مرصد مراكز الأبحاث| حكومة لبنان الجديدة ومعضلة نفوذ حزب الله

يستعرض “مرصد مراكز الأبحاث” لهذا الأسبوع، أبرز التطورات على الساحة الإقليمية والدولية، بما في ذلك تشكيل حكومة لبنان والدور المستقبلي لحزب الله ونفوذه، والمحادثات الأمريكية الروسية في السعودية، ومخاطر ارتفاع الدين الفيدرالي الأمريكي.

ويتناول المرصد أيضًا قراءة في تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على واردات الصلب والألمنيوم، واستعراض دور الصين بالقطب الشمالي، وتحليل شكل العلاقات الهندية الأمريكية وأبعاد التوتر بينهما في مجال التجارة.

حكومة لبنان الجديدة ومعضلة نفوذ حزب الله

تعكس تشكيلة الحكومة اللبنانية الجديدة محاولة للحد من نفوذ حزب الله، لكنها لا تمثل تراجعًا حقيقيًا لقوته، ورغم استبعاده ظاهريًا، إلا أن الحزب احتفظ بوزارة المالية، ما يمنحه قدرة على التأثير في القرارات الكبرى، خاصة مع الحاجة لتوقيع وزير المالية على جميع المراسيم الحكومية، وفق ما ذكر تقرير لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.

وجاء تشكيل الحكومة سريعًا بعد الضغوط الأمريكية، خاصة خلال زيارة نائبة المبعوث الأمريكي، مورجان أورجاغوس، التي شددت على ضرورة استبعاد الحزب من الحكومة، ورغم ذلك لم يقتصر الحزب على وزارة المالية، بل حصل رفقة حركة أمل على 4 مقاعد وزارية.

وأمام الحكومة تحديات كبيرة، تشمل تنفيذ وقف إطلاق النار، ونزع سلاح الحزب في الجنوب، وضمان نزاهة الانتخابات المقبلة، وعلاوة على ذلك، هناك معركة مرتقبة بشأن التعيينات المفصلية في الأمن والاقتصاد، وهي ملفات حاسمة في تحديد العلاقة بين الدولة والحزب.

في غضون ذلك، تواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها الضغط لضمان عدم استخدام وزارة المالية لدعم الحزب، إضافة إلى مراقبة المساعدات الدولية، والحد من نفوذ الحزب ورغم أن تشكيل الحكومة يوحي بتراجع نفوذه، فإن سيطرته على مفاصل الدولة لا تزال قائمة، ما يجعل نجاح الحكومة مرهونًا بقدرتها على فرض سياسات مستقلة ومنع الحزب من عرقلة الإصلاحات.

محادثات روسيا وأمريكا بشأن أوكرانيا.. عقبات في طريق السلام

تجري الولايات المتحدة وروسيا محادثات في السعودية بشأن الصراع في أوكرانيا، وسط تباين الموقف الأمريكي بين استمرار دعم كييف عسكريًا والتلميح بإمكانية تقديم تنازلات لروسيا.

وفق تقرير لـ”أتلانتك كونسل”، فإن المقترح المطروح يتضمن تخلي أوكرانيا عن بعض الأراضي التي سيطرت عليها روسيا منذ 2014، وحظر انضمامها للناتو لمدة 20 عامًا، مقابل تعزيز تسليحها وإنشاء منطقة منزوعة السلاح بإشراف أوروبي.

ويشير التقرير إلى أن استبعاد أوروبا من المفاوضات أثار قلق قادتها، الذين رفضوا تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا دون مشاركة أمريكية، في حين يُصر زيلينسكي على حدوث تحرك أوروبي بالمستقبل بغض النظر عن الموقف الأمريكي؛ ومع استمرار التباين في المواقف، يبقى نجاح أي اتفاق مرهونًا بقبول جميع الأطراف، بما في ذلك أوروبا، لضمان استقرار مُستدام.

ارتفاع الدين الفيدرالي الأمريكي.. هل يتسبب في أزمة مالية؟

في وقت يتزايد فيه القلق بشأن تأثيرات ارتفاع الدين الفيدرالي الأمريكي، حذر تقرير لمعهد “بروكينجز” من المخاطر التي قد تنجم عن تراكم الدين على المدى الطويل، وفي حين قد يؤدي إلى تقليص رأس المال القومي وتقليل الثروة للأجيال المقبلة، إلا أنه لا يوجد أزمة مالية وشيكة.

ومع ذلك، يؤثر الدين الفيدرالي على الاقتصاد، إذ أن الزيادة المستمرة في الديون ستؤدي إلى تقليص النمو الاقتصادي ورفع تكاليف التمويل، وهو ما يؤثر بشكل أساسي على الاستقرار المالي في المستقبل.

