لبنان محاصر.. 18 عامًا من التخطيط الإسرائيلي للثأر

إسراء عبدالمطلب

تنظر العديد من المؤسسات الأمنية الإسرائيلية، إلى حرب عام 2006 مع حزب الله على أنها فشل ذريع لإسرائيل التي لم تتمكن من تحقيق أهدافها المعلنة.

ولم تستطع إسرائيل حينها استعادة جنودها الأسيرين أو إبعاد حزب الله عن منطقة الحدود، كذلك، عانت القوات الجوية الإسرائيلية من محدودية في الأهداف، بينما واجه الجنود على الأرض صعوبات في القتال داخل التضاريس الوعرة بجنوب لبنان، وفقاً لما ذكرته صحيفة “نيويورك تايمز”، أمس الأحد 6 أكتوبر 2024.

حزب الله وإسرائيل

حزب الله وإسرائيل

التوغل البري في لبنان

لكن بعد مرور ما يقارب 20 عاماً، شنّت إسرائيل هجوماً آخر على حزب الله، محققةً سلسلة من النجاحات التي تمثلت في قتل قادة الحزب، تعطيل شبكات اتصالاته، واستهداف مخابئ أسلحته، ويعود هذا النجاح بحسب خبراء إسرائيليين، إلى استثمارات إسرائيل في الاستعداد لمعركة مستقبلية مع الحزب منذ عام 2006.

ومع ذلك، فإن التوغل البري الإسرائيلي في عمق الأراضي اللبنانية يضع القوات الإسرائيلية في مواجهة مخاطر أكبر، بما في ذلك الأسلحة المتطورة التي يمتلكها حزب الله. وإذا لم تتمكن الحكومة الإسرائيلية من صياغة استراتيجية واضحة للخروج من لبنان، فقد تتعرض القوات الإسرائيلية لحرب استنزاف طويلة الأمد تستنزف مواردها، كما حدث في غزة.

إسرائيل تحاول استعادة سمعتها

تشير صحيفة نيويورك تايمز إلى أن الهجمات الإسرائيلية المتكررة على حزب الله ساهمت في استعادة إسرائيل لسمعتها كقوة عسكرية بارزة في المنطقة، وأظهرت أنها كانت أكثر استعداداً للحرب مع حزب الله مقارنة بحربها مع حركة حماس. وعلق اللواء المتقاعد والمستشار السابق للأمن القومي الإسرائيلي، ياكوف أميدرور، قائلاً: “حزب الله أقوى من حماس بعشر مرات، لكن الجيش الإسرائيلي كان أكثر استعداداً لمواجهة حزب الله بعشرين مرة من استعداده لحماس”.

وعلى الجانب الآخر، كان حزب الله قد استعد بشكل أفضل لمواجهة إسرائيل مقارنة بعام 2006، إذ بنى ترسانة هائلة تقدر بأكثر من 100 ألف صاروخ وقذيفة، ودرب عشرات الآلاف من المقاتلين. كما قام قادته بدراسة إسرائيل عن كثب، مقدرين أنهم قادرون على دعم حماس من خلال تبادل الهجمات دون الانخراط في حرب شاملة.

استهداف قادة حزب الله

مع ذلك، أظهر الهجوم الإسرائيلي خطأً كبيراً في تقديرات حزب الله، إذ صعّدت إسرائيل هجماتها في سبتمبر 2024، واستمرت في قصف مقاتلي الحزب، بما في ذلك استهداف قادة بارزين مثل إبراهيم عقيل، زعيم وحدة “الرضوان”، وفي نهاية سبتمبر تم قتل حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله. وأعلنت إسرائيل مؤخراً أنها استهدفت خليفة محتمل لنصرالله، هاشم صفي الدين، لكن لم تتأكد بعد نجاح العملية.

في الوقت نفسه، نفذت إسرائيل حملة قصف واسعة استهدفت البنية التحتية العسكرية لحزب الله وقتلت العديد من مقاتليه، مما أدى إلى تراجع قدرة الحزب على الرد.

وأشار اللواء عميدرور إلى أن إسرائيل تمتلك تفوقاً استخباراتياً واضحاً على حزب الله بفضل استخدام الطائرات المسيرة بشكل مكثف في سماء لبنان مقارنة بعام 2006. وذكر إيال هولاتا، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، أن القوات الإسرائيلية ركزت على جمع المعلومات حول قادة حزب الله وتحركاتهم، بالإضافة إلى الأنظمة السرية للاتصالات والبنية التحتية.

استهداف قادة حزب الله

رغم علم حزب الله بمراقبة إسرائيل لأعضائه منذ فترة طويلة، إلا أن الضربات المتكررة لقادته كشفت عن عمق الاختراق الإسرائيلي في صفوفه. وأضاف هولاتا، الذي يعمل حالياً كزميل في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بواشنطن، قائلاً: “الآن نرى كيف أن المعلومات التي جمعناها أعطتنا ميزة واضحة”.

ومع ذلك، فإن الاحتفال الإسرائيلي بنجاحاتها قد يكون سابقاً لأوانه، حيث أن الغزو البري للبنان لا يزال في مراحله الأولى وقد أسفر عن خسائر إسرائيلية، بما في ذلك مقتل 9 جنود في يوم واحد، إضافة إلى مقتل اثنين آخرين في الجولان المحتل.

طائرات مُسيّرة ومعلومات استخباراتية

قال عميدرور إن التوغل البري سيكون أكثر تعقيداً وصعوبة، لأن حزب الله يُعتبر منظمة أكثر تسليحاً واستعداداً وخطورة من حماس. ووفقاً لتقديرات وكالة المخابرات المركزية لعام 2021، يمتلك حزب الله نحو 20 ألف مقاتل نشط و25 ألفاً في الاحتياط، يتمتعون بخبرة قتالية واسعة. كما ذكر حسن نصرالله في تصريحات سابقة أن الحزب لديه نحو 100 ألف مقاتل.

وعلى الرغم من أن الغارات الجوية الإسرائيلية قضت على نصف ترسانة حزب الله، فإن الحزب لا يزال يمتلك صواريخ مضادة للدبابات موجهة، مما يشكل تحدياً كبيراً أمام الجنود الإسرائيليين.

حرب استنزاف طويلة

أضاف الخبراء للصحيفة أن القلق الأكبر يتمثل في غياب استراتيجية خروج واضحة لإسرائيل، مما قد يؤدي إلى تورط الجيش في حرب استنزاف طويلة، مشددين على أهمية تحويل الإنجازات العسكرية إلى نجاحات سياسية من خلال السعي إلى اتفاق دبلوماسي يعيد الأمن إلى شمال إسرائيل، ويحذرون من أن غياب هذا الاتفاق سيجعل عودة 60 ألف نازح إلى ديارهم أمراً غامضاً وغير محدد.

واختتم هولاتا بالقول: “القيادة السياسية لا تبذل الجهد الكافي حالياً لحل هذه القضية، وأخشى أن تذهب نجاحاتنا سدىً في ظل غياب استراتيجية واضحة لتحقيق تسوية سياسية”.

2024

ربما يعجبك أيضا