يستعرض مرصد مراكز الأبحاث لهذا الأسبوع تداعيات مقتل زعيم حماس، يحيى السنوار، على الحرب ومستقبل غزة ومسار التفاوض، والتحديات المتزايدة التي تواجه أوكرانيا مع تراجع الدعم الغربي واحتمال تغير السياسة الأمريكية بعد الانتخابات.
ويتناول المرصد أيضًا، مخاطر انخراط الولايات المتحدة في صراع دولي وعدم التفات الساسة لذلك، ودور “بريكس” المتنامي في إعادة تشكيل النظام الدولي، وجهود روسيا لتلافي أثر العقوبات عبر تطوير الروبل الرقمي.
اغتيال السنوار.. هل حانت لحظة «الدبلوماسية»؟
يرى تقرير صادر عن مركز الأمن القومي الإسرائيلي، أن اغتيال زعيم حماس، يحيى السنوار، يمثل تحولًا جذريًّا في الصراع، فقد كان مُمسكًا بزمام القيادة داخل حماس، كما حظى بدعم قوي من كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس.
وعلى مدار عام كامل، ركزت إسرائيل على استراتيجية “التفوق العسكري” ضد أعدائها، خصوصًا حماس وحزب الله، باعتبارها السبيل الوحيد لأي تقدم دبلوماسي، ومع مقتل السنوار، يرى المركز أن الفرصة باتت سانحة لـ “تغيير المعادلة”.
التقرير يشدد ختامًا على ضرورة أن تستغل إسرائيل هذه اللحظة لطرح مبادرة دبلوماسية مدعومةً بزخم الإنجازات العسكرية، وتتضمن المبادرة عدة مطالب أساسية، وهي: الإفراج عن الرهائن، وضمان ترتيبات أمنية جديدة تضمن إزالة أي تهديدات قادمة من غزة، وقد تبدي حماس التي تعيش حالة من الضعف مرونة في المفاوضات.
ما بعد السنوار.. مستقبل ضبابي ينتظر غزة
طرح تقرير مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، وجهة نظره حول مرحلة ما بعد زعيم حماس الراحل، يحيى السنوار، حيث يشدد بدايةً على أن الحرب لم تنتهِ لكنها دخلت مرحلة جديدة.
ويرجح التقرير أن مقتل السنوار قد يجعل الفصائل الفلسطينية أكثر تشددًا، كما أن زعيم حماس الراحل لم يكن يدير العمليات اليومية لأسباب أمنية، وبالتالي من غير المتوقع تدهور قدرة حماس على القتال، وبالنسبة لمسار التفاوض فإن غياب قائد موحد قد يُصعّب تحقيق هدنة شاملة، ما يجعل الموقف أكثر ضبابية وتعقيدًا.
أما فيما يتعلق بملف الرهائن فإن مصيرهم ما زال غامضًا، حيث تحتجزهم فصائل فلسطينية مختلفة وقد تتباين مواقفها، وربما قد يقوم البعض بإعدامهم انتقامًا وثأرًا للسنوار، بينما قد يحاول آخرون اللجوء لصفقات مستقبلة، وعلى كلٍ فإن الأمر مرهون بقدرة حماس على ملئ الفراغ الذي تركه السنوار.
وبالنسبة لـ “اليوم التالي لغزة”، لم تتضح المعالم بعد؛ ففي حين يُضعف مقتل السنوار حماس، إلا أن إسرائيل لم تقدم خططًا بديلة لمستقبل القطاع، بدلاً من الاحتلال العسكري الذي ستضغط القوى الدولية لإنهائه، كما ستدفع في اتجاه تسريع المسار السياسي، مع احتمالية منح دور للسلطة الفلسطينية.
فوز ترامب يُهدد أوكرانيا.. هل تُعدّل أوروبا المسار؟
تواجه أوكرانيا مستقبلاً مُبهمًا في ظل تراجع الدعم الغربي، خاصةً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وحال فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيكون ذلك خطرًا كبيرًا بالنسبة لكييف، فقد يذهب ترامب في مسار عقد محادثات مع الروس بشكل لا يرضي أوكرانيا ولا يفي بالحد الأدنى من مطالبها، وفق تقرير للمعهد الملكي للخدمات المتحدة.
وعلاوةً على ذلك؛ فإن الولايات المتحدة هي الداعم الأكبر لأوكرانيا، وبالتالي فإن تبنيها مسارًا آخر، قد يُضعف الموقف الدولي لأوكرانيا.
ويشعر الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي بتراجع المساندة الغربية، كما يبعد الصراع في الشرق الأوسط أوكرانيا عن دائرة الضوء.
