ماذا قدمت الولايات المتحدة لدعم الديمقراطية في العالم؟

بسام عباس

مع اندلاع الثورات والاحتجاجات في الصين وإيران.. هل تسعى الولايات المتحدة للتدخل لتعزيز الديمقراطية في العالم؟


قال الكاتب الأمريكي، جيمس تراوب، إن على الولايات المتحدة بذل مزيد من الجهود لدعم الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، خاصة وأن أعداء الديمقراطية طوروا أدوات قمعها.

وأضاف أن المبالغة في الترويج للديمقراطية كمشروع أمريكي، لا يعني أن الولايات المتحدة عاجزة عن تعزيز الديمقراطية في الخارج، فالخطاب الرئاسي وسياسات البيت الأبيض مهمة اليوم كما كانت دائمًا.

الديمقراطية ليست زهرة هشة

ذكر تراوب في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي، الثلاثاء 6 ديسمبر 2022، إن الرئيس الأمريكي الأسبق، رونالد ريجان، قال في خطاب أمام مجلس العموم البريطاني، عام  1982، إن “أعداء الديمقراطية صقلوا أدوات القمع”، وإن “الديمقراطية، وإن لم تكن زهرة هشة، فهي تتطلب الرعاية”.

وأضاف الكاتب أن ريجان أعلن سياسة أمريكية جديدة لتعزيز الديمقراطية ستنفذها المؤسسة الوطنية للديمقراطية، لافتًا إلى أن الدول المستبدة طورت ترسانتها من أدوات القمع والاضطهاد، ومع ذلك يبدو أن العالم يعيش لحظة حاسمة من تصاعد المقاومة، سواء في إيران أو الصين أو أوكرانيا.

أضرار جسيمة

أوضح الكاتب الأمريكي أن ثقة ريجان في عام 1982 بقدرة الولايات المتحدة على دعم الديمقراطية في الخارج، تبدو الآن فكرة ساذجة، لافتًا إلى أن الحرب في العراق، التي كان هدفها نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط، ألحقت أضرارًا جسيمة بقضية تستحق الاهتمام.

وأضاف أن الديمقراطيات لا تواجه أزمة معرفة بل أزمة إيمان وإرادة سياسية، لافتًا إلى أن الشعوب في الهند وبولندا والمجر، بل حتى الولايات المتحدة، انتخبت زعماء كانوا معادين للعناصر الأساسية للديمقراطية الليبرالية، وفازوا بالأغلبية.

أفضل الممارسات

أوضح الكاتب أن منطلق قمة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، للديمقراطية، كان أن الدول، بما فيها الولايات المتحدة، يمكن أن تتعلم “أفضل الممارسات” بعضها من بعض، في أمور مثل الحد من الفساد، وإجراء انتخابات نزيهة، وحماية حرية التعبير.

وأفاد بأن إصرار بايدن على رسم خطوط عريضة بين الديمقراطيات والأنظمة المستبدة، يبعث برسالة تشجيع مماثلة إلى الأشخاص الذين يؤيدون الديمقراطية، ولكن من وراء ستائر حديدية كتلك التي كانت في الاتحاد السوفيتي السابق.

أرضية صلبة

أوضح تراوب أن عدم رغبة ريجان في مواجهة حلفاء الحرب الباردة المستبدين منح هذه الشخصيات الشرعية، إلى أن ضغط، في سنواته الأخيرة، على هؤلاء القادة للتنحي في مواجهة الاحتجاجات الشعبية، وقدم مزيدًا من الدعم لتعزيز الديمقراطية في الفلبين وتشيلي أكثر مما فعل في شرقي أوروبا.

وأضاف أن الدبلوماسية الأمريكية يمكن أن تكون حاسمة، في وقت تكون فيه القوى الديمقراطية والمستبدة متوازنة، فالمساعدات الخارجية التي تقدمها الولايات المتحدة تكون عاملًا حاسمًا عندما تسعى الديمقراطيات الجديدة لاكتساب أرضية صلبة.

دعم صادق لأوكرانيا

قال الكاتب إن الغرب لم يقدم شيئًا لدفع عجلة الديمقراطية إلى الأمام، بقدر دعمه الصادق لأوكرانيا، لافتًا إلى أن أوكرانيا كانت ديمقراطية ضعيفة للغاية عندما بدأت الحرب، وستكون أكثر فقرًا عندما تنتهي الحرب، ولكن تأييد الغرب لأوكرانيا بعث برسالة مفادها أن الديمقراطية تستحق النضال من أجلها.

وأضاف أن الاستعداد لدعم أوكرانيا، على الرغم من التضحيات الحقيقية، يعد نقدًا لاذعًا للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي افترض أن القادة الغربيين “متشائمون ومتعجرفون مثله”، بل ويأمل أن ينهار الغرب إذا رفع الرهان، مشيرًا إلى أن هذا سيكون اختبارًا خطيرًا لمدى أهمية النظام الليبرالي للمبشرين بفضائله.

كتلة حرجة

قال الكاتب إن أحد الدروس المستفادة من تعزيز الديمقراطية، هو أن الغرباء لا يمكنهم إحداث فرق كبير حتى تظهر كتلة حرجة من المواطنين، مستعدة لتحمل المخاطر المتمثلة في مواجهة نظام استبدادي. ومع ذلك، فإن المساعدات الأمريكية يمكن أن تسهم في تشكيل هذه الكتلة الحرجة بمرور الوقت.

وأضاف أن ليبراليي الحرب الباردة رأوا أن أفضل طريقة لكسب الحرب الباردة، هي من خلال إثبات أن الديمقراطية والأسواق الحرة تعمل بنحو أفضل من الشيوعية، ليس فقط في توفير الأمن والازدهار للمواطن العادي، بل وفي تعزيز الحقوق المدنية.

أفضل الأساليب لتعزيز الديمقراطية

شدد الكاتب على أن أفضل طريقة لتعزيز الديمقراطية، هي أن تقدم الولايات المتحدة نفسها نموذجًا لما يمكن أن تفعله الديمقراطية للشعوب، وعن طريق التمييز الواضح في سياستها الخارجية بين الدول الديمقراطية التي ستقدم لها الدعم المادي والدبلوماسي، والأنظمة الاستبدادية التي تتعامل معها كمسألة تتعلق بالمصلحة الوطنية.

واختتم تراوب مقاله بأن هذه السياسة المقيدة سوف تثير غضب الواقعيين في اليمين، وما يسمى القيود على اليسار الذين يعتبرون ترويج الديمقراطية نوعًا من خداع الذات الأمريكي، وأنها مهمة مدنية محكوم عليها بالفشل.

ربما يعجبك أيضا