كشفت العملية العسكرية الروسية بأوكرانيا عن الطبيعة المترابطة للصراعات الحديثة، ما يسلط الضوء على الحاجة إلى تعاون دفاعي أقوى بين حلف الناتو وحلفائه في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا (IP4).
في مواجهة الموارد المحدودة وإمكانية حدوث أزمات متزامنة، يتعين على هذه الدول تعزيز استعداداتها عبر الشراكات الشاملة وإنتاج الذخائر المنسقة وأطر تقاسم الأعباء، وتعزيز العلاقات ومواءمة الاستراتيجيات، لتتمكن من معالجة التهديدات الناشئة وضمان الاستقرار العالمي.
استجابة متماسكة للعدوان
أوضحت مجلة “منتدى شرق آسيا”، في تقرير نشرته الجمعة 10 يناير 2025، أن حلف الناتو وحلفائه الـ4 بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، يرى العملية الروسية بمثابة تحذير حول إمكانية العدوان من قبل القوى التعديلية، ودفعت هذه التطورات إلى إعادة تقييم الاستعداد العسكري واستراتيجيات الدفاع الجماعي. وأدركت دول المنطقة الحاجة إلى تعزيز قدرات الردع.
وأضافت أن التطورات حفزت المناقشات داخل الحلف حول أهمية الاستجابة المتماسكة للعدوان، مع التأكيد على ضرورة التضامن ليس فقط في أوروبا بل وفي مختلف أنحاء العالم، وذلك استنادًا إلى معتقد الحلف بأن “التجاوزات الأحادية الجانب للنظام الدولي وغيرها من الأحداث غير المتوقعة ستخلف تأثيرات دومينو دراماتيكية في جميع أنحاء العالم.
قصور الموارد
ذكرت المجلة أن النقاش في دول حلف الناتو يدور حول كيفية توفير الموارد المناسبة لحالات الطوارئ المتعددة، وبدون العبء الإضافي المتمثل في دعم أوكرانيا ضد روسيا، مشيرةً إلى أن دول الحلف لا تملك حاليا موارد كافية للدفاع بسبب نقص الاستثمار القائم على الوهم الذي ساد بعد الحرب الباردة بأن القوة العسكرية وقدرات الإنتاج الدفاعي ليست ضرورية.
ويشير هذا القصور إلى توافر الذخائر والأسلحة ومعدات الدفاع التي يمكن نشرها على الفور وبشكل مستمر في حالة الصراع على جبهات متعددة، والذي يشمل، على سبيل المثال لا الحصر، الرصاص ومعدات الحماية والطائرات المسيرة والطائرات اللازمة لردع الخصم في منطقة المحيطين الهندي والهادئ أو تدهور قدراته الهجومية والدفاعية.
أزمة الذخائر القديمة
في سياق تحالف أوكوس، دعا توم كوربن وويليام جرينوالت، في تقرير نشره مركز دراسات الولايات المتحدة بجامعة سيدني، إلى إرساء ركيزة ثالثة تركز على إصلاح ضوابط التصدير، ما سيمكن من التعاون الأسرع والأكثر جدوى بين الدول الثلاثة في تصنيع وتصدير الذخائر القديمة.
ورغم كون الركيزة الثالثة المقترحة بناءة، إلا أنها تطرح مشاكل، فدمج الذخائر القديمة وغيرها من معدات الدفاع قد يخاطر بالاستئثار بدلاً من الشمول، وقد يؤدي هذا النهج إلى تنفير الشركاء المحتملين مثل الهند ودول جنوب شرق آسيا وكندا أو الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وبالتالي فإن تعزيز التعاون بين الناتو وIP4 أمر ضروري.
ويتطلب تطوير مراكز تصنيع الذخائر القديمة وتخزينها ونشرها في الوقت المناسب عبر حالات الطوارئ المتعددة شراكة أكثر شمولاً، فالتعاون مع الشركاء في مواقع جغرافية مختلفة سيساعد في تخفيف أوجه القصور في الذخائر ومعدات الدفاع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ما يتطلب نقل التكنولوجيا إلى شركاء مثل الهند والاستفادة من خبرة التصنيع في اليابان وكوريا الجنوبية وغيرهما.
تقاسم الأعباء
نظرًا للقيود الجغرافية التي يواجهها الناتو، دعت المجلة إلى إنشاء أطر لتقاسم الأعباء لمعالجة سيناريوهات الطوارئ المتعددة، ويستلزم أحد السيناريوهات محاكاة لكيفية تنسيق اليابان والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية للموارد خلال حالة طوارئ في تايوان تحدث في وقت واحد مع حالة طوارئ في شبه الجزيرة الكورية.
ولفتت إلى أنَّ تقاسم الأعباء وتقسيم الأدوار وتخصيص الموارد لابد، وأن يتم بشكل منهجي وفقًا لسيناريوهات مختلفة لضمان استجابة دفاعية فعّالة، مشيرة إلى أن الشراكات البديلة، مثل الشراكة المصغرة بين أستراليا وكوريا الجنوبية واليابان أو غيرها من الأطر التي تشمل حلف الناتو وتحالف IP4، لابد وأن تخضع للتحقيق أيضًا.
أطر تعاونية
أوضحت المجلة أن مثل هذه الأطر التعاونية المصغرة لا ينبغي أن تكون تفاعلية في معالجة الطوارئ المتعددة فحسب، بل قد تكون وقائية أيضًا، فإنشاء هذه الأطر التعاونية يسمح لحلف الناتو بالاستفادة من إنتاج الذخائر القديمة وتوزيعها في جميع أنحاء المنطقة، ما يضمن الوصول السريع إلى الأدوات اللازمة لردع القوى التعديلية.
وتساهم هذه المبادرات في الردع والوعي بالمجال البحري والتفاهمات الأمنية المشتركة، وتطوير مخططات الدبلوماسية المنسقة لحلف الناتو، وتحالف IP4 أمر ضروري للاستجابة للطوارئ المتعددة، ومواءمة التدابير مثل العقوبات المالية والاقتصادية، وإغلاق خطوط الاتصال البحرية وإنشاء بروتوكولات لمواجهة الإكراه الاقتصادي وتسليح سلاسل التوريد أمر ضروري لشن مقاومة فعالة ومنسقة.
وقالت المجلة إنه من أجل معالجة التحديات المتزايدة المرتبطة بترابط الحرب وإمكانية حدوث طوارئ متعددة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، على أعضاء حلف الناتو ومجموعة IP4 تنسيق إنتاج موارد الدفاع والذخيرة، وتخطيط تقاسم الأعباء والدبلوماسية.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2102152