يستعرض مرصد مراكز الأبحاث مستقبل نفوذ السعودية في سوريا في ظل إدارتها الجديدة، وتأثير سياسات ترامب على القارة الإفريقية، وتداعيات انخراط روسيا وأمريكا في مفاوضات بشأن أوكرانيا بمعزل عن أوروبا.
وفي المرصد أيضًا، نستعرض مستقبل المحادثات بين إيران والولايات المتحدة، وتراجع شعبية إسرائيل لدى الجمهور الأمريكي، وأخيرًا أبعاد ومساعي إنشاء تحالف أوروبي “لطمأنة أوكرانيا”.
السعودية في سوريا.. استراتيجية وقائية لحماية الأمن القومي
خَلُص تحليل لمؤسسة كارنيغي للشرق الأوسط، أن السعودية تنتهج سياسة متعددة المسارات في سوريا، وتسعى من خلالها لتحصين أمنها القومي والتأثير في توازنات القوة الإقليمية ما بعد حقبة الأسد.
ويشير التحليل إلى أن السعودية ترى في سوريا ساحة مركزية لصراع النفوذ، سواء مع إيران، تركيا، أو حتى إسرائيل، وفي الشمال، تتقاطع مصالحها مع أنقرة، لكن يبقى التنافس قويًا حول مستقبل مناطق النفوذ، بينما تتابع المملكة بقلق تنامي الوجود الإسرائيلي في الجنوب والتغلغل داخل الطائفة الدرزية.
أما إيران، فتبقى الخصم الأبرز، مع استمرارها في دعم الميليشيات، وتوسيع شبكات تهريب الكبتاغون، ما تعتبره الرياض تهديدًا مباشرًا لأمن الخليج، ويخلص التحليل إلى أن نجاح المملكة مرهون بقدرة سوريا على تحقيق استقرار سياسي فعلي، دون ذلك، تبقى احتمالات الانزلاق نحو الفوضى قائمة، ما يهدد المنطقة برمتها.
ترامب يعيد تشكيل العلاقة التجارية مع إفريقيا.. القارة تترقب
وجّه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضربة قوية إلى الدول الإفريقية المستفيدة من برنامج النمو والفرص في إفريقيا (AGOA) بفرض رسوم جمركية مرتفعة على صادراتها.
الخطوة التي وصفها معهد الدراسات الأمنية الإفريقي بأنها تهديد مباشر لمستقبل الشراكة الاقتصادية بين واشنطن والقارة، قد تطيح بأحد أعمدة التعاون التجاري الأمريكي الإفريقي الذي امتد لأكثر من عقدين.
القانون الذي أُقر عام 2000 منح امتيازات تجارية لدول إفريقية تسمح بدخول سلعها إلى السوق الأمريكية دون رسوم جمركية، ما حفز صادرات النسيج والمنتجات الزراعية وأتاح فرص عمل لآلاف الأسر، لكن الإجراءات الجديدة، رغم تعليقها مؤقتًا لمدة 90 يومًا، أدت إلى زعزعة الثقة في استمرارية البرنامج، خصوصًا مع اقتراب موعد التجديد.
الدول المتضررة تواجه احتمالية فقدان أسواقها في أمريكا، ما قد يؤدي إلى إغلاق مصانع وتسريح عمال؛ وبحسب تقرير معهد الدراسات الأمنية، فإن مبررات “تحقيق التوازن التجاري” التي استندت إليها واشنطن لا تعكس واقع الرسوم الجمركية المنخفضة التي تطبقها الدول الإفريقية على المنتجات الأمريكية.
أوروبا في الظل.. مفاوضات أمريكية روسية تهدد استقلال أوكرانيا
وسط محادثات تجري خلف الأبواب المغلقة بين واشنطن وموسكو، حذر المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية من تهميش أوروبا في صياغة مستقبل الحرب في أوكرانيا، وهو تهميش قد يؤدي إلى تسوية تخدم المصالح الروسية على حساب السيادة الأوكرانية.
ويشير تقرير المجلس الأوروبي إلى أن استبعاد الاتحاد من طاولة المفاوضات لا يعكس ضعفه بل تردده، رغم امتلاكه أدوات ضغط فعالة مثل العقوبات الاقتصادية، والمساعدات العسكرية، ومسار انضمام أوكرانيا للاتحاد.
ويرى التقرير أن المعضلة الحقيقية تكمن في غياب موقف أوروبي موحد، ما يعزز احتمالات فرض اتفاق هش يبقي أوكرانيا تحت التهديد الروسي.
