الآن هذا العام، أكثر بـ30 مرة مما استوردته أوكرانيا، التي تُعد هي الأخرى عميلة للصين. وزادت صادرات السيراميك الصينية، أحد مكونات السترات الواقية، إلى روسيا بنحو 69% لتتجاوز 225 مليون دولار.

اقرأ أيضًا| الصين تعلن عزمها تعزيز التعاون العسكري مع روسيا.. ما الدلالات؟

موقف الصين

قالت الباحثة بمعهد مركاتور لدراسات الصين، ومقره برلين، هيلينا ليجاردا: “الأمر الواضح هو أن الصين، رغم ادعاءاتها بأنها محايدة، تدعم موقف روسيا في هذه الحرب”.

وإذا تجاوزت الصين الخط الأحمر وباعت أسلحة أو معدات عسكرية إلى روسيا، توقعت ليجاردا أن يطبق الاتحاد الأوروبي عقوبات ثانوية تستهدف العناصر التمكينية لحرب بوتين.

لكنها استبعدت أن تثير المعدات، مثل السترات الواقية والنظارات الحرارية وحتى المسيّرات التجارية التي يمكن استخدامها في العمليات الهجومية، ردًا من الاتحاد الأوروبي. وقالت: “لا أتوقع أن يستطيع الاتحاد الأوروبي الاتفاق على عقوبات في هذا الشأن”.

كيف تسير عملية الشراء؟

أشارت بوليتيكو إلى أن تفاصيل الصفقات متاحة في سجل إقرارات المطابقة الموجود على شبكة الإنترنت الروسية. وهذه الإقرارات تتيح للمشتري النهائي إثبات أن المنتجات أصلية وتجعل من الممكن استيراد البضائع دون موافقة صريحة من المُصنِّع.

وإذا جرى تداول البضائع عبر وسيط، قد لا يدرك المُصنِّع أن بضائعه ستذهب إلى روسيا. لكن، وفق المجلة، يمكن البحث في السجل، ولذلك من السهل معرفة المشترين النهائيين للمعدات الصينية.

من هم المشترون؟

في أكثر الأحيان، يحمل المستوردون سمات شركات “اليوم الواحد”، كما تُعرف الشركات الوهمية في روسيا، التي يؤسسها فاعلون يريدون إخفاء تعاملاتهم. وتتجه تلك الشركات لأن تكون جديدة، ومُسجلة في عناوين سكنية غامضة، ولديها عدد قليل من الموظفين أو الأصول.

ووفق بوليتيكو، إحدى هذه الشركات هي “سيلفا”، المسجلة في منطقة بورياتيا الواقعة شرقي سيبريا. وقدمت الشركة إقرارات في يناير 2023 تتضمن تفاصيل طلبات لـ100 ألف سترة مضادة للرصاص و100 ألف خوذة، من تصنيع “شنجهاي إتش وين”.

شحنات أخرى

أعلنت شركة روسية أخرى، تُسمى “ريكا”، عن شحنة أصغر من السترات الواقية من “شنجهاي إتش وين” في مارس الماضي. وفي يناير، أعلنت “ريكا” عن شحنة خوذات من شركة تُدعى “ديكون شنجهاي”، التي تتشارك عنوانًا مع “شنجهاي إتش وين”.

وكشف البحث في إقرارات “ريكا” والبيانات الجمركية التي حصلت عليها بوليتيكو عن أكثر من 220 شحنة، بقيمة 11 مليون دولار، من أجهزة الرؤية الحرارية والمعدات الواقية، منذ بداية الحرب.

وأشارت المجلة إلى شركة روسية أخرى تُدعى “ليجيتليكوم”، التي يبدو أنها اشترت 100 ألف من الخوذات و100 ألف من السترات من “ديكون شنجهاي”، حسب الملفات التي يعود تاريخها إلى 24 نوفمبر الماضي.

اقرأ أيضًا| شركة صينية تدعم روسيا بالبارود.. هل تساعد بكين موسكو في الحرب؟

الصفقة الكبرى

كيف تصل المعدات العسكرية الصينية إلى روسيا؟

مسيّرة صينية

حسب بوليتيكو، استوردت شركة بوزيترون، ومقرها مدينة روستوف، 100 ألف خوذة هوائية، ومواد سيراميك متفرقة، وبعض المواد الأخرى، بقيمة 60 مليون دولار من شركة “بكين كيه آر ناتشورال” الصينية في نوفمبر وديسمبر 2022.

وتكشف الإقرارات أيضًا عن أن بوزيترون حصلت على مجموعة من المسيّرات من شركة “دي جيه آي” الصينية، في ديسمبر الماضي.

وعندما حاولت بوليتيكو التواصل مع الشركات المذكورة، نفت استيرادها لأي معدات عسكرية من الصين. ورأت المجلة أن الشركات الروسية تخشى العقوبات الغربية في حالة تورطها في التجارة التي تدعم مجهود الكرملين الحربي.

ثغرة في نظام العقوبات

يسلط تهريب السترات الواقية والمسيّرات الضوء على وجود ثغرة في نظام العقوبات الغربية. هذا لأن الغموض المحيط بإمكانية الاستخدام المزدوج لهذه المعدات، مصحوبًا بحقيقة أن جزء كبير منها يُصنع في الصين، جعل اتخاذ الغرب لإجراء هادف احتمالًا بعيد المنال.

وأشارت بوليتيكو كذلك إلى تدفق التكنولوجيا التي تحتوي على مكونات غربية ذات استخدام عسكري مباشر، عبر الصين. ووفق بحث لكلية كييف للاقتصاد، أكثر من 60% من المكونات الأساسية المستوردة في الأسلحة الروسية الموجودة في ميدان المعركة جاءت من شركات أمريكية.

إلا أن الغرب لا يستطيع فعل الكثير للضغط على بكين كي توقف تدفق المنتجات ذات الاستخدام المزدوج إلى روسيا. ولفتت بوليتيكو إلى أن الولايات المتحدة وحدها تمتلك القوة الحقيقية لفرض حظر تام على المعاملات المقومة بالدولار، مثلما فعلت مع إيران بسبب برنامجها النووي السري.

ربما يعجبك أيضا