مخطط التهجير.. إيرينا تسوكرمان تكشف لـ«رؤية» السيناريوهات

شروق صبري

في عالم مضطرب، حيث تلتقي التحولات السياسية الكبرى مع النزاعات الإقليمية، تبرز قضية تهجير سكان غزة كأحد الموضوعات الأكثر إثارة للجدل.

وفي وقت تسعى فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتحقيق حلول قد تبدو جذرية، تتصارع العديد من القوى الداخلية والإقليمية لتحديد مصير غزة وسكانها. وبينما يدعو البعض إلى إيجاد مخرج من خلال إعادة توطين سكان غزة في أماكن أخرى، يواجه هذا الاقتراح مقاومة شديدة من القوى الدولية والمحلية، ما يفتح الباب لسيناريوهات معقدة قد تكون لها تداعيات بعيدة المدى.

السيناريوهات البديلة

قالت عضوة الحزب الجمهوري الأمريكي، ومحامية الأمن القومي الأمريكي، إيرينا تسوكرمان، في تصريحات لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، إن الاتحاد الأوروبي والدول العربية الرئيسية عارضت بشدة أي تهجير قسري للفلسطينيين من غزة. رغم أن إدارة ترامب دفعت لتلك الاقتراحات علنًا، إلا أنها واجهت رد فعل سلبي واسع من الشارع العربي وقادته.

علاوة على ذلك، العديد من المسؤولين الأمريكيين الذين كانوا يدعمون ترامب لا يؤيدون هذه الفكرة. من المرجح أن زيارة نتنياهو كانت لمناقشة ردود الفعل الدولية ومعالجة السيناريوهات البديلة، مثل الحوافز الإيجابية للأسر في غزة التي ترغب في مغادرتها طواعية، وإزالة التطرف ونزع السلاح في غزة التي اقترحها نتنياهو وبعض القادة العرب بعد الحرب.

وقف تدفق اللاجئين

تعتقد محامية الأمن القومي الأمريكي خلال حديثها لرؤية أنه بالنسبة لنتنياهو، تعد هذه الشروط ضرورية لضمان الأمن الإقليمي وحكم غزة ما بعد الحرب.

وأشارت إلى أن مصر، ترى أن إزالة التطرف ونزع السلاح هو السبيل الوحيد لوقف تدفق اللاجئين. كما أن غالبية الدول لا ترغب في استضافة لاجئين من غزة، ما يعني أن معالجة قضية التهجير قبل حل القضايا الأخرى (بما في ذلك شروط إنهاء الحرب وإزالة حماس من السلطة) هو أمر سابق لأوانه.

التحديات اللوجستية والإنسانية

قالت تسوكرمان إن الأمم المتحدة تعتبر أن التهجير القسري انتهاكًا للقانون الدولي، ما يعزل إسرائيل دبلوماسيًا. ولفتت إلى أنه يعيش في غزة أكثر من 2.2 مليون شخص، وقد تم تهجير العديد منهم داخليًا بسبب العمليات العسكرية المستمرة. وأن إيجاد مواقع بديلة، حتى داخل غزة، أصبح أزمة قائمة. وقد رفضت الدول المجاورة مثل مصر بشكل قاطع مسألة التهجير.

وتعتقد أن محاولة تهجير سكان غزة قد يؤدي إلى تصعيد النزاع الإقليمي، ما يزيد من التوترات مع حزب الله وإيران، وحتى مع الدول العربية الأخرى مثل الأردن والسعودية. كما قد تقوي رواية حماس، ما يؤدي إلى زيادة المقاومة وإطالة أمد العداء بدلًا من حله.

العوامل السياسية الداخلية في إسرائيل

ترى محامية الأمن القومي الأمريكي أنه بينما يدعم بعض أعضاء ائتلاف نتنياهو هذه الفكرة، فإن الأصوات المعتدلة داخل المجتمع الأمني والاستخباراتي الإسرائيلي حذرت من ذلك، مؤكدين أن ذلك قد يؤدي إلى عواقب عكسية دبلوماسيًا وعسكريًا.

ولفتت إلى أنه يتعين على نتنياهو تحقيق التوازن بين مطالب حلفائه اليمينيين الضرورية، مع الحفاظ على الدعم الدولي، لا سيما من الولايات المتحدة.

التزام إدارة ترامب بدعم أمن إسرائيل

أشارت محامية الأمن القومي الأمريكي إلى أن إدارة ترامب أظهرت التزامًا قويًا بدعم احتياجات إسرائيل الأمنية، حيث تقدمت مؤخرًا إلى الكونجرس للحصول على تفويض لبيع أسلحة جديدة لإسرائيل بقيمة مليار دولار، تشمل 4,700 قنبلة تزن 1,000 رطل وجرافات مدرعة. هذه الخطوة تؤكد استعداد الإدارة لتعزيز القدرات العسكرية لإسرائيل.

ومع ذلك، تتعامل الإدارة مع ديناميكيات إقليمية معقدة. وبينما تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، فإنها تدرك المخاطر المحتملة المرتبطة بتصعيد العمليات العسكرية ضد إيران. من المحتمل أن توازن الإدارة بين فوائد دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران والمخاطر التي قد تؤدي إلى نزاع إقليمي أوسع وتأثير ذلك على مصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية.

لفتت محامية الأمن القومي الأمريكي إلى أن إدارة ترامب تركز حاليًا على القضايا الداخلية، وهي غير مهتمة بالمشاركة في مشاكل عسكرية خارجية، خصوصًا أن ترامب أكد مرارًا خلال حملته وبعد توليه المنصب، سواء بشكل مباشر أو عبر مسؤوليه، اهتمامه بوقف المشاركة الأمريكية في الصراعات العسكرية الأجنبية.

إمكانية توجيه ضربات عسكرية

أوضحت  إيرينا تسوكرمان أن ترامب كان قد نظر في السماح بضربات إسرائيلية ضد البنية التحتية الإيرانية للطاقة والضربات النووية، ولكن من المرجح أن تكون تصريحاته مجرد فتح لفرص التفاوض مع إيران للضغط عليها لوقف عدوانها الإقليمي.

في ظل تقديم الحوثيين تعهدًا بوقف الهجمات على صناعة الشحن الأجنبية، واحتفاظ إسرائيل بوقف إطلاق النار في غزة، وعرض إيران تجميد برنامجها النووي، إلا أن ترامب يميل إلى تأجيل الفكرة في الوقت الحالي، ويدعو إسرائيل إلى الانتظار حتى حدوث استفزاز واضح من إيران.

السياسة الخارجية الأمريكية

قالت عضوة الحزب الجمهوري إن ترامب يسعى إلى محاولة التفاوض على اتفاق دبلوماسي أولًا، ويراعي مزيجًا من الدبلوماسية والعقوبات قبل اللجوء إلى الخيارات العسكرية حتى من خلال الوكلاء، نظرًا لصورته كـ”صانع سلام”، واهتمامه بالحصول على جائزة نوبل للسلام، مما يجعله مترددًا في الانخراط في أي عمليات عسكرية إلا في حالات العمليات التكتيكية لمكافحة الإرهاب ضد الجماعات الجهادية أو الكارتلات.

لذلك، فإن احتمالات التصعيد العسكري مع إيران تظل غير مرجحة في الوقت الراهن، ما لم تواصل إيران تحدي مطالب ترامب، مما قد يرفع هذا النقاش من الإطار النظري إلى الواقع المستقبلي.

ربما يعجبك أيضا