مرصد مراكز الأبحاث| سياسات ترامب.. هل تدفع الصين نحو الهيمنة العالمية؟

محمد النحاس
مرصد مراكز الأبحاث

يستعرض مرصد مراكز الأبحاث لهذا الأسبوع أبرز التقارير والتحليلات الدولية، بدايةً من احتمالية توجه إيران لمراجعة استراتيجيتها الأمنية في ظل التصعيد الذي تشهده المنطقة، وتداعيات سياسة “أمريكا أولًا” التي يتبناها الرئيس المنتخب دونالد ترامب على توسيع نفوذ الصين العالمي، والشكوك حول نزاهة الانتخابات الجورجية والدور الروسي المحتمل.

وفي المرصد أيضًا، اتجاه إدارة ترامب لدعم تنافسية الذكاء الاصطناعي في أمريكا عبر تخفيف التشريعات المحلية وتشديد القيود على الصادرات للصين، وتأثير فريق ترامب للأمن القومي على سياسة أمريكا الخارجية وسط شكوك حول كفاءة المسؤولين الجدد، والتحديات التي تواجه أوروبا لبناء استقلال أمني وعسكري ضد التهديدات المشتركة.

هل تتجه إيران نحو «مفهوم أمني جديد»؟

إيران

أفاد معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في تقرير له بأن التصعيد بين إيران وإسرائيل، قد يدفع طهران لمراجعة مفهومها الأمني.

نجاحات إسرائيل العسكرية ضد حزب الله والمحور الإيراني ككل، إلى جانب التحديات الداخلية، تُلزم طهران بتوازن جديد بين تعزيز الردع وحل الأزمات الداخلية، ويشير التقرير إلى انقسام داخل القيادة الإيرانية، حيث يدعو التيار البراجماتي والإصلاحي، بقيادة الرئيس مسعود بزشكيان، إلى التركيز على الاقتصاد وتخفيف التوترات مع الغرب والجيران.

هذا التوجه، يسعى لإيجاد حل للقضية النووية عبر التفاوض مع الغرب لتخفيف العقوبات كما يحذر من الوقوع في “فخ” التصعيد مع إسرائيل، الذي قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية واسعة لا تصب في مصلحة إيران.

وفي المقابل وفي أوساط التيار الأكثر تشددًا، تتزايد الدعوات لتعزيز الردع النووي وتقليص المدة اللازمة للوصول إلى العتبة النووية، وسط تحذيرات من قادة الحرس الثوري بأن أي هجوم إسرائيلي قد يدفع طهران لإعادة النظر في استراتيجيتها النووية.

سياسات ترامب.. هل تدفع الصين نحو الهيمنة العالمية؟

الصين وأمريكا

يشير معهد تشاتام هاوس البريطاني إلى أن سياسة “أمريكا أولًا” التي يتبناها الرئيس الأمريكي المُنتخب دونالد ترامب قد تفتح المجال أمام الصين لتوسيع نفوذها العالمي، وتسعى الصين، بقيادة الرئيس شي جين بينج، إلى تشكيل نظام دولي جديد قائم على المصالح المشتركة للأطرف الدولية، بدلًا من التحالفات التقليدية و”القيم العالمية”.

وطرحت بكين في هذا السياق مبادرات كبرى مثل مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، التي تهدف جميعها إلى إعادة صياغة قواعد النظام الدولي.

ويؤكد المعهد البريطاني أن هيمنة الصين، خاصة في مجالات التكنولوجيا الخضراء والذكاء الاصطناعي، تمنحها اليد العليا في تحديد معايير عالمية جديدة، خاصة عند التعامل مع الدول النامية.

ومع عودة ترامب سيتراجع التزام الولايات المتحدة بالقضايا المناخية والتعاون الدولي، وفي المقابل سوف تترسخ ريادة بكين كفاعل أساسي في النظام الدولي، كما أن غياب الدور الأمريكي سيُمكّن الصين من تعزيز نشر سرديتها، ما يجذب دولًا عديدة غير راضية عن النظام العالمي بقيادة واشنطن.

روسيا.. الفائز الحقيقي في الانتخابات الجورجية

انتخابات جورجيا

شهدت الانتخابات البرلمانية في جورجيا بتاريخ 26 أكتوبر الماضي، اتهامات واسعة النطاق بالتزوير، تضمنت شراء الأصوات والتصويت المتكرر ونشر معلومات مضللة بدعم روسي، وفق تقرير للمجلس الأطلسي.

ورغم إعلان اللجنة الانتخابية فوز حزب الحلم الجورجي بنسبة 54% من الأصوات، اعتبرت المعارضة النتائج غير شرعية ووصفتها الرئيسة سالومي زورابيشفيلي بأنها “عملية روسية خاصة”.

الانتخابات جسدت صراعًا محوريًا بين توجهين مختلفين؛ الأول تقوده المعارضة التي تسعى لإعادة جورجيا إلى مسار التكامل مع الاتحاد الأوروبي، وهو مسار يحظى بتأييد شعبي كبير يتجاوز 80%، والثاني تمثله الحكومة الحالية (المستقلة عن الرئيسة)، التي تدّعي دعم هذا التوجه لكنها تواجه اتهامات متزايدة بتقريب البلاد من موسكو عبر سياسات مشابهة لتلك المُعتمدة في روسيا.

وفي أعقاب الانتخابات، شهدت العاصمة تبليسي احتجاجات حاشدة طالبت بإجراء انتخابات جديدة، ودعت إلى تدخل غربي للتحقيق في “التزوير”.

