بعض اللاعبين الغربيين يأملون أن تتحول حرب غزة إلى حدث مزلزل يؤدي إلى استئناف محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. هل يحدث ذلك؟
قبل اندلاع الحرب بين إسرائيل وغزة، كان أحد أعضاء الحرس القديم للقيادة الفلسطينية يستعد لخلافة محمود عباس كرئيس للسلطة الفلسطينية.
وبدأ الأمين العام لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، في الظهور بشكل أكبر في وسائل الإعلام، وسافر في مهام خارج الضفة الغربية المحتلة، التي تحكمها السلطة الفلسطينية تحت إشراف إسرائيل.
قلب الوضع السياسي
قال مسؤول في الشرق الأوسط التقى بالشيخ العام الماضي، قبل بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023، إن الشيخ يحظى بدعم من الولايات المتحدة، والأردن ومصر، ويشعر البلدان بالقلق إزاء استقرار حدودهما مع غزة والضفة الغربية.
كما طور الشيخ، 63 عاما، علاقات في إسرائيل ومصر من خلال دوره كرجل السلطة الفلسطينية في برنامج الأمم المتحدة لإعادة بناء غزة بعد حرب 2014 مع إسرائيل، لكن الحرب الأخيرة عطلت خططه لخلافة عباس، البالغ من العمر 89 عاما، وقلبت الوضع السياسي على نطاق أوسع في الضفة الغربية المحتلة.
تفاقم غضب الفلسطينيين
وفق موقع ” The National” الإماراتي، تفاقم غضب الفلسطينيين تجاه السلطة الفلسطينية في عهد عباس بسبب عدم فعاليتها في الهجوم الإسرائيلي المستمر على غزة، حيث قُتل أكثر من 25700 شخص، وفقًا لمسؤولي الصحة المحليين.
ولطالما اتهم الكثيرون في الضفة الغربية السلطة الفلسطينية، بقيادة حركة فتح التي يتزعمها عباس، بالفساد وسط وضع اقتصادي غير مستقر وارتفاع معدلات البطالة، لقد سيطر عباس وأتباعه، الذين ينشط الكثير منهم أيضًا في مجال الأعمال التجارية، على السياسة والاقتصاد في المنطقة منذ ما يقرب من عقدين.

لتوحيد الفلسطينيين..من هو المرشح الأوفر حظًا لخلافة عباس؟
إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية
جرت آخر انتخابات فلسطينية في 2005-2006، عند انتخاب عباس رئيسًا وفازت حركة حماس المنافسة بالسيطرة على البرلمان، مما أدى إلى صراع داخلي أدى إلى سيطرة حماس على غزة بينما تركت السلطة الفلسطينية بقيادة فتح في الضفة الغربية.
واتفقت حماس وفتح على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 2021، لكن عباس ألغى الانتخابات، وألقى باللوم على رفض إسرائيل السماح بالتصويت في القدس، رغم أن أكثر من 2.5 مليون فلسطيني يشكلون 93 % من الناخبين المؤهلين، سجلوا بالفعل للتصويت.
تصاعد أعمال العنف في القطاع
أوضح التقرير، أن السلطة الفلسطينية ليس لديها سوى القليل من الإرادة أو القدرة على منع إسرائيل من استخدام القوة في مناطق الضفة الغربية الخاضعة اسميًا لسيطرتها، وكانت قوات الأمن الإسرائيلية كثفت بالفعل عملياتها هناك في الأشهر التي سبقت الحرب، حيث قامت بغارات مميتة في بؤر التوتر مثل مخيم جنين للاجئين.
وقالت كبيرة المحللين الفلسطينيين في مجموعة الأزمات في لندن، تهاني مصطفى، إذا أجرى عباس مكالمة هاتفية مع جنين وطلب منهم التوقف عن قتال الإسرائيليين، فلن يستمع إليه أحد لأنه ليس لديه هذا النوع من الجاذبية مع الناس على الأرض، فهو لا يحظى بشعبية كبيرة في الوقت الحالي بين الفلسطينيين، ومع انهيار الضفة الغربية، فإن السلطة الفلسطينية قد لا تستمر طويلاً.
عقبات ما بعد الحرب
أضافت المحللة الفلسطينية، يُنظر إليه الآن على أنه “عقبات” أمام ترتيبات ما بعد الحرب للقيادة الفلسطينية التي تناقشها الولايات المتحدة وأصحاب المصلحة، فخلال رحلة إلى الشرق الأوسط هذا الشهر، أشار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى أن واشنطن تصورت قيام سلطة فلسطينية مُصلَحة تتولى إدارة غزة بمجرد تقليص حجم حماس.
ورغم محاولات السلطة الفلسطينية لمنع حماس من التسلل إلى الضفة الغربية، إلا أن هذه الجماعة قامت بتسليح أنصارها في مخيمات اللاجئين في القطاع، وقد تنامت شعبيتها منذ اندلاع الحرب، وبالتالي، فإن الشباب من فتح يتأثرون بالجماعات الأكثر تطرفًا لأنهم يتحدثون عن نوع الواقع “الاحتلال الإسرائيلي” الذي يعيش في ظله الكثير من الفلسطينيين.

وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن
علاقة الشيخ مع إسرائيل
قبل شهر من الحرب، أجرى الشيخ رحلة إلى الأردن والتقى بوزير الخارجية أيمن الصفدي، وهو ما اعتبر علامة على الدعم الأردني لصعوده السياسي، كما أن الشيخ على خلاف حاد مع حماس،. الذين طرد الأردن قيادتها إلى سوريا عام 1999 متعللا بأسباب أمنية غير محددة لكنه يحتفظ بقنوات اتصال مع الحركة.
وخلافًا لشخصيات أخرى في فتح قامت بتحسين علاقاتها مع حماس في العقد الماضي، يُنظر إلى الشيخ على نطاق واسع على أنه رجل لا تثق به الحركة بشكل خاص، ويرجع ذلك جزئيًا إلى علاقاته في إسرائيل.

نشطاء حماس
الدعم يتضاءل
وقالت تهاني مصطفى، إن الدعم الأردني للشيخ يتضاءل في الوقت الذي تحاول فيه المملكة ربط قضية الخلافة بـ”إصلاح وتنشيط السلطة الفلسطينية بما يتماشى مع الخطة الأمريكية” والأهم من ذلك، أن واشنطن تريد التأكد من أنها “تحظى بدعم جميع الفصائل” لأي خطة سلام تطرحها، حتى لا يعرقلها أي منهم”، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني، ثاني أكبر حركة وأقوى فصيل في غزة.
ووصفت تهاني مصطفى حماس بأنها ليس لديها مصلحة في أن تكون جزءًا من إدارة السلطة الفلسطينية الجديدة، حتى في غزة ما بعد الحرب، طالما تم قبول الجماعة في منظمة التحرير الفلسطينية، حيث يمكنها ممارسة نفوذها دون أن تكون في المقدمة. وقالت: “العائق الوحيد الآن أمام المصالحة والوحدة الوطنية هو عباس”.
مروان البرغوثي
وأي شخص سيحل محل عباس كزعيم سوف يحتاج لتوحيد الفصائل الفلسطينية الرئيسية وحل الانقسام بين حماس وفتح. ويعتقد الكثير أن الزعيم الفلسطيني المسجون مروان البرغوثي، الذي يتمتع بالسلطة الأخلاقية بين الفلسطينيين وبدعم من حماس وفتح، هو الشخص الرئيسي القادر على إنجاز هذه المهمة.
ولكنه يقضي حكمًا بالسجن المؤبد في أحد السجون الإسرائيلية منذ عام 2002، ورغم إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين كجزء من عملية تبادل الرهائن أثناء الحرب المستمرة، فإنه ليس من المؤكد ما إذا كان سيتم إطلاق سراحه، واقترحت تهاني مصطفى وعدد من المتخصصين أن الرئاسة الدورية يمكن أن تكون طريقًا بديلاً لتنصيب قيادة أكثر قدرة على توحيد الفلسطينيين.
المرشحون لخلافة عباس
إلى جانب الشيخ، فإن المرشحين الآخرين لهذا الدور يشملون القيادي البارز السابق في فتح محمد دحلان، الذي يعيش في المنفى منذ عقد من الزمن؛ ورئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد اشتية، التكنوقراطي المقرب من عباس؛ والدبلوماسي السابق ناصر القدوة.
قبل عامين، قام القدوة، وهو ابن شقيق الزعيم الراحل ياسر عرفات، بتشكيل التجمع الوطني الديمقراطي. وهي مجموعة من الإصلاحيين الذين يحاولون كسر احتكار فتح لسياسة الضفة الغربية، والتركيز على الأمن الذي تتبناه شخصيات مثل الشيخ.
إحياء الحركة الوطنية الفلسطينية
قال الباحث السياسي الأردني حازم عياد، إن الشيخ كان يخطط لتعزيز موقعه كوريث محتمل لعباس من خلال تطهير المنافسين داخل فتح قبل نهاية العام الماضي، لكنه فشل بسبب الحرب، مضيفا أن ذلك يعزز الموقع الاستراتيجي للبرغوثي باعتباره الأقدر على إحياء الحركة الوطنية الفلسطينية.
وأضاف عياد، أنه إذا كان لدى القادة الإسرائيليين “حس سياسي”، فسيطلقون سراح البرغوثي لأنه رغم أنه سيقود “صفقة صعبة”، إلا أنه شخصية يمكنها منع تفكك الهياكل الفلسطينية، متابعا: “لم يعد هناك أي قطع غيار لإبقاء السلطة الفلسطينية مستمرة”.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1742097