لذا، يرى التقرير أن على أوروبا أن تأخذ زمام المبادرة، وتُأمن مكانتها في أي مفاوضات مستقبلية، وتسعي لضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ويشدد ختامًا على أن فشل هذا المسار سيؤدي لـ “ندم طويل الأمد” كما سيمثل على حد تعبير التقرير “خيانةً لأوكرانيا”.
مخاطر متزايدة.. على قادة أمريكا الاستعداد للحرب
قبل الانتخابات الأمريكية لعام 1940، كان الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، يتصرف كرئيس في “زمن الحرب” رغم أن الولايات المتحدة لم تكن قد انخرطت في الحرب العالمية الثانية بعد، وبالانتقال إلى عام 2024 تبدو السياقات التاريخية متشابهة إلى حدٍ ما، إلا أن استجابة الساسة الأمريكيين باتت مختلفة، حسب تقرير للمجلس الأطلسي.
وفي الخامس من نوفمبر المقبل، سيختار الأمريكيون رئيسًا في ظل ظروف “حرب فعلية”، وفق التقرير، ومع ذلك لم يقدم أيًّا من المرشحين، الديمقراطية كامالا هاريس أو الجمهوري دونالد ترامب، استراتيجية واضحة للتعامل مع التعاون المتزايد بين الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، وهو محور يمثل “خطرًا غير مسبوق”.
الصراع في أوكرانيا، وتزايد مخاطر اجتياح صيني لجزيرة تايوان، وتهديدات كوريا الشمالية، كلها عوامل تزيد من احتمالية انخراط الولايات المتحدة في صراع دولي شامل، وعلى الرغم من الحرب ليست حتمية، إلا أن التعقيدات الجيوسياسية تتطلب من أمريكا أن تكون مستعدةً لأي سيناريو، لكن ترامب وهاريس بمنأى عن كل ذلك.
كيف تُعبر بريكس عن تحوّل في النظام الدولي؟
تأتي قمة مجموعة بريكس في وقت يشهد فيه العالم تحولًا في توزيع القوة، مع تزايد تأثير الدول التي توصف بـ “القوى الوسطى” ما يعكس ظاهرة “تعدد الأقطاب” في النظام الدولي، كما تعد القمة المنعقدة من 22 إلى 23 أكتوبر 2024 برئاسة روسيا، فرصة لتعزيز موسكو موقفها الدولي وإظهار فشل العقوبات الغربية، وذلك وفق تقرير لمركز تشاتام هاوس البريطاني.
وتسعى أكثر من 30 دولة، بما في ذلك دول مثل تايلاند وماليزيا وفيتنام وتركيا والجزائر ونيجيريا، للانضمام للمجموعة، وتمثل الدول الأعضاء في بريكس 45% من سكان العالم و28% من الناتج الإجمالي العالمي، و47% من إنتاج النفط العالمي.
وشهدت التجارة البينية بين دول البريكس نموًا ملحوظًا، مع زيادة بنسبة 56% بين 2017 و2022، كل تلك الجوانب، تسلط الضواء على العوائد الاقتصادية من الانضمام للمجموعة.
وتوفر بريكس فرصًا للدول المتضررة من العقوبات الغربية، مثل روسيا وإيران، كما تسعى الصين بدورها إلى تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي الذي يعد أساساً للنظام المالي العالمي.
الروبل الرقمي.. هل يكون مخرجًا لروسيا؟
تواجه روسيا عقوبات شاملة من الدول الغربية بسبب الحرب مع أوكرانيا، ما أثر بشكل كبير على قدرتها على إجراء المُعاملات المالية الدولية، وفي هذا السياق طرحت روسيا “الروبل الرقمي” كأداة لتعزيز التجارة الدولية والتخفيف من تأثير العقوبات، وفق مركز كارنيجي للسلام الدولي.
وتبحث موسكو عن بدائل تشمل التعاون مع دول غير غربية واستخدام الأصول الرقمية والعملات المشفرة، لذلك تم طرح الروبل الرقمي، وقد بدأ البنك المركزي الروسي تطوير هذه الفكرة منذ عام 2020، أي قبل الحرب، وتم طرحه رسميًّا في أغسطس 2023 وسيتم إتاحة تداوله للجمهور على نطاق واسع بحلول 2025.
ويهدف الروبل الرقمي إلى تقديم وسيلة دفع رقمية آمنة ومدعومة من الدولة، مشابهة للعملات الرقمية الأخرى التي تصدرها البنوك المركزية، مثل اليوان الرقمي في الصين، بما يُمكن روسيا في نهاية المطاف من تجاوز القيود الغربية.
ورغم أن العقوبات المتعلقة بالتكنولوجيا لم تعطل تطوير الروبل الرقمي، فإن التحدي الرئيسي يكمن في كسب ثقة الجمهور والقطاع المصرفي، كما يحتاج الروبل الرقمي إلى تكامل سلس مع النظام المصرفي الحالي.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2020550