في الانتخابات الأمريكية، يُلاحظ أن العديد من كبار رجال الأعمال، بما في ذلك إيلون ماسك، قد أبدوا دعمًا لدونالد ترامب أو أعربوا عن مواقف تتماشى مع سياساته.
بحسب صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير لها، الثلاثاء 22 أكتوبر 2024، فإن هذا الدعم أثار العديد من التساؤلات حول الأسباب التي تدفع نخبة الأعمال في الولايات المتحدة إلى الاصطفاف إلى جانب شخصية مثيرة للجدل مثل ترامب. يمكن إرجاع هذه المواقف إلى عدة أسباب تتعلق بالسياسات الاقتصادية لترامب، فلسفة تقليل التدخل الحكومي، والاهتمام بمناخ الأعمال.
السياسات الاقتصادية المؤيدة للأعمال
أحد الأسباب الرئيسية لدعم رجال الأعمال لترامب هو سياساته الاقتصادية التي تُعتبر صديقة لقطاع الأعمال. خلال فترة رئاسته، نفذ ترامب إصلاحات ضريبية كبيرة، أبرزها خفض ضرائب الشركات من 35% إلى 21%. هذا الخفض الضريبي أدى إلى زيادة أرباح الشركات الكبرى وزيادة استثماراتها. بالنسبة لرؤساء الشركات، مثل ماسك، فإن هذه التخفيضات تُمثل فرصة لتوسيع أعمالهم وزيادة الربحية، مما يجعلهم يميلون إلى دعم ترامب الذي يدافع عن هذه السياسات.
إلى جانب تخفيض الضرائب، دفع ترامب بسياسات تهدف إلى تقليل اللوائح التنظيمية، مما جعل إدارة الأعمال أكثر سهولة وأقل تعقيدًا. في عام 2017، أطلق ترامب “مبادرة تخفيف اللوائح”، التي أزالت العديد من القيود الحكومية على الشركات، خاصة في قطاعات الطاقة والتصنيع. هذه الإجراءات لقيت ترحيبًا من كبار رجال الأعمال الذين يرون أن تدخل الحكومة المفرط يعيق النمو الاقتصادي والابتكار.
فلسفة الحرية الاقتصادية
كثير من رجال الأعمال، بما في ذلك إيلون ماسك، يتبنون فلسفة الحرية الاقتصادية والاعتماد على الأسواق الحرة لتحديد النجاح أو الفشل. ترامب، رغم كونه شخصية مثيرة للجدل على الصعيد الشخصي والسياسي، يعبر عن دعم لهذه الفلسفة، حيث يؤمن بتقليل تدخل الدولة في الاقتصاد وترك المجال مفتوحًا أمام الشركات لتعمل بحرية. رجال الأعمال، الذين غالباً ما يشعرون بأنهم مقيدون من قبل السياسات الحكومية والضرائب المرتفعة، يجدون في هذه الرؤية دعماً لاستثماراتهم وأعمالهم.
إيلون ماسك، الذي يدير شركات كبرى مثل “تسلا” و”سبيس إكس”، يدعم فكرة تقليل التدخل الحكومي، حيث يعتقد أن هذا يسمح بمزيد من الابتكار والتطوير. ماسك، الذي يعارض بعض التدخلات الحكومية مثل المساعدات الحكومية لبعض الشركات التقليدية أو قوانين العمل الصارمة، يرى أن سياسات ترامب المتحررة تخدم مصالح الأعمال بشكل أكبر من سياسات الديمقراطيين، الذين يميلون عادةً إلى تعزيز دور الحكومة في الاقتصاد.
مواقف ترامب تجاه الصين
واحدة من القضايا التي تعتبر محورية بالنسبة للعديد من رجال الأعمال هي العلاقات مع الصين. خلال فترة حكمه، اتخذ ترامب موقفًا صارمًا ضد الصين، وفرض رسوم جمركية كبيرة على السلع الصينية في محاولة للحد من الهيمنة الاقتصادية الصينية وتقليل العجز التجاري. هذا الموقف لاقى دعمًا من بعض رجال الأعمال الذين يرون في الصين تهديداً لمصالحهم.
إيلون ماسك، على الرغم من أن شركاته لها وجود كبير في الصين، إلا أنه استفاد من بعض سياسات ترامب التي تهدف إلى تعزيز التصنيع داخل الولايات المتحدة وتقليل الاعتماد على سلاسل التوريد العالمية. رجال الأعمال الذين يشعرون بالقلق إزاء التوسع الصيني، سواء من حيث التكنولوجيا أو النفوذ الاقتصادي، قد يرون في ترامب حليفًا استراتيجيًا في هذا الجانب.
موقف ماسك من حرية التعبير
إيلون ماسك يُعرف بمواقفه القوية تجاه حرية التعبير وتقليل القيود على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو موضوع مثير للجدل بشكل خاص في ظل المناقشات حول دور شركات التكنولوجيا في إدارة المحتوى. ترامب أيضا ينتقد ما يراه “رقابة” من قبل شركات التواصل الاجتماعي الكبرى، ويرى أنها تنحاز ضد المحافظين. هذا التقارب في المواقف حول حرية التعبير قد يكون أحد العوامل التي دفعت ماسك للتعبير عن دعمه الضمني لترامب.
في النهاية، دعم إيلون ماسك وكبار رجال الأعمال لدونالد ترامب لا ينبع فقط من تأييد لشخصه أو سياساته الاجتماعية المثيرة للجدل، بل يرتكز بشكل أساسي على سياساته الاقتصادية المؤيدة للأعمال، وتخفيف اللوائح التنظيمية، وموقفه الصارم تجاه الصين. هذه العوامل تجعل من ترامب خياراً جذاباً للكثيرين في مجتمع الأعمال الذين يسعون إلى تعزيز بيئة استثمارية تتسم بالحرية والفرص.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2020985