لماذا تغاضت واشنطن عن اعتقال عمران خان؟

محمد النحاس

دفعت جملة من العوامل واشنطن إلى النأي بنفسها عن أزمة باكستان.. ما أبرزها؟


بعد إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي في شهر يوليو الماضي، بدا أن الأزمة السياسية في باكستان قد انقضت.

لكن اعتقال رئيس الوزراء السابق، عمران خان، والحكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات، قد يشعل الموقف مجددًا. ولم يقتصر الأمر على ذلك، إذ جرى تقويض نشاطات حزب حركة إنصاف، الذي يقوده عمران خان، فلماذا غضت أمريكا الطرف عن وضع باكستان الداخلي؟

استهداف ممنهج لـ خان؟

الاتهامات الموجهة إلى عمران خان، والتي قادت إلى إدانته واعتقاله، تتعلق بالفساد والاحتيال، لكن هناك اعتقاد سائد لدى قطاعات كبيرة من الباكستانيين، بما فيهم معارضي خان، أن ذلك بسبب خلافاته مع قطاعات بعينها داخل الدولة، وفق تقرير لمجلة ريسبنسبول ستيت كرافت الأمريكية.

اقرأ أيضًا| مفوضية الانتخابات الباكستانية تصدر مذكرة اعتقال بحق عمران خان

ووفق التقرير المنشور في الـ 6 أغسطس 2023، فإن العديد من المراقبين خارج باكستان يرون أن الإجراءات التي تتخذ حاليًّا ضد حركة إنصاف، تتعارض مع أسس الديمقراطية، مع ذلك فقد غضت واشنطن الطرف.

موقف أمريكي فاتر

أصدرت الخارجية الأمريكية سلسلة من البيانات “الفاترة” أعربت بها عن أملها أن تكون باكستان منسجمة مع قواعدها الدستورية، ورأت اعتقال خان “شأن داخلي” في حين أبدا بعض نواب الكونجرس قلقهم إزاء الأزمة في ذروتها شهر مايو الماضي. ولم يذهب الموقف الأمريكي أبعد من ذلك.. فما السبب؟ بالنظر إلى أهمية باكستان الحيوية.

حسب التقرير، من المحتمل أن تكون إدارة بايدن غير راغبة في تعريض علاقتها مع باكستان للخطر بسبب مصير حزب سياسي يقوده رجل “يصعب التنبؤ به”.

اقرأ أيضًا| القبض على عمران خان بعد حكم بسجنه 3 سنوات

وتجدر الإشارة إلى أنه بعد عزل خان في أعقاب تصويت بحجب الثقة عنه في شهر إبريل من عام 2022، تبنى خطابًا يتحدث فيه عن “مؤامرة أمريكية” لتغيير النظام. ويذكر أن نظام خان كان يتمتع بعلاقات وثيقة مع بكين.

أبعاد أخرى

ليس هذا فحسب، ففي إحدى لقاءات رئيس الوزراء السابق عمران خان الإعلامية في شهر يونيو من العام 2021، سُئل عمّا إذا كانت باكستان سوف تسمح -نظريًّا- لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) باستخدام أراضيها، ليجيب على نحو قاطع “لا.. مطلقًا”. ويستخدم أنصار خان لغة مماثلة عند الحديث عن الولايات المتحدة.

وفق التقرير فإن تلقي دعم من واشنطن يمكن أن يكون ذا تداعيات سلبية على أي حزب سياسي في باكستان، وذلك بالنظر إلى مشاعر الاستياء والارتياب المرتبطة بالولايات المتحدة في عموم البلاد، ويمكن أن يخلق مصاعب لنشطاء المجتمع المدني، والذين يُتهمون بأن لديهم أجندات خارجية.

نهج أمريكي غير متسق

من المحتمل أن يكون نأي واشنطن بنفسها عن الأزمة في باكستان، نتيجة للعوامل سالفة الذكر، إذ أن محاولة التأثير في السياسات المحلية بالخارج، عملية محفوفة بالمخاطر وقد تقود إلى نتائج عكسية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن واشنطن، كما يشير التقرير، تطبق هذه المعايير على نحوٍ غير متسق. لكن يمكن القول إنه وفي الحالة الباكستانية، يبدو أن الولايات المتحدة قد أدركت أخيرًا أنه ليس بمقدورها تغيير خيارات الدول الأخرى عندما يتعلق الأمر بشؤونها الداخلية.

اعتقال خان والحكم عليه

في وقت سابق من هذا الأسبوع، ألقت قوات الأمن الباكستانية القبض على عمران خان من منزله بمدينة لاهور. بعد إدانة محكمة له بـ3 سنوات، بعد اتهامه ببيع هدايا منحت للدولة بطريقة غير قانونية، ويعني ذلك أن هذه الإدانة قد تقف حائلًا بين رئيس الوزراء السابق والانتخابات الوطنية المزمع عقدها في شهر نوفمبر من هذا العام.

وأعلنت السلطات القضائية، عزمها إرسال رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان إلى السجن المركزي في أديالا بروالبندي، وفي بيان مسجل قبل إلقاء القبض عليه، قال إن هذه الخطوة كانت متوقعة، داعيًّا أنصاره إلى الخروج للشوارع لدعمه وتوجه إليهم “لدي نداء واحد.. لا تجلسوا في منازلكم صامتين”.

ربما يعجبك أيضا