وحذر التقرير من أن هناك سيناريوهات قد تؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في أسعار الفائدة، مثل حدوث تغييرات في الطلب على السندات الأمريكية أو فقدان الثقة في قدرة الحكومة على سداد ديونها نتيجة للسياسات المبالغ فيها.

وأكد التقرير أن دور الحكومة والبنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حاسمًا في تفادي هذه الأزمات، حيث أن اتخاذ إجراءات حاسمة يمكن أن يمنع تفاقم الوضع ويسهم في استقرار الاقتصاد الأمريكي.

رسوم ترامب على الصلب والألمنيوم.. ليست حلًا

في 10 فبراير الجاري، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن خطط لفرض رسوم بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم، وهي خطوة مشابهة للسياسات التي تم تنفيذها في 2018.

ورغم أن هذه الرسوم تهدف إلى مواجهة إفراط الصين في إنتاج المعادن، إلا أنها لن تحل المشكلة الأساسية، كما أنها ستفرض تكاليف على المستهلكين الأمريكيين والمنتجين، وستضر بالعلاقات مع الحلفاء، وفق تقرير لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

وتنتج الصين أكثر من نصف الصلب في العالم، لكن وارداتها إلى الولايات المتحدة ضئيلة؛ لذا فإن فرض الرسوم على جميع الواردات لن يحل المشكلة، بل سيزيد التوترات مع الشركاء التجاريين، كما ستؤدي الرسوم إلى زيادة الأسعار في الصناعات الأمريكية المعتمدة على الصلب والألمنيوم.

ختامًا، يرى التقرير أن الحل الحقيقي يكمن في التعاون مع الحلفاء لمكافحة سياسات الصين الصناعية بشكل مشترك عن طريق مبادرات مثل “الاتفاق العالمي للصلب والألمنيوم المستدام”، وأن على أمريكا الشروع في حوار مع حلفائها في هذا الصدد للتوصل لحل جماعي قبل حلول 12 مارس، وهو موعد سريان الرسوم.

نشاط الصين في القطب الشمالي.. تهديد متزايد للغرب

بعد مرور 7 سنوات على إطلاق الصين سياستها الخاصة بالقطب الشمالي في 2018، تبين أن تأثيرات هذه السياسة مختلطة؛ وسعت الصين لتأمين دورها بالمنطقة التي تشهد تغييرات مناخية كبيرة.

وركزت بكين في سياستها على ما يسمى “طريق الحرير القطبي”، الذي يربط القطب الشمالي بمبادرة الحزام والطريق، بحسب تقرير لمركز “راند” الأمريكي.

في هذا الإطار، حققت الصين تقدمًا في علاقاتها مع روسيا، خاصة في استخدام طريق البحر الشمالي لنقل الغاز الطبيعي، كما تعاونت عسكريًا مع روسيا في تسيير دوريات بحرية.

ورغم هذه النجاحات، فإن أنشطة الصين في القطب الشمالي ما زالت محدودة في نطاقها، حيث واجهت عقبات اقتصادية ودبلوماسية في بعض المشاريع، ومع ذلك يرى التقرير أنها قد تمثل تهديدات أمنية، خصوصًا في مجالات الاتصالات والبنية التحتية.

أمريكا والهند.. توترات تجارية رغم الشراكة الاستراتيجية

تشكل الهند جزءًا أساسيًا من استراتيجية الولايات المتحدة لمواجهة التهديدات التي تمثلها الصين على النظام الدولي بقيادة واشنطن، ورغم أن العلاقات الدفاعية بين البلدين شهدت تطورًا ملحوظًا، إلا أن العلاقة التجارية بينهما لا زالت تشهد توترات كبيرة.

الولايات المتحدة تنتقد السياسات الحمائية الهندية، بينما ترى الهند أن أمريكا لا تقدر وضعها كدولة نامية؛ وتتبنى نيودلهي سياسات صناعية لدعم تصنيعها المحلي، وهي سياسات غالبًا ما تثير نزاعات تجارية مع الدول الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، وفق تقرير لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية.

هذه السياسات تتعارض أحيانًا مع قواعد منظمة التجارة العالمية، كما أن الهند تسعى إلى تقديم نفسها كزعيم لدول الجنوب العالمي. وفي سياق التجارة الرقمية، تتناقض مواقف الهند مع المعايير العالمية للانفتاح، حيث تتبنى سياسات تحد من تدفق البيانات الدولية.

وإجمالًا يخلص التقرير إلى أنه ورغم تطور التعاون بين الهند والولايات المتحدة في مجالات الدفاع والعلاقات الاستراتيجية، يبقى التعاون التجاري بينهما بحاجة إلى المزيد من التفاهمات والمرونة على مستوى السياسات التجارية والاقتصادية.