مبادرة روسية لإعادة العلاقات بين سوريا وتركيا.. ما العقبات؟

شروق صبري
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان

تستضيف روسيا جولة جديدة من محادثات تركيا وإيران بشأن سوريا على أمل تحقيق التطبيع بين دمشق وأنقرة.


تجتمع وفود من سوريا وإيران وتركيا في العاصمة الروسية، اليوم الثلاثاء 25 إبريل 2023، في إطار جهود لإصلاح العلاقات بين دمشق وأنقرة.

وأعلن وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أن وزيرا البلدين للدفاع والمخابرات سيلتقيان في موسكو، بعد الجولة الثانية من المحادثات، التي عُقدت أواخر ديسمبر 2022، في حين انضمت إيران إلى المحادثات مطلع هذا العام.

الجماعات المتطرفة

قال موقع ذا ناشيونال الإماراتي، في تقرير نشره أمس الاثنين، إن سوريا اتهمت تركيا بتوفير ملاذ آمن للجماعات المتطرفة، خلال الصراع الذي يغلي في محافظة إدلب الشمالية الغربية، التي يسيطر عليها المتمردون. واجتاحت تركيا أجزاءً كبيرة من شمال سوريا، بمساندة من ميليشيات متحالفة معها من المعارضة السورية، لمواجهة الجماعات الكردية المدعومة من واشنطن، التي تتهمها أنقرة بالإرهاب.

وأعلن أكار، أمس الاثنين،،  أن الهدف من المحادثات هو حل المشاكل وإحلال السلام في المنطقة، مضيفًا أن المحادثات ستشمل إيران، وسيحضر الاجتماع رؤساء الدفاع والاستخبارات في الدول الأربع.

حارس كردي في نقطة تفتيش في تل تمر شمال شرق سوريا

حارس كردي في نقطة تفتيش في تل تمر شمال شرق سوريا

إحلال السلام

لفت الموقع الإماراتي إلى أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، منفتح على المحادثات مع نظيره السوري، بشار الأسد، الذي تهدف بلاده لإنهاء عزلتها الإقليمية، لكن الأخير قال إنه لن يلتقي مع أردوغان إلا إذا سحبت أنقرة قواتها من مناطق الشمال، التي “تحتلها” على مدار السنوات الـ7 الماضية.

وقبل عام 2011، كانت سوريا واحدة من أكبر الشركاء التجاريين لتركيا في الشرق الأوسط، وبلغت قيمة التجارة الثنائية في العام 2010 قرابة 2.5 مليار دولار. وزادت في السنوات الأخيرة، لكنها إلى حد كبير بين تركيا ومناطق سوريا، الخاضعة لسيطرة المتمردين.

احتجاجات معارضة

أشار تقرير نشره موقع المونيتور الأمريكي إلى أن ذوبان الجليد بين دمشق وأنقرة، قوبل باحتجاجات من جماعات المعارضة السورية المدعومة من تركيا. وشدد أكار، في بيانه أمس، على أن بلاده لن تتخذ أي خطوات يمكن أن تضع حلفائها من المتمردين السوريين في موقف صعب.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، التقى نواب وزراء خارجية الدول الـ4 في، موسكو لتمهيد الطريق لاجتماع رباعي بين وزراء الخارجية. وفي حديثه عقب الاجتماع، قال وزير الخارجية التركي، مولود تشاويش أوغلو، إنه قد يلتقي بنظيره السوري، فيصل المقداد، في أوائل مايو مع نظيريه الروسي والإيراني.

مطالب متبادلة

وفق المونيتور، تسعى أنقرة لأن تتعاون معها دمشق في قتالها الجماعات الكردية، التي يعاديها الطرفان، فضلاً عن العودة الآمنة لنحو 4 ملايين لاجئ سوري يقيمون في تركيا. في حين تضغط الحكومة السورية من أجل التزام ملموس من أنقرة بسحب القوات التركية من أراضيها.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال تشاويش أوغلو إن انسحاب تركيا من الدولة التي مزقتها الحرب لا يمكن تحقيقه إلا كجزء من خارطة طريق، يمكن الاتفاق عليها خلال المحادثات الرباعية.

عودة السوريين

زعمت صحيفة جيروزاليم بوست العبرية أن أنقرة تدعم عودة اللاجئين السوريين “طواعية”، مشيرة إلى أنه منذ اندلاع الحرب الأهلية، فر ملايين السوريين إلى تركيا، التي رحبت بهم، لكن مع مرور الوقت أدى وجودهم إلى إثارة الجدل.

وأشارت إلى أنه بعد زلزال تركيا الأخير، شنت أنقرة حملة قمع واسعة النطاق على حرية اللاجئين السوريين، خصوصًا أن العديد منهم يعيشون في مناطق متهالكة، فضلًا عن أنهم شكلوا الآلاف من ضحايا الزلزال، وعاد الكثيرون إلى سوريا لدفن أحبائهم، وأدى ذلك إلى مزيد من التركيز على محنتهم.

الوضع معقد

رأت جيروزاليم بوست أن الصعوبة التي تواجهها أنقرة تكمن في أنها دعمت المتمردين السوريين علنًا منذ عام 2012. وسعت إلى تحويل المتمردين كوكلاء في مواجهة قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من واشنطن، والجماعات الكردية الأخرى مثل وحدات حماية الشعب، التي تصفها بـ”الإرهابية”.

وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن الوضع معقد بالنسبة لهذه الدول الـ4، وتدعم روسيا الرئيس السوري، وتبيع أيضًا أنظمة دفاع جوي من طراز S-400 لتركيا. وموسكو أيضًا ضد حلف شمال الأطلسي (الناتو) في حين أنقرة عضو فيه. ومن ناحية أخرى، الولايات المتحدة حليف ظاهري لتركيا، لكن أنقرة تستخدم طائرات من دون طيار لشن ضربات على قادة قوات سوريا الديمقراطية.

وتعارض سوريا وإيران وتركيا وروسيا الوجود الأمريكي في شرق سوريا. إلى جانب ذلك، نفذت الجماعات الموالية لإيران ما يقرب من 80 هجومًا على المناطق التي تنتشر فيها الولايات المتحدة في سوريا على مدار العامين الماضيين. وتستخدم سوريا لتهديد إسرائيل.

الرئيس السوري بشار الأسد يصافح وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ،

الرئيس السوري بشار الأسد يصافح وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ،

مخاطر محتملة للتقارب السوري التركي

حسب الصحيفة العبرية، يخلق كل هذا المزيد من التعقيد. فبعض الدول تغازل سوريا اليوم، مثل السعودية ودول خليجية أخرى. لكن واشنطن لديها عقوبات على سوريا وروسيا وإيران، وإذا تصالحت سوريا وتركيا، فإن هذا سيضغط على قطر للتصالح أيضًا مع دمشق.

وبالنظر إلى حقيقة أن السعودية تصالحت مع إيران، فقد يكون هذا مثالًا آخر للمصالحة في المنطقة. لكن إذا نُظر إلى أنقرة على أنها تخلت عن السوريين في أماكن مثل إدلب، فقد يؤدي ذلك إلى رد فعل سلبي في تركيا وهجمات محتملة.

ورأت الصحيفة أن أي نوع من المحادثات بين تركيا وإيران وروسيا وسوريا سيكون له تداعيات على دور الولايات المتحدة في سوريا، وترسيخ لنفوذ إيران ودور سوريا في جامعة الدول العربية. كذلك إذا تمكنت روسيا من التوسط في هذه الصفقة، فسيقوى نفوذها بالمنطقة.

اقرأ أيضًا| وزراء دفاع سوريا وتركيا وروسيا وإيران يجتمعون في موسكو الثلاثاء

اقرأ أيضًا| مصادر: أمريكا تستعد لبيع معدات لتركيا لتحديث مقاتلات إف-16

ربما يعجبك أيضا