"يتداول البعض داخل أوكرانيا، أنه من الممكن الاستمرار في صد الهجمات الروسية، وتجديد قدرات القوات الأوكرانية على شن هجمات موسعة، شريطة ضمان استدامة الدعم الغربي".. ما صحة الادعاء؟
قبل شن أوكرانيا، هجومها المضاد الذي روجت له على أنه “الضربة القاضية” التي يمكن أن تخرج روسيا من الحرب، لكن فشله كان مدويًا.
على مدار عام 2022 وحتى منتصف 2023 شاعت فكرة مفادها أن أوكرانيا تقترب من هزيمة روسيا في ساحة المعركة حال غمرتها الأسلحة الغربية الحديثة، والمخزونات الغربية على وشك النفاد، بالنسبة لمروجي تلك الأفكار في كييف والعواصم الغربية، فقد دحضها الواقع بنحو قاسٍ.. كيف؟
تفاؤل مبالغ فيه
يتداول البعض داخل أوكرانيا، أنه من الممكن الاستمرار في صد الهجمات الروسية، وتجديد قدرات القوات الأوكرانية على شن هجمات موسعة بشكل عام، شريطة ضمان استدامة الدعم الغربي.
ويفترض هذا الرأي، أنه حال حدوث ذلك بالإمكان زعزعة الإمدادات اللوجستية الروسية، وجعل الكثير من المناطق المتنازع عليها، والتي يسيطر عليها الروس في الوقت الراهن، غير قابلة للدفاع، وغالبًا ما يرافق هذا الرأي قناعة أخرى مفادها معاناة روسيا من نقص حاد في الذخائر الأساسية، حسب مقال لمجلة “ريسبنسبول ستيت كرافت” الأمريكية التابعة لمعهد كوينسي.
لكن هذه الآراء مبالغ فيها ومتفائلة للغاية، يوضح مقال المجلة الأمريكية، أن هذا النهج في التفكير ليس سليمًا، ويلفت لوجود خطورة عسكرية ستواجه أوكرانيا وحلفائها الغربيين، حال الإيمان بأن التمويل والمثابرة الكافيين بإمكانهما “تحقيق النصر الكامل” (تفترض كييف إمكانية إعادة السيطرة على كافة المناطق التي ضمتها روسيا سواءًا عام 2022، أو 2014).
لا سلاح معجزة
في خطاب بتاريخ نوفمبر 2023، دعا مجموعة من المشرعين إدارة بايدن إلى نقل المزيد من صواريخ “أتاكمز” طويلة المدى (يصل إلى 300 كيلومتر)، إلى أوكرانيا بهدف الحفاظ على توجيه ضربات لعمق مناطق السيطرة الروسية.
وعلى نفس المنوال، أكد الجنرال الأمريكي السابق بن هودجز بأن توفير الصواريخ بعيدة المدى من شأنه أن يعزل شبه جزيرة القرم، ورأى أنه لن يكون هناك مكان للأسطول الروسية والقوات الجوية واللوجستيات للاختباء في شبه جزيرة القرم.
كما هو الحال مع الخطط الأخرى التي تمت صياغتها حول استخدام أوكرانيا للـ “سلاح المعجزة”(wunderwaffen) (وهو مصطلح ألماني استخدم للإشارة لسلاح “يغير قواعد اللعبة” خلال الحرب العالمية الثانية)، كان الحال كذلك، مع أتاكمز حيث كان هناك افتراض بعدم إمكانية تكيف الروس، بطبيعة الحال ظهر أن ذلك لم يكن صحيحًا.
قدرات الروس
في عام 2022 عند دخول صواريخ هيمارس الأمريكية لساحة المعركة، تمكنت القوات الأوكرانية من شن سلسلة من الهجمات الناجحة على الأصول الروسية، حسب المقال، سرعان ما انتهت مرحلة “شهر العسل” حيث استخدم الروس دفاعات أكثر تعقيدًا، وخزنوا السلاح بشكل أكثر فعالية يصعب استهدافه، واستخدموا التشويش على الصواريخ الأمريكية.
ويتمتع الروس بفهم عميق للأسلحة الغربية، حتى تلك التي لم تتزود بها أوكرانيا بعد، وبالتالي كان أمامهم أشهر إن لم يكن سنوات لمحاكاة آثارها واتخاذ إجراءات وقائية ضدها، ما يخفف عنصر المفاجأة من الناحية التقنية.
ومن المؤكد أن الجيش الروسي سيواصل صقل أساليب دفاعية جديدة وتطوير إجراءات مضادة إضافية للتخفيف من تأثيرات الصواريخ الغربية متوسطة وطويلة المدى في ساحة المعركة، والتي قد تتسلمها أوكرانيا مستقبلاً.
هجمات ليست كافية
حسب المقال، يمكن استخدام الصواريخ المقدمة من الغرب لفرض تكاليف تشغيلية على القوات الروسية من خلال ضربات على أهداف وبنية تحتية ذات قيمة عالية، لكن هذه الهجمات تحمل قيمة استراتيجية محدودة على المدى الطويل.
ويتابع بأنه لا يوجد ما يشير إلى أن هذه الضربات يمكن إجراؤها على نطاق واسع بما يكفي لإلحاق هزيمة حاسمة بالقوات الروسية في أوكرانيا، ولا يوجد ما يشي بأن القوات الأوكرانية بإمكانها القيام بهجوم بري ناجع بالنظر إلى الهجوم المضاد في 2023.
ويلفت المقال لاعتقاد آخر، ليس أقل خطأ من ذلك، فقد رافق الترويج للهجوم المضاد، حديث متزايد في كييف والعواصم الغربية عن قصور عدد الصواريخ الروسية، وعدم إمكانية المواصلة في القتال لأسهر معدودة، وعلى نفس المنوال تحدثت التقارير الإعلامية الغربية، بطبيعة الحال ثبت خطأ كل ذلك.
تدهور في الدفاعات الأوكرانية
على الرغم من أنه من المستحيل إجراء تقدير دقيق لمخزونات روسيا من مختلف الذخائر الدقيقة، إلا أن هناك دلائل واضحة على أن الكرملين نجح في تعزيز قاعدته الصناعية الدفاعية للحفاظ قدرات هجومية في المدى القصير والمتوسط.
وفي مقابل إنتاج روسيا المستمر من الذخائر الدقيقة، هناك تدهور مستمر للدفاعات الجوية الأوكرانية في مواجهة الضربات الروسية المتواصلة خلال فصل الشتاء، ما يقوض الفكرة التي تقول إن الوقت في صالح أوكرانيا.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1751178