ماكرون وفون دير لاين في بكين.. هل هي محاولة أوروبية لكشف «خداع الصين»؟

آية سيد
زيارة ماكرون وفون دير لاين لبكين.. ماذا تكشف عن نهج أوروبا تجاه الصين؟

يتصور بعض القادة الأوروبيين أن تصريحات بكين تُحدث فرقًا في استراتيجية موسكو النووية.. ما حقيقة ذلك؟


يستقبل الرئيس الصيني، شي جين بينج، رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من 5 إلى 7 إبريل 2023.

ونشر المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية حوارًا بين مديرة برنامج آسيا، جانكا أورتيل، والزميل المختص بالعلاقات الأوروبية الصينية بصندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة، أندرو سمول، لاستعراض أهمية الزيارة وانعكاساتها على نهج أوروبا تجاه الصين.

رسالة إلى بكين

رأت أورتيل أن فون دير لاين أوضحت الرسالة، التي تريد إيصالها لبكين في خطابها بشأن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين، الذي ألقته في 30 مارس الماضي. وأعطت فيه تقييمًا حادًا وقاتمًا لما تصفه بأولويات الحزب الشيوعي الصيني الحاكم.

وتمثلت هذه الأولويات، من وجهة نظر المسؤولة الأوروبية، في الأمن والسيطرة، والاعتماد المتبادل كوسيلة للتأثير، والعلاقات الوثيقة مع موسكو، وتوطيد الموقف الاستراتيجي للصين. وحسب أورتيل، هذه الرسالة ستضع بعض القيود على ما يمكن لماكرون، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، قوله وفعله عند السفر معها، وإلا سيخاطر بتقويض رسالته عن الوحدة الأوروبية.

اقرأ أيضًا: لماذا تستمر العلاقات الصينية الألمانية رغم الانتقادات؟

دور الصين في أوكرانيا

من جهته، رأى أندرو سمول أن الزيارة المشتركة تمنح ماكرون مصداقية في أن زيارته باسم أوروبا، وليس فرنسا فقط. وقال إن فون دير لاين قادرة على أن تُظهر لشي جين بينج أنه لا يستطيع توقع عقد صفقات جانبية مع باريس أو برلين، وتجاوز الاتحاد الأوروبي.

وقال إن الصين قدمت مبادرة سلام لأوكرانيا، على الرغم من أنها لم تبذل جهودًا لتمريرها. ومع ذلك، يعتقد بعض صناع السياسة الأوروبيين أنه من المفيد التظاهر بأنهم يصدقونها. وعزا هذا جزئيًّا إلى أسباب تكتيكية، معتبرًا أن القادة الأوروبيين يستطيعون كشف خداع الصين، عبر الضغط في عناصر معينة من المبادرة المقترحة، وضمان عدم ترك مجال لبكين كي تدعى أن جهودها رُفضت دون نقاش.

تفسير مختلف

التفسير الأكثر خبثًا، وفق سمول، هو أن التظاهر بلاتجاوب مع المبادرة الصينية يقدم عذرًا للأوروبيين لتجنب بعض الخيارات السياسية الصعبة تجاه بكين، بحُجة أنهم “يحتاجون إلى الصين في أوكرانيا”، ويقدم غطاءً سياسيًّا لتصوير الصفقات التجارية على أنها “مشاركة” بناءة.

وإلى جانب هذا، يتصور بعض القادة الأوروبيين، من وجهة نظر سمول، أن تصريحات بكين تُحدث فرقًا في استراتيجية موسكو النووية. وقال المختص بالعلاقات الأوروبية الصينية إنه في أسوأ الأحوال، سيكون تأثير هذا هو خلق انطباع لدى الصين بأنه يمكن استخدام علاقتها مع روسيا للتأثير في أوروبا.

المساعدات العسكرية لروسيا

قالت جانكا أورتيل إن صناع السياسة الأوروبيين ينظرون إلى خطر إرسال الصين أسلحة إلى روسيا من زاوية العقوبات الأمريكية المحتملة على الصين، والطلبات الأمريكية بأن يحذو الأوروبيون الحذو نفسه.

ومن وجهة نظرها، يحتاج القادة الأوروبيون إلى إرسال رسالة واضحة للحكومة الصينية بشأن مصالحهم الأمنية، وأنهم لا يرغبون في أن يروا الصين تسلح روسيا لتساعدها على الانتصار في الحرب ضد أوكرانيا. ويجب أن يكونوا واضحين تمامًا في أن أوروبا مستعدة للتحرك بنفسها، بغض النظر عما تفعله واشنطن.

نهج أوروبا تجاه الصين

وفق أورتيل، تكمن المشكلة في أن سياسات أوروبا تجاه الصين لم تتغير حسب حجم المشكلة والإطار الزمني اللازم. وأوضحت أن نهج “الحد من المخاطر” دبلوماسيًّا واقتصاديًّا، الذي حددته فون دير لاين، سيصبح أصعب وأكثر تكلفة كلما استغرق الأمر وقتًا أطول لمواءمة السياسات مع الكلام.

وفي السياق ذاته، قال سمول إن حديث رئيسة المفوضية الأوروبية عن “الحد من المخاطر” لا يتعلق فقط بتقليص العلاقات الاقتصادية بنحو عشوائي، لكن جزءًا من المفهوم هو أنك إذا قلصت المخاطر واختبرت التحمل بفاعلية، يمكنك خلق بعض القدرة على التنبؤ للتعاملات الاقتصادية “الخالية من المخاطر” خارج السيناريوهات الأكثر تطرفًا.

وختامًا، قال سمول إن أوروبا لا يمكنها تحقيق قابلية التنبؤ أو التخلص من النمط التفاعلي، إذا تشبثت برؤية للعلاقات التجارية، التي قال إنها لم تعد ذات صلة بكيفية تغير الظروف الاقتصادية والسياسية في الصين، وكيفية تفاعل الجهات الفاعلة الأخرى معها.

ربما يعجبك أيضا