ويرى تقرير المجلس الأطلسي أن روسيا هي المستفيد الأكبر من هذه الأزمة، حيث تستغل الانقسامات الداخلية في جورجيا لتعزيز نفوذها وتقويض تطلعات البلاد نحو “الديمقراطية” والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

ترامب.. نحو نهج جديد في «الذكاء الاصطناعي»

دونالد ترامب 1

من المتوقع أن تشهد ولاية الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الثانية تحولًا كبيرًا في السياسات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، ومن المرجح أن تلغي إدارة ترامب الأمر التنفيذي الذي أصدره بايدن في 2023 بشأن تنظيم الذكاء الاصطناعي، ما يعني تقليص الرقابة على الوكالات الحكومية وتبني سياسة أقل تشددًا.

أما في مجال الصادرات، فسيعزز ترامب القيود على تصدير تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة إلى الصين، مع التركيز على سد الثغرات التي تتيح للأسواق السوداء الوصول لهذه التقنيات، وفق تقرير لمؤسسة بروكينجز الأمريكية.

وإجمالًا، سيتجه ترامب نحو منافسة محتدمة مع الصين في مجال الذكاء الاصطناعي عبر التعاون مع الشركات الأمريكية في المجالات العسكرية والاستخباراتية، وفي نفس الوقت، سيقلل من تدخلات مكافحة الاحتكار، ما يسهل الاستحواذات بين الشركات الكبرى في القطاع، أما في مجال السيارات الذاتية القيادة، فمن المرجح أن تدعم الإدارة الجديدة هذه التكنولوجيا.

وإضافةً إلى ذلك، سيعمل ترامب على تقليل التشريعات المحلية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، عبر سن قوانين فيدرالية لتوحيد التشريعات، بشكل عام هذه السياسات سوف تساعد الشركات الأمريكية في الحفاظ على قدرتها التنافسية عالميًا.

تساؤلات حول فريق ترامب للأمن القومي

ترامب 3

أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، عن اختياراته لفريق الأمن القومي هذا الأسبوع، والذي يختلف بشكل ملحوظ عن اختياراته السابقة في فترة ولايته الأولى، وفق تقرير لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي.

هذه المرة، ركز ترامب على الأشخاص الذين يظهرون ولاءً شخصيًا له، وشملت اختياراته العديد من الأعضاء الحاليين والسابقين في الكونجرس، مثل النائب ميك والتز مستشارًا للأمن القومي، والسيناتور ماركو روبيو وزيرًا للخارجية، والنائبة إليز ستيفانيك سفيرةً لدى الأمم المتحدة، وغيرهم من الأسماء مثل تلسي جابارد كمديرة للاستخبارات الوطنية (مجمع الاستخبارات الأمريكي).

ورغم أن بعضهم يمتلك خبرات قوية في السياسة الخارجية، إلا أن معظمهم يفتقر إلى الخبرة العملية في المناصب التي جرى تعيينهم فيها، كما أن هذه التعيينات تثير تساؤلات بشأن قدرة المسؤولين الجدد على التعامل مع الأزمات الدولية، حيث تفتقر العديد من الشخصيات إلى الخبرات التنفيذية، والبعض الآخر يعارض السياسات الأمريكية التقليدية.

كما أن تركيز ترامب على الولاء الشخصي قد يفاقم من الفوضى داخل إدارته، خاصة مع وجود تباينات واختلافات في الرؤى السياسية ما قد يؤدي لصراعات داخلية تؤثر في نهاية المطاف على كفاءة عملية اتخاذ القرار، وعلى تبني سياسة خارجية رشيدة.

هل تستطيع أوروبا تحقيق استقلال أمني وعسكري؟

أوروبا

بعد فوز الرئيس الأمريكي المُنتخب دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية، بدأ الحديث عن ضرورة تعزيز استقلال أوروبا في مجال الأمن والدفاع، ورغم أن دول القارة قد زادت من إنفاقها العسكري، لا يزال هناك شعور بضعف التنسيق بين دول بارزة مثل ألمانيا وفرنسا.

هذه الدول تمتلك قدرات عسكرية ضخمة، لكن التنسيق بينها ضعيف، ما يجعل من الصعب بناء استراتيجية دفاعية موحدة، ومثّلت الحرب في أوكرانيا دافعًا قويًا لبعض الدول الأوروبية لتعزيز قدراتها العسكرية، مثل بولندا ودول البلطيق، ومع ذلك، يظل التهديد الروسي للأمن الأوروبي بشكل عام قائمًا، وفق تقرير لمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي.

ورغم جهود حلف الناتو لتعزيز التعاون بين أعضائه فإن التحدي الأكبر هنا هو توحيد مواقف الدول الأوروبية وتحقيق التعاون الدفاعي الفعّال وبناء منظومة قيادة مشتركة، وتقريب وجهات النظر حول المسائل الأمنية الكبرى.

تحقيق استقلال أمني وعسكري أوروبي يتطلب عدة خطوات، أهمها تقوية التعاون العسكري بين دول الاتحاد، بالإضافة إلى زيادة القدرة على التخطيط العسكري المشترك، ولتفعيل هذا التعاون، يتعين زيادة الاستثمار في التقنيات العسكرية الحديثة مثل الدفاع السيبراني والمُسيّرات والذكاء الاصطناعي، وزيادة ميزانية “الدفاع الأوروبي”.

ربما يعجبك أيضا