ويقترح المجلس تحركًا أكثر جرأة من الأوروبيين عبر تثبيت التزامات أمنية طويلة الأمد، والمساهمة الفعالة في إعادة إعمار أوكرانيا، وربطها بشكل لا رجعة فيه بالمشروع الأوروبي، محذرًا من أن انتظار التغيرات في واشنطن أو موسكو قد يكون مقامرة خطيرة، وأوروبا إن لم تتدخل بقوة الآن، قد تجد نفسها مضطرة لاحقًا للتعامل مع أوكرانيا مقسّمة وخاضعة لنفوذ موسكو.
النووي الإيراني.. مسارات التصعيد وخيارات الردع
يناقش مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، مستقبل المفاوضات النووية مع إيران في ظل التصعيد الإقليمي المتسارع، وسط مفاوضات بين طهران وواشنطن تحمل في طيّاتها احتمالات مفتوحة على كل السيناريوهات.
ووفق التقرير، فإن إيران لم تكن يومًا أقرب إلى امتلاك سلاح نووي كما هي اليوم، مع تخزينها لكميات كبيرة من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وفي المقابل تبدو معزولة سياسيًّا لكنها مرتبطة اقتصاديًا بروسيا والصين، ما قلل من تأثير العقوبات الغربية.
ورغم الضربات العسكرية التي تلقتها من إسرائيل، حافظت إيران على أدوات ردع قوية تشمل الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، مع استمرارها في دعم شبكاتها الإقليمية رغم التراجع في بعض الجبهات.
التقرير يسلط الضوء على تراجع النفوذ الإيراني في سوريا ولبنان، لكنه يحذر من أن أي تحرك عسكري قد يشعل المنطقة، كما يشير إلى أن إسرائيل تراقب الموقف عن كثب، وقد تلجأ إلى شن ضربات استباقية إذا شعرت بأن واشنطن على وشك تقديم تنازلات في الاتفاق الجديد.
شعبية إسرائيل في الولايات المتحدة تتراجع.. تحوّل الرأي العام
كشف استطلاع أجراه مركز “بيو” عن تحول دراماتيكي في نظرة الرأي العام الأمريكي تجاه إسرائيل، في ظل استمرار الحرب في غزة وتراجع ثقة الناخبين في رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وبحسب بيو، فإن 53% من الأمريكيين باتوا ينظرون لإسرائيل بشكل سلبي، مقارنة بـ42% في 2022، فيما تضاعفت نسبة من وصفوا موقفهم بـ”السلبي جدًا”، ولم يقتصر هذا التراجع على فئة عمرية أو انتماء سياسي معين، بل شمل الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء.
وأشار الاستطلاع أيضًا إلى تراجع الاهتمام الأمريكي بالحرب بين إسرائيل وحماس، وانخفاض من يرونها “مرتبطة بالمصالح القومية الأمريكية”، كما بيّن أن الثقة في نتنياهو تدنت إلى 32% فقط.
ويرى محللون في بيو أن هذه النتائج لا تعكس فقط موقفًا من الحرب، بل تحوّلًا أوسع في القيم والتوجهات داخل المجتمع الأمريكي، خاصة بين الشباب والليبراليين، ما قد ينعكس مستقبلًا على شكل الدعم السياسي والعسكري لإسرائيل.
تحالف أوروبي لـ “طمأنة أوكرانيا”.. هل يكون فعالاً؟
في تقرير حديث للمعهد الدولي للأبحاث الاستراتيجية، أكد الباحثون أن الاتحاد الأوروبي بدأ في بلورة تحالف غير رسمي يهدف إلى طمأنة أوكرانيا، وسط مخاوف من استبعادها من أي تسوية مستقبلية بين واشنطن وموسكو.
التحالف الذي يضم دولًا مثل بولندا وألمانيا وفرنسا ودول البلطيق، يسعى لتوفير شبكة دعم دبلوماسية وأمنية واقتصادية لأوكرانيا، تُبقيها قريبة من المشروع الأوروبي حتى في غياب حلول نهائية للنزاع.
ويشير التقرير إلى أن هذا التحرك جاء بعد إدراك الأوروبيين أنهم لا يستطيعون البقاء على الهامش، وضمان مستقبل أوكرانيا كدولة ذات سيادة ومستقرة يصب في صميم الأمن الأوروبي.
ويرى التقرير أن هذه الجهود ليست فقط لحماية أوكرانيا، بل لحماية التوازن الجيوسياسي في القارة، في ظل محاولة روسيا إعادة رسم خريطة النفوذ الإقليمي عبر أدوات القوة والتفاوض.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2194885