مرصد مراكز الأبحاث| أوروبا وإفريقيا.. شراكة مهمة بعصر ترامب

إسراء عبدالمطلب

يستعرض مرصد مراكز الأبحاث لهذا الأسبوع، أبعاد وتداعيات التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واتجاهات الذكاء الاصطناعي بعد المفاجأة التي حققتها شركة ديب سيك الصينية، واستراتيجيات تقليل إنفاق البنتاجون.

ويتناول المرصد أيضًا؛ مخاطر مساعي ترامب تجاه قناة بنما، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الانتشار الأمريكي في القارة الأوروبية، وأخيرًا حتمية تعزيز التعاون بين إفريقيا وأوروبا في عالم يموج بالتغيّرات.

WhatsApp Image 2025 02 04 at 3.20.19 PM

رسوم ترامب الجمركية.. كندا والمكسيك الأكثر تضررًا

فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية بنسبة 25% على كندا والمكسيك، و10% على الصين، القرار الذي يشمل استثناءً للطاقة الكندية بنسبة 10%، يهدد بتداعيات اقتصادية وجيوسياسية واسعة، ورغم أن الصين تُعد المنافس الاقتصادي الأكبر للولايات المتحدة، فإن رسومها أقل من كندا والمكسيك، ما يثير تساؤلات بشأن دوافع ترامب.

التضخم هو أحد الأسباب؛ فترامب يعرف أن تحركاته بشأن كندا والمكسيك لن تكون كبيرة التأثير على المستهلك الأمريكي، والذي قد لا يتحمل سوى قدر محدود من ضغوط الأسعار، حسب تقرير لمؤسسة “أتلانتك كونسل”.

كما أن المكسيك وكندا تعتمدان على الولايات المتحدة أكثر من اعتماد الأخيرة عليهما، أما الصين فهي قصة مختلفة؛ ذلك أن اقتصاد الصين أقل اعتمادًا على التجارة من اقتصاد كندا والمكسيك، ولا يذهب سوى 15% من صادراتها إلى الولايات المتحدة، مقارنة بنحو 80% من صادرات جيران واشنطن.

WhatsApp Image 2025 02 04 at 3.20.19 PM 1

ديب سيك.. نحو تفوّق صيني في الذكاء الاصطناعي

أحدثت شركة ديب سيك الصينية الناشئة صدمة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي بعد إطلاقها نماذج متطورة بتكلفة منخفضة، ما أثار مخاوف في الأسواق الأمريكية، أبرز هذه النماذج R1، الذي حقق أداءً مماثلًا لنموذج أوبن إيه آي o1 الصادر  في سبتمبر 2023، لكن بكفاءة أعلى وموارد أقل.

دربت ديب سيك نموذجها بأقل من 6 ملايين دولار مستخدمة 2000 شريحة فقط، مقارنةً بمليارات الدولارات و16 ألف شريحة اعتمدتها ميتا لنماذجها، وفق تقرير لمؤسسة “كارنيجي” للسلام الدولي.

يعود هذا التفوق، جزئيًا، إلى قيود التصدير الأمريكية على الرقائق، ما دفع الشركات الصينية للابتكار في استغلال مواردها المحدودة، وأدى نجاح ديب سيك إلى اضطرابات في أسواق الأسهم الأمريكية، خاصة مع التشكيك في مستقبل إنفيديا وغيرها من شركات الرقائق.

رغم هذا النجاح، أقر مسؤولون في الشركة بأن الوصول إلى قوة حوسبة أكبر لا يزال عائقًا، ومع ذلك، يشير هذا التطور إلى قدرة الصين على المنافسة بل والتفوق أحيانًا، ما قد يدفع الولايات المتحدة إلى إعادة تقييم نهجها في هذا المجال الحيوي.

WhatsApp Image 2025 02 04 at 3.20.20 PM

موارد مهدرة.. استراتيجيات لتقليص إنفاق البنتاجون

طرح تقرير لمركز راند، مجموعة من الاستراتيجيات لتقليص إنفاق وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)؛ والذي يشير إلى أن الولايات المتحدة يمكنها توفير عشرات المليارات من الدولارات من خلال التخلص من البرامج العسكرية غير الفعالة.

أحد أبرز الاقتراحات هو إلغاء الأنظمة التسليحية غير الفعالة مثل برنامج المقاتلة F-35، الذي يعاني من تكاليف مرتفعة للغاية ومشاكل في الأداء، ويمكن أن يوفر التوقف عن الاستثمار في هذا البرنامج أكثر من 12 مليار دولار سنويًا، كما يُوصى التقرير بإعادة النظر في تطوير الطائرات المقاتلة من الجيل السادس التي ستكون أكثر تكلفة بكثير من الطائرات الحالية.

فيما يخص البرامج النووية، يوصي التقرير بإلغاء صواريخ “سينتينل” وبرامج مشابهة، كونها مكلفة وغير ضرورية في الوقت الحالي، علاوةً على تقليص عدد حاملات الطائرات، التي تُعتبر مكلفة ومعرضة للتهديدات الحديثة، بما قد يوفر نحو 2.3 مليار دولار سنويًا، ويقترح التقرير مزيدًا من الرقابة المالية على الشركات المتعاقدة مع البنتاجون لضمان تسعير دقيق ومنع التكاليف الزائدة.

وينصح بتقليص البيروقراطية داخل البنتاجون من خلال تقليل عدد الموظفين والمتعاقدين الخاصين، وإعادة تقييم أدوار القواعد العسكرية في الخارج للتأكد من أهميتها، ويمكن لكل تلك الجوانب مجتمعة أن توفر سنويًّا أكثر من 60 مليار دولار سنويًا دون الإخلال بالجوانب الأمنية والدفاعية.

WhatsApp Image 2025 02 04 at 3.20.20 PM 1

ترامب وبنما.. من يسيطر على القناة؟

عبّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عدة مرات عن رغبته في استعادة السيطرة الأمريكية على قناة بنما؛ هذه التصريحات جاءت في وقت مقارب لحديثه عن شراء جرينلاند، وهو ما يثير الجدل ويهدد بزعزعة أسس النظام الدولي، نظرًا لمخالفة هذه الرغبة لمبدأ السيادة الدولية الذي التزمت به السياسة الأمريكية لعقود.

وتعد قناة بنما مركزًا رئيسًا في التجارة العالمية، حيث تعبر من خلالها أكثر من 13 ألف سفينة سنويًا، ما يعادل 5-6% من التجارة العالمية،كما أن 40% من حركة الحاويات الأمريكية تمر عبرها، بينما تشكل إيرادات القناة حوالي 4% من الناتج المحلي لبنما، وفق تقرير لمجلس العلاقات الخارجية.

ترامب انتقد رسوم بنما المرتفعة على السفن الأمريكية، واعتبر أن تنازل الرئيس الأسبق جيمي كارتر عن القناة في معاهدة 1977 كان خطئًا، وادعى أيضًا أن الصين تدير القناة سرًا، مهددًا باستخدام القوة العسكرية لاستعادتها، ويعود تاريخ العلاقة بين الولايات المتحدة والقناة إلى 1903، وساعدت الولايات المتحدة، آنذاك، بنما في الانفصال عن كولومبيا.

وظلت أمريكا تسيطر على القناة حتى معاهدة 1977، التي أسست لإدارة مشتركة بين البلدين حتى 1999، حين انتقلت السيطرة إلى بنما؛ ويعتبر بعض السياسيين الأمريكيين، مثل رونالد ريجان، أن أمريكا هي “المالك الشرعي” للقناة، وهو نهج يبدو أن ترامب تبناه أيضًا، في المقابل تصر بنما على موقفها وتنفي مزاعم انخراط الصين في إدارة القناة.

WhatsApp Image 2025 02 04 at 3.20.20 PM 2

استراتيجية أمريكا العسكرية بأوروبا.. هل حان وقت التغيير؟

غيّرت الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في فبراير 2022  الكثير من الثوابت الجيوسياسية، ما يُحتم على الولايات المتحدة إعادة تقييم استراتيجياتها العسكرية في أوروبا، وفق تقرير صادر عن مركز  الدراسات الاستراتيجية والدولية.

التقرير أوصى بتقليص الألوية القتالية الأمريكية، مع التركيز على الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مشددًا على ضرورة تعزيز الحضور العسكري الأمريكي في بولندا بنقل لواء مدرع قتالي إلى تمركز دائم، ما سيكون أكثر فعالية وأقل تكلفة.

كما يرى التقرير ضرورة تحمل الدول الأوروبية مسؤولية أكبر في تطوير قدراتها العسكرية، خصوصًا في الدفاع الجوي والنقل والإمداد.

ويحذر التقرير من أن هناك تحديات تشمل تعزيز روسيا لقدراتها العسكرية ودعم دول مثل الصين وإيران، بالإضافة إلى احتمال انشغال الولايات المتحدة بنزاع في منطقة أخرى قد يؤثر على توازن القوى في أوروبا، ما يُحتم الحفاظ على الوجود الأمريكي في القارة، مع تعزيز قدرات أوروبا الدفاعية.

WhatsApp Image 2025 02 04 at 3.20.21 PM

أوروبا وإفريقيا.. شراكة ضرورية في «عصر ترامب»

في مواجهة نزعة الانعزالية الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تجد أوروبا نفسها مضطرة لإعادة تقييم علاقتها مع إفريقيا، التي تمثل شريكًا استراتيجيًا بفضل مواردها وأسواقها، وفقًا لتقرير لمعهد دراسات الأمن الإفريقي.

لكن ضعف التجارة، ونقص الكفاءات، وتأخر إفريقيا تكنولوجيًا يعوق هذه الشراكة، ورغم أهمية الموارد الإفريقية لأوروبا، لا تزال العلاقات التجارية دون إمكاناتها بسبب إرث الماضي الاستعماري والجمود السياسي، ومع ذلك، يمكن لأوروبا تقديم نفسها كشريك موثوق وكبديل للقوى الدولية، مثل الصين والولايات المتحدة، عبر تحسين شروط التجارة، ودعم البنية التحتية.

وتشكل الهجرة تحديًا رئيسًا، فبينما تحتاج أوروبا للعمالة الإفريقية، تعرقل السياسات المناهضة للهجرة تدفق الكفاءات، وفي المقابل، تعاني إفريقيا من هجرة العقول، ما يستدعي سياسات هجرة متوازنة تخدم الطرفين.

وعلى صعيد التكنولوجيا، تمتلك إفريقيا إمكانات كبيرة لكنها تفتقر للبنية التحتية، ويمكن أن يساعد دعم أوروبا للرقمنة في إفريقيا في دمج القارة في الاقتصاد العالمي بشروط عادلة، وإجمالًا يرى التقرير أن إعادة بناء العلاقة تتطلب تغيير النهج الأوروبي بعيدًا عن الخطاب “الاستعلائي”؛ فإفريقيا تطالب بشراكة حقيقية وليست مساعدات؛ حيث يمكن أن يجمع القارتين مستقبل مزدهر، والتعاون هو السبيل لضمان مصالحهما المشتركة.

ربما يعجبك أيضا