كيف قضى الاحتباس الحراري على الكثير من الغابات؟

أحمد عبد الحفيظ
حرائق الغابات

تعد الغابات أحد أهم العناصر البيئية التي تحافظ على توازن المناخ وتلعب دورًا رئيسيًا في امتصاص غازات الدفيئة، لكن مع تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، أصبحت هذه الغابات ضحية للتغيرات المناخية القاسية التي أدت إلى تدمير مساحات شاسعة منها.

فقد ساهمت درجات الحرارة المرتفعة، وحرائق الغابات، والتغيرات في أنماط هطول الأمطار في تقليل الغطاء النباتي، ما جعل مستقبل هذه الغابات مهددًا بالخطر.

النيران تلتهم الأخضر واليابس

تقول مجلة “الإيكونميست” في تقرير نشر الخميس 27 مارس 2025، أن حرائق الغابات تعد واحدة من أخطر العواقب المباشرة للاحتباس الحراري، إذ تؤدي درجات الحرارة المرتفعة والجفاف إلى زيادة احتمال اندلاع الحرائق وانتشارها بسرعة غير مسبوقة.

وتشير التقارير البيئية إلى أن الحرائق أصبحت أكثر حدة وأطول زمنًا مقارنة بالعقود الماضية، كما هو الحال في غابات الأمازون والبرازيل وكاليفورنيا وأستراليا، حيث شهدت هذه المناطق حرائق ضخمة أدت إلى تدمير ملايين الهكتارات من الأشجار والنباتات.

وقد أظهرت الدراسات أن ارتفاع درجات الحرارة يزيد من قابلية الأشجار للاشتعال، حيث تؤدي موجات الجفاف المتكررة إلى جعل الأشجار والنباتات أكثر هشاشة وعرضة للاحتراق، كما أن تغير أنماط الرياح الناجم عن الاحتباس الحراري يساهم في انتشار النيران على نطاق أوسع، مما يجعل عملية السيطرة عليها أكثر صعوبة.

الجفاف ونقص المياه

إلى جانب الحرائق، فإن التغيرات المناخية أدت إلى نقص معدلات هطول الأمطار في العديد من المناطق، مما تسبب في حدوث موجات جفاف قاسية أثرت بشكل كبير على الغابات.

تحتاج الأشجار إلى كميات كافية من المياه للحفاظ على حيويتها، لكن مع انخفاض نسبة الرطوبة في التربة وانخفاض معدلات الأمطار، أصبحت الأشجار غير قادرة على الحصول على المياه الكافية، مما أدى إلى موتها ببطء.

ويعد الجفاف مشكلة كبيرة خاصة في الغابات المدارية مثل الأمازون، حيث يؤثر نقص الأمطار على التربة، ما يؤدي إلى تدهور النظام البيئي بالكامل. كما أن بعض الأشجار تصبح أكثر عرضة للإصابة بالآفات والأمراض عندما تكون ضعيفة بسبب نقص المياه، ما يسرع من زوال الغطاء النباتي.

الفيضانات والعواصف

بينما تسبب الاحتباس الحراري في نقص الأمطار في بعض المناطق، فإنه أدى أيضًا إلى زيادة حدة الفيضانات والعواصف في مناطق أخرى.

تؤثر الأمطار الغزيرة غير المتوقعة على استقرار التربة، مما يؤدي إلى انجراف التربة وانهيار الجذور، وهو ما يضر بالغابات ويؤدي إلى اقتلاع الأشجار وتدمير مساحات واسعة منها.

وتُعتبر العواصف القوية والأعاصير سببًا رئيسيًا في تدمير الغابات في المناطق الساحلية والاستوائية، حيث تسببت الأعاصير القوية مثل “إعصار ماريا” و”إعصار إيرما” في القضاء على مساحات شاسعة من الغابات في الكاريبي وأجزاء من الولايات المتحدة.

تراجع الغابات وزيادة ثاني أكسيد الكربون

تمتص الغابات كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون، وهو أحد الغازات الرئيسية المسببة للاحتباس الحراري. ومع تدمير الغابات، فإن هذه الكميات من ثاني أكسيد الكربون تبقى في الغلاف الجوي، ما يزيد من حدة الاحتباس الحراري.

هذه الظاهرة تعرف باسم “الحلقة المفرغة”، حيث يؤدي فقدان الغابات إلى ارتفاع درجات الحرارة، مما يؤدي إلى مزيد من تدمير الغابات، وهكذا تستمر الأزمة في التفاقم.

ماذا يمكننا أن نفعل؟

لمواجهة خطر الاحتباس الحراري وتأثيره المدمر على الغابات، يجب اتخاذ تدابير عاجلة وفعالة لحماية النظم البيئية.

الحد من الانبعاثات الكربونية يعد خطوة أساسية، حيث ينبغي تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة للحد من تراكم غازات الدفيئة.

كما أن إعادة التشجير تعد استراتيجية ضرورية لتعويض الفاقد من الغابات، إذ تسهم زراعة الأشجار في امتصاص ثاني أكسيد الكربون واستعادة التنوع البيولوجي.

تحسين إدارة الغابات

بالإضافة إلى ذلك، فإن تحسين إدارة الغابات من خلال تطوير سياسات لمكافحة الحرائق والمحافظة على التربة يساعد في الحد من التدهور البيئي.

كما أن دور الوعي البيئي يعد ذو أهمية أكثر من غيره، حيث يجب تعزيز فهم المجتمعات لأهمية الغابات ودورها في الحفاظ على توازن المناخ، مما يشجع على تبني سلوكيات مستدامة تحمي الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.

ربما يعجبك أيضا