محلل سياسي لـ«رؤية»: مشروع نتنياهو لتهجير الفلسطينيين «وهم»

شروق صبري

في خضم تصاعد التوترات الإقليمية، تبرز الدبلوماسية السعودية كصوت عربي حاسم في مواجهة المخططات الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية.

فعلى وقع المجازر المتواصلة والقتل الممنهج، يتنامى الدور السعودي ليضع خطوطًا حمراء أمام مشاريع التهجير، ويرسم ملامح مشهد سياسي جديد، حيث لا مجال للمساومة على الحقوق ولا مكان للمناورات التي تحاول فرض واقع جديد على الأرض. ومن هذا المنطلق، جاء بيان وزارة الخارجية السعودية ليكون بمثابة صفعة دبلوماسية تعيد ترتيب الحسابات الإقليمية وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته.

سياسات التهجير والتصفية

يشير الباحث السياسي أحمد عطا، في تصريحات خاصة لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، إلى أن البيان السعودي يحمل رسائل جديدة للدبلوماسية العربية، تتجسد في رفضٍ قاطع لمخططات التهجير التي تستهدف الفلسطينيين، وتأكيدٍ على أن فلسطين أرض مغتصبة لا يملك الاحتلال أي حق في المطالبة بها. ويضيف عطا أن هذا البيان لم يكن مجرد موقف سياسي، بل خطوة استباقية تهدف إلى إجهاض أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية تحت أي ذريعة.

وفي ظل التصعيد الإسرائيلي الذي أسفر عن استشهاد أكثر من 48 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، بات المجتمع الدولي والأمم المتحدة في مواجهة أزمة حقيقية، حيث لم تعد الإدانات كافية أمام آلة القتل التي تواصل استهداف الأبرياء. وحسب عطا، هنا، يبرز الدور السعودي في تصعيد الضغط الدبلوماسي، لفرض التزامات واضحة على الأطراف الدولية الفاعلة.

إغلاق الأبواب أمام نتنياهو

يرى عطا أن البيان السعودي لم يقتصر على توجيه رسائل حازمة إلى العالم، بل جاء ليغلق الباب أمام طموحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بناء شراكة خليجية تعزز نفوذه الإقليمي. ويوضح أن الرياض أثبتت أنها اللاعب الأهم في المنطقة العربية، حيث تمتلك الأدوات التي تمكنها من حماية مصالحها والدفاع عن القضايا العربية الكبرى.

ومع استمرار المناورات السياسية التي يسعى نتنياهو لتوظيفها في تعزيز مشروعه حول “الشرق الأوسط الكبير”، تتجه السعودية إلى تبني نهج دبلوماسي صارم يقوم على فرض معادلات جديدة، تمنع تل أبيب من استخدام الظروف الإقليمية لتحقيق مكاسب سياسية غير مشروعة.

دبلوماسية تستند إلى القانون الدولي

في إطار المواجهة الدبلوماسية، بدأت المملكة بتحركاتها عبر التمسك بالقانون الإنساني الدولي، الذي يحظر استخدام القوة ويحد من آثار النزاعات المسلحة، وفقًا لما ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة. وهنا، يوضح عطا أن السعودية تضع إسرائيل أمام واقع قانوني معقد، حيث لا تملك تل أبيب أي حق في المناورة أو تبرير عمليات الإبادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من خمسة عشر شهرًا.

ويضيف الباحث السياسي أن الرياض تدرك جيدًا أهمية استخدام القانون الدولي كأداة ضغط فعالة، لقطع الطريق أمام أي محاولات إسرائيلية لتبرير سياساتها العدوانية تحت غطاء الدفاع عن النفس. وبذلك، تتحول الدبلوماسية السعودية إلى سد منيع أمام المخططات التي تهدف إلى تغيير الوقائع على الأرض.

إعمار غزة ضمن رؤية عربية متكاملة

أشار عطا إلى أنه بجانب المواقف السياسية الحازمة، تدفع السعودية بمبادرة لإعادة إعمار غزة وفق خطة مرحلية، تضمن استمرار تدفق المساعدات الإنسانية، مع التأكيد على عدم تهجير أي فلسطيني من أرضه. ويشير عطا إلى أن هذه المبادرة تأتي ضمن رؤية شاملة، تستند إلى حل سياسي قائم على مبدأ الدولتين، بضمانة دولية تشمل الولايات المتحدة وإسرائيل، على غرار اتفاقية كامب ديفيد.

وتعكس هذه الخطوة إدراك المملكة العميق لضرورة تقديم حلول عملية، تحول دون استغلال المعاناة الإنسانية في غزة كوسيلة لفرض أجندات سياسية، وهو ما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية دعم جهود الإعمار بعيدًا عن أي اعتبارات سياسية ضيقة.

الشرق الأوسط الكبير

يرى عطا أنه في ظل هذه التحولات، يبدو أن نتنياهو يسعى جاهدًا للحفاظ على مشروعه حول “الشرق الأوسط الكبير”، حيث يطمح إلى قيادة إسرائيل لهذا المشروع المزعوم. إلا أن السعودية تدرك أن هذه الرؤية لا تتجاوز حدود الخيال السياسي، حيث تفتقر إلى أي أسس واقعية.

وبهذا، تؤكد الرياض أن الدبلوماسية العربية لن تسمح بتمرير الأوهام السياسية الإسرائيلية على حساب الحقوق الفلسطينية، بل ستواصل تحركاتها لفرض توازنات جديدة، تحمي القضية الفلسطينية من محاولات التصفية، وتعيد رسم المشهد الإقليمي وفق رؤية عربية واضحة المعالم.

ربما يعجبك أيضا