لبنان يشكل حكومة جديدة.. الانتماءات والتوجهات 

محمد النحاس
نواف سلام

أعلنت الرئاسة اللبنانية، السبت 8 فبراير 2025، تشكيل حكومة جديدة من 24 وزيرًا برئاسة نواف سلام، عقب أسابيع من المشاورات المكثفة التي جاءت على وقع تحولات في المشهد السياسي، لا سيما بعد إضعاف «حزب الله» إثر الحرب المدمّرة مع إسرائيل.

وأفاد بيان لبناني، بأن الرئيس جوزيف عون وقّع مرسوم قبول استقالة حكومة نجيب ميقاتي، وتكليف نواف سلام بتشكيل الحكومة الجديدة، قبل أن يوقّع مع رئيس الوزراء المكلف على مرسوم تشكيل حكومة من 24 وزيراً، وأشار البيان إلى أن مجلس الوزراء الجديد سيعقد أولى جلساته في قصر بعبدا الثلاثاء المقبل، على أن تسبقها الصورة التذكارية للحكومة.

حكومة الإصلاح والاستقرار

في أول تعليق بعد الإعلان عن تشكيل الحكومة، أكد رئيس الوزراء نواف سلام أن حكومته ستركز على تنفيذ إصلاحات اقتصادية، مما يقرّب لبنان من الاستفادة من أموال إعادة الإعمار والاستثمارات، في أعقاب الحرب الأخيرة مع إسرائيل.

وأضاف سلام، أن لبنان سيلتزم بتطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 1701، الذي وضع حدًا للحرب بين «حزب الله» وإسرائيل عام 2006.

وقال: «أما وقد أعلنا الحكومة التي أتمنى أن تكون حكومة الإصلاح والإنقاذ، يهمني أؤكد أن الإصلاح هو الطريق الوحيد للإنقاذ الحقيقي»، وشدد على أن الحكومة ستعمل على «تأمين الأمن والاستقرار عبر استكمال تنفيذ القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار»، بجانب إعادة الثقة بين المواطنين والدولة، وبين لبنان ومحيطه العربي والمجتمع الدولي.

كسر الجمود السياسي

وجاء الإعلان عن الحكومة بعد أكثر من 3 أسابيع من المشاورات مع الأحزاب السياسية، في ظل النظام اللبناني القائم على المحاصصة الطائفية.

وكانت المفاوضات شهدت جمودًا بشأن تسمية الوزراء الشيعة، الذين عادة ما يتم تعيينهم من قبل «حزب الله» وحركة «أمل»، حيث اصطدمت العملية برفض واشنطن لأي تدخل من «حزب الله» في الحكومة.

لكن في النهاية، تم التوصل إلى تسوية سمحت لحركة «أمل»، بقيادة رئيس البرلمان نبيه بري، باختيار أربعة وزراء، من بينهم ياسين جابر، الذي تولى وزارة المالية، إلى جانب الموافقة على وزير خامس.

الخطوات المقبلة

بعد إعلان تشكيل الحكومة، سيكون على مجلس الوزراء الجديد صياغة بيان وزاري يحدد أولويات المرحلة المقبلة، قبل عرضه على مجلس النواب لنيل الثقة، وهي خطوة ضرورية لمنح الحكومة الصلاحيات الكاملة لمباشرة عملها.

وأعلن الأمين العام لمجلس الوزراء اللبناني، محمود مكية توزيع الحقائب في الحكومة التي يرأسها نواف سلام وتتألف من 24 وزيرا، بحسب ما أوردت الوكالة الوطنية اللبنانية للأنباء.

وجاء توزيع الوزراء وحقائبهم وانتماءاتهم كالتالي:

1- رئيس مجلس الوزراء نواف سلام (مستقل).

2- نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري (مستقل).

3- وزير الدفاع ميشال منسى (مستقل).

4- وزير الداخلية أحمد الحجار (مستقل).

5- وزير الخارجية يوسف رجي (القوات اللبنانية).

6- وزير الثقافة غسان سلامة (مستقل).

7- وزيرة السياحة لورا الخازن لحود (مستقل).

8- وزير المهجرين كمال شحادة (مستقل).

9- وزيرة الشباب والرياضة نورا بيرقدريان (مستقلة).

10- وزيرة التربية ريما كرامي (تيار المستقبل).

11- وزير العدل عادل نصار (مستقل لكنه مقرب من حزب الكتائب).

12- وزير الصحة العامة ركان نصر الدين (مستقل).

13- وزير العمل محمد حيدر (مستقل).

14- وزير الطاقة جوزيف الصدي (القوات اللبنانية).

15- وزير الاقتصاد عامر البساط (مستقل).

16- وزير الاتصالات شارل الحاج (مستقل مدعوم من القوات اللبنانية).

17- وزير الصناعة جو عيسى الخوري (مستقل).

18- وزير الأشغال فايز رسامني (الحزب التقدمي الاشتراكي).

19- وزير الزراعة نزار الهاني (حزب الله).

20- وزير البيئة تمارا الزين (حزب الله).

21- وزير التنمية الإدارية فادي مكي (مستقل).

22- وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد (مستقلة).

23- وزير الإعلام بول مرقص (مستقل مدعوم من التيار الوطني الحر).

24- وزير المالية ياسين جابر (حركة أمل).

وينفي جابر انتماءه إلى أي توجه ومع ذلك تطاله اتهامات أنه لا زال على صلة بالحركة المقربة من حزب الله، بحسب وسائل إعلام لبنانية.

ردود الأفعال الدولية

لقي تشكيل الحكومة ترحيباً حذراً من المجتمع الدولي، حيث دعا الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى الإسراع في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية. وأشارت الخارجية الفرنسية إلى أن لبنان أمام “فرصة نادرة” لاستعادة الثقة الدولية، مشددة على ضرورة مكافحة الفساد وإعادة هيكلة القطاع المصرفي.

من جهتها، علّقت مصادر إسرائيلية على الحكومة الجديدة بالإشارة إلى أن استمرار وجود نفوذ «حزب الله» داخل الدولة اللبنانية سيجعل أي محاولات للتهدئة قصيرة الأمد، وهو ما يعكس القلق من إمكانية انهيار وقف إطلاق النار الهش بين الجانبين.

طبيعة الحكومة 

تعليقا على تشكيلة الحكومة الجديدة، قال الكاتب والباحث السياسي رضوان عقيل، في تصريحات متلفزة، إن تشكيل الحكومة الجديدة جاء بطريقة شاقة نتيجة الخلافات داخل الكتل النيابية.

وأوضح أنه على المستوى الشيعي، تمكن ثنائي حركة أمل وحزب الله من تحقيق ما أراداه في التشكيلة الوزارية، رغم المعارضة الأمريكية العلنية لتمثيل حزب الله في الحكومة.

وأضاف أن الحزب نجح في تأمين تمثيله بشكل غير مباشر عبر شخصيتين غير حزبيتين تسلمتا وزارتي الصحة والعمل، مما يؤكد – وفقًا لعقيل – أن رئيس مجلس النواب نبيه بري، أثبت أنه لا يمكن تشكيل حكومة من دون مراعاة تمثيل حزب الله.

أما على المستوى المسيحي، فقد أشار عقيل إلى أن هذه التشكيلة شهدت للمرة الأولى غياب التيار الوطني الحر عن الحكومة، وهو ما لم يكن مفاجئًا في ظل توتر العلاقة بين التيار ورئيس الجمهورية. وأكد أن رئيس التيار، جبران باسيل، كان قد طرح اسم نواف سلام لكنه لم يكن جزءًا من التشكيلة النهائية. في المقابل، تمكنت القوات اللبنانية من حجز مقعدها في الحكومة عبر حقيبة وزارة الخارجية.

الانتماءات والتوجهات 

حول طبيعة الوزراء الجدد، لفت عقيل إلى أن نصف أعضاء الحكومة من التكنوقراط، إلا أنهم يواجهون امتحانًا صعبًا نظرًا لتجارب سابقة لم تحقق النتائج المرجوة. وأضاف أن المجتمع المدني والجماعات التغييرية نجحت في شيطنة الوجوه الحزبية، مما دفع رئيس الحكومة إلى اختيار شخصيات غير حزبية، لكن رغم ذلك، فإن هؤلاء التكنوقراط محسوبون على جهات سياسية معينة، ما يعني أن قراراتهم الكبرى ستظل خاضعة لمرجعياتهم الحزبية.

وختم عقيل بأن الحكومة الجديدة ستواجه تحديات كبيرة في ظل هذه التعقيدات السياسية، خاصة عند اتخاذ قرارات مصيرية داخل مجلس الوزراء.

آمال وتحفظات

توالت ردود الفعل السياسية والدبلوماسية على تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة نواف سلام، حيث هنّأ عدد من النواب والمسؤولين بالحكومة الجديدة، مشددين على أهمية الإصلاح والتحديات المقبلة.

النائب إيهاب مطر رحّب بالحكومة، متمنيًا أن تكون على قدر المسؤوليات، رغم تحفظاته على استمرار المحاصصة الحزبية وعدم المساواة بين المناطق، خصوصًا الشمال. فيما عبّر النائب زياد الحواط عن تفاؤله الحذر، معتبرًا أن “الامتحان الأول هو البيان الوزاري”.

من جانبه، رأى النائب عبد الرحمن البزري أن لبنان دخل “مرحلة جديدة”، داعيًا إلى تعاون فاعل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. أما النائب مارك ضو، فأشاد بعدم وجود “ثلث معطّل” أو “تعطيل ميثاقي”، لكنه انتقد استمرار بعض الممارسات الطائفية.

على المستوى المحلي، هنّأ رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي الحكومة الجديدة، مشددًا على ضرورة التعاون لحل الملفات العالقة، أبرزها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب. كذلك، أشاد تمام سلام بتشكيلة “حكومة الإصلاح والإنقاذ”، داعيًا إلى تعاون وثيق بين السلطات الشرعية لمواجهة التحديات.

ربما يعجبك